بلينكن في المنطقة للدفع باتجاه هدنة جديدة تخفّف من خطر المجاعة

لبنان الكبير

في محاولة للدفع نحو هدنة في الحرب المتواصلة بين إسرائيل وحركة “حماس” في قطاع غزة، حيث باتت المجاعة تهدّد مئات الآلاف وتُواصِل عمليات القصف حصد عشرات القتلى بصورة يومية، يعود وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم الأربعاء إلى المنطقة، في زيارة هي السادسة منذ نشوب الحرب ويبدأها من  السعودية، على أن يزور غداً الخميس مصر الذي تؤدي مع الولايات المتحدة وقطر، دور الوساطة سعياً الى هدنة جديدة تتيح الافراج عن رهائن وزيادة كمية المساعدات التي تدخل القطاع.

وأعلنت وزارة الدفاع الاسرائيلية أن الوزير يوآف غالانت سيتوجه الى واشنطن الأسبوع المقبل في أول زيارة له الى الحليف الأوثق لاسرائيل منذ اندلاع الحرب.

وفشلت أطراف الوساطة في التوصل الى وقف لإطلاق النار قبل بدء شهر رمضان، لكن جولة جديدة من المباحثات بدأت الأسبوع الماضي تستند الى مقترح من حركة “حماس” يقوم في مرحلة أولى على هدنة لستة أسابيع مقابل الافراج عن رهائن محتجزين لديها، وإطلاق سراح معتقلين فلسطينيين في إسرائيل.

وأكدت الخارجية القطرية الثلاثاء أن المباحثات تتواصل بين “الفرق الفنية” على الرغم من مغادرة رئيس جهاز الموساد الاسرائيلي ديفيد برنيع الدوحة.

الا أن “حماس” اتهمت الثلاثاء، على لسان رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، إسرائيل بالعمل على “تخريب” المفاوضات من خلال عمليتها المستمرة منذ فجر الاثنين في مجمع الشفاء الطبي ومحيطه في مدينة غزة بشمال القطاع.

وأكد الجيش الإسرائيلي أنه أطلق العملية إثر ورود معلومات عن وجود عدد من قادة حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في المجمع الطبي، وهو الأكبر في القطاع. وأعلن اليوم الأربعاء أنه قتل “ما يزيد عن 90 مخرباً”، واعتقل المئات وقام بـ”تحويل ما يزيد عن 160” منهم للتحقيق في إسرائيل.

“عدوان وتخريب” في الشفاء

من جانبها، أكدت وزارة الصحة التابعة لـ “حماس” أن بين المعتقلين “كوادر طبية ومصابين ومرضى” في المستشفى الذي كانت القوات الاسرائيلية قد اقتحمته مرة أولى في تشرين الثاني.

ومنذ توغل عشرات الدبابات والعربات المدرعة في الرمال والنصر وصولاً إلى تطويق مجمع الشفاء، تتعرض هذه الأحياء للقصف الذي حوّل عشرات المنازل إلى ركام وأرغم ساكنيها على الفرار. 

وقال مكتب الاعلام الحكومي لـ “حماس”: “الاحتلال يواصل لليوم الثالث عدوانه باقتحام مجمع الشفاء الطبي وتخريب أقسامه كافة وتجريف الساحات والممرات والأسوار، واعتقال المئات واحتجازهم”.

وأكد المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل أن “الاحتلال أجبر عشرات المرضى وحالتهم صعبة على مغادرة مجمع الشفاء وقام مواطنون بنقلهم إلى المستشفى المعمداني في البلدة القديمة”.

وسبق للجيش أن نفّذ عمليات في عدد من مستشفيات القطاع، متهماً “حماس” بالاحتماء فيها، فيما تنفي الحركة ذلك.

وعبّرت منظمة الصحة العالمية عن “قلق بالغ” من استهداف المشافي التي تعمل بالحد الأدنى من طاقمها وتعاني نقصاً كبيراً في المستلزمات الأساسية.

الجوع “جريمة حرب”

ولا تكفّ هيئات الإغاثة والأمم المتحدة عن التحذير من خطر المجاعة في القطاع حيث يقيم نحو 2,4 مليون نسمة. وقال بلينكن في الفليبين: “كل سكان غزة يعانون من مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وهي المرة الأولى التي يتم فيها تصنيف شعب بأكمله على هذا النحو”.

وعن دخول المساعدات، أشار الى أن “ذلك يؤكد فحسب أهمية وضرورة أن يكون ذلك الأولوية”، مضيفاً: “نحتاج الى المزيد والى أن يكون ذلك مستداماً، ونريد أن يكون ذلك أولوية إذا أردنا الاستجابة بفاعلية لاحتياجات السكان”.

وحذّر تقرير أعدته وكالات متخصصة في الأمم المتحدة من أنه من دون زيادة المساعدات وتنظيم توزيعها، ستضرب المجاعة 300 ألف شخص في شمال غزة خلال أسابيع.

وأعلنت الأمم المتحدة الثلاثاء أن القيود الصارمة جداً التي تفرضها إسرائيل على دخول المساعدات إلى القطاع واحتمال استخدامها التجويع كسلاح، “يمكن أن تشكل جريمة حرب”.

وحضّت الولايات المتحدة إسرائيل على السماح للمفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) فيليب لازاريني بدخول القطاع، بعد منعه من ذلك.

وقال لازاريني الثلاثاء في القدس: “في الواقع، يعتمد جميع سكان غزة اليوم على المساعدات الغذائية، لكن أكثر من نصف السكان اليوم هم عند ما يسمى مستوى حرج من الجوع”.

ورأى أن “العائق الرئيسي” أمام المساعدات “هو غياب الارادة السياسية”، موضحاً أنه قبل الحرب كان يدخل الى غزة ما بين “500 إلى 700 شاحنة يومياً… واليوم، يدخله 100 أو 150 شاحنة”

غالانت الى واشنطن

وتشكل قضية المساعدات الانسانية ملفاً أساسياً بعد خمسة أشهر على بدء الحرب. وتتحكم إسرائيل بدخول المساعدات، وهي تؤكد أنها تتيح دخول كميات كافية. وفي ظل صعوبة إدخالها برّاً، لجأت دول عدة إلى إلقائها من الجو، وتمّ تدشين ممر بحري من قبرص أبحرت عبره سفينة واحدة الأسبوع الماضي. لكن المنظمات الانسانية تؤكد أن هذه الحلول لا تعوّض عن الممرات البرية.

ويتوقع أن تكون المساعدات ضمن ملفات البحث خلال زيارة غالانت الى واشنطن الأسبوع المقبل، والتي لم يُكشف موعدها بدقة.

وأعلنت وزارة الدفاع الاسرائيلية أن غالانت سيبحث مع نظيره الأميركي لويد أوستن تطورات الحرب و”مجالات التعاون العسكري الثنائي والقضايا الإنسانية”.

وأكد مسؤول في البنتاغون أن أوستن سيناقش مع غالانت “الجهود المبذولة لضمان إطلاق سراح جميع الرهائن الذين تحتجزهم حماس، والحاجة إلى إيصال مزيد من المساعدات للفلسطينيين، وخططاً لضمان سلامة أكثر من مليون شخص لجأوا إلى رفح مع ضمان أن حماس لم تعد قادرة على تشكيل تهديد لإسرائيل”.

وأشار المصدر الى أن زيارة غالانت “منفصلة” عن أخرى سيقوم بها وفد عسكري واستخباري اسرائيلي، بناء على اتصال بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وكان مكتب الأخير أعلن أنه سيرسل وفداً “بناء على طلب الرئيس الأميركي” للبحث في الهجوم البري الذي يلوّح به منذ أسابيع في رفح. ويؤكد رئيس الوزراء أن هدفه المعلن بـ”القضاء على حماس” لا يمكن تحقيقه من دون عملية برية في رفح، التي أصبحت الملاذ الأخير لأكثر من 1,5 مليون نازح، بحسب الامم المتحدة.

وأثار ذلك قلقاً دولياً واسعاً على مصير المدنيين في رفح. وأكد بايدن أنه طلب من نتنياهو إرسال فريق لبحث سبل تجنب عملية واسعة النطاق في المدينة.

ميدانياً، تواصل القصف والغارات الجوية والمعارك. وأفاد مكتب الاعلام الحكومي لـ “حماس” بأن الجيش الاسرائيلي “نفذ عشرات الغارات الجوية الدموية، في مدينة غزة والنصيرات ومناطق متفرقة في القطاع”.

بدوره، تحدّث الجيش عن مواصلة عملياته في شمال ووسط مدينة غزة وفي خان يونس والقرارة في الجنوب.

وأفادت وزارة الصحة صباح اليوم الأربعاء عن سقوط “104 شهداء و162 إصابة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية”، مؤكدة أن العشرات من هؤلاء قضوا في قصف استهدف منزل عائلة الهباش في مخيم النصيرات وسط القطاع، ومبنى سكنياً غربي مدينة غزة.

وفي كندا، أفاد مسؤول حكومي بأن أوتاوا ستوقف تصدير الأسلحة لإسرائيل.

وقال المسؤول طالباً عدم الكشف عن اسمه: “الوضع على الأرض يمنعنا من تصدير أي معدات عسكرية”.

وندد وزير الخارجية الاسرائيلي بالقرار، معتبراً أن “التاريخ سيحكم على تصرف كندا الراهن بقسوة”.

شارك المقال