تلويح أميركي بالتوغل الاسرائيلي تسريعاً لجهود التهدئة جنوباً

زياد سامي عيتاني

توسع وتيرة المواجهات بين العدو الاسرائيلي و”حزب الله” على حدود لبنان الجنوبية، يقابله تصاعد المخاوف داخل الادارة الأميركية من توغل بري إسرائيلي محتمل أواخر الربيع المقبل داخل الأراضي اللبنانية. فقد كشف مسؤولون كبار في الادارة الأميركية ومسؤولون مطلعون على المعلومات الاستخبارية أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ومسؤولي المخابرات يشعرون بالقلق من مخططات إسرائيلية لتوغل بري في لبنان يمكن أن يبدأ في الأشهر المقبلة إذا فشلت الجهود الديبلوماسية في دفع “حزب الله” إلى التراجع عن الحدود الشمالية لاسرائيل، وفقاً للرغبة الاسرائيلية. وبحسب شبكة “سي إن إن” الأميركية، في حين لم يتخذ قرار إسرائيلي نهائي بعد، فإن القلق حاد بما فيه الكفاية داخل الادارة الأميركية لدرجة أن احتمال التوغل الاسرائيلي قد شق طريقه إلى الاحاطات الاستخباراتية لكبار المسؤولين في الادارة، وفقاً لشخص تلقى إحاطة وتم إخباره، مرجحاً أن تتم العملية في أوائل الصيف، مع تأكيده أن العملية العسكرية الاسرائيلية باتت احتمالاً واضحاً.

تأتي هذه المخاوف الأميركية في وقت تؤدي فيه واشنطن دور الوسيط الرئيسي في المناقشات الجارية حول وقف القتال في غزة، وفي الوقت نفسه تقود إدارة بايدن أيضاً مناقشات موازية مع المسؤولين الاسرائيليين واللبنانيين والتي في حال نجاحها ستنشئ منطقة عازلة داخل جنوب لبنان، بحسب المعلومات التي تتواتر مع زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت في إطار الجهود الديبلوماسية الرامية الى وقف تبادل إطلاق النار بين “حزب الله” وإسرائيل. مع الاشارة إلى تزامن زيارة المبعوث الأميركي إلى بيروت مع جهود وساطة مستمرة في القاهرة للتوصل إلى هدنة بعد أن كثفت الولايات المتحدة ضغوطها من أجل تنفيذ وقف النار، وإدخال المساعدات إلى الأراضي الفلسطينية المحاصرة، بحيث تقول واشنطن إن اتفاق وقف النار في غزة بات قريباً وتهدف إلى دخوله حيز التنفيذ مع بداية شهر رمضان أي بعد أسبوع.

وفي حال تم التوصل إلى اتفاق لوقف اطلاق النار في غزة، فإن ذلك سينعكس تهدئة على جبهة الجنوب، ربطاً بموقف “حزب الله”، الذي أكد علناً أنه سيوقف الهجمات على إسرائيل من لبنان حينما يتوقف الهجوم الاسرائيلي على غزة، وذكر أيضاً أنه مستعد لمواصلة القتال إذا ما واصلت إسرائيل أعمالها القتالية. ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن هذا الاتفاق من شأنه أن يؤجل على الأرجح التوغل الاسرائيلي.

وعلى الرغم من المساعي المبذولة لإقرار “هدنة رمضان” في غزة، فقد نقلت شبكة “سي إن إن” عن مسؤول أميركي كبير أنه سمع آراء متباينة داخل الحكومة الاسرائيلية حول ضرورة الذهاب إلى لبنان: “أعتقد أن ما تفعله إسرائيل هو أنها تثير هذا التهديد على أمل التوصل إلى اتفاق عن طريق التفاوض”. وبحسب المسؤول الأميركي فان “بعض المسؤولين الاسرائيليين يشير إلى أن هذا مجرد مجهود لخلق تهديد يمكنهم الافادة منه”، لكنه لا يخفي وجود وزراء ومسؤولين عسكريين داخل الحكومة والجيش الاسرائيليين يؤيدون التوغل.

الملاحظ أن هذه المواقف أتت بعدما دعت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي إلى التركيز على الديبلوماسية لإيجاد حل للتصعيد العسكري على الحدود اللبنانية الاسرائيلية، بعد تحذير إسرائيل من أنها ستواصل ملاحقة “حزب الله”. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر: “لا نريد أن نرى أياً من الجانبين يصعّد النزاع في الشمال”، مضيفاً أن “الحكومة الاسرائيلية أكدت لواشنطن خصوصاً أنها تريد تحقيق مسار ديبلوماسي”، حسب قولها.

يستنتج من المواقف التحذيرية للادارة الأميركية أن التوغل الاسرائيلي البري لجنوب لبنان، يندرج في سياق التهويل، بهدف الضغط لتغليب الحل الديبلوماسي، خصوصاً وأن إدارة بايدن تدرك تماماً مخاطر قيام الجيش الاسرائيلي بمثل هذه المغامرة، التي من شأنها أن تفجر صراعاً إقليمياً في المنطقة، خصوصاً وأن إيران لن تقف مكتوفة الأيدي، على الرغم مما يملكه “حزب الله” من قدرات عسكرية وإستخباراتية هائلة، كفيلة بأن لا تجعل من أي عملية توغل إسرائيلية مجرد نزهة لجيشها.

شارك المقال