الغارات على بعلبك لاستهداف خط الامداد الايراني عبر سوريا

زياد سامي عيتاني

للمرة الثالثة يغير طيران العدو الاسرائيلي على مدينة بعلبك شرقي لبنان، وذلك منذ إعتماد “حزب الله” جنوب لبنان ما أسماه “جبهة مشاغلة”، دعماً لحرب الإبادة الاجرامية التي يشنها جيش الاحتلال على غزة. فقد استهدف الطيران المعادي ليل السبت الأحد بلدة العسيرة في خراج مدينة بعلبك، الواقعة على بُعد نحو 100 كيلومتر من الحدود الاسرائيلية اللبنانية، إثر هدوء نسبي. وزعم المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر منصة “إكس” أن قواته أغارت على “ورشة تحتوي على وسائل قتالية لحزب الله الارهابي في بعلبك، كما استهدفت المنصات التي استخدمت لاطلاق القذائف نحو الأراضي الاسرائيلية”.

وهذه الغارة الثالثة التي يشنها الجيش الاسرائيلي على مدينة بعلبك. ففي 26 شباط الماضي، شنّ سلسلة غارات عليها، رداً على إسقاط “حزب الله” مسيّرة من طراز متطور من نوع “هرمز 450” بصاروخ أرض-جو فوق منطقة إقليم التفاح، الواقعة على بعد نحو 20 كيلومتراً من الحدود. وهو ما أشار، وفق مراقبين، إلى استعراض “حزب الله” عينة من قدراته العسكرية وتحديداً الجوية. وفي 11 آذار الجاري شن الطيران الاسرائيلي غارات استهدفت بعلبك، وطالت إحداها المدخل الجنوبي للمدينة، وكانت على بعد كيلومترين تقريباً عن المعالم الأثرية، فيما وقعت 3 غارات بين طاريا وشمسطار غرب بعلبك.

مع عزم إسرائيل وإمعانها في ضرب أهداف لـ “حزب الله” ومنشآت وبنى تحتية له خارج الجنوب، تُطرح تساؤلات كثيرة حول أسباب إدخال مدينة بعلبك تحديداً في دائرة المواجهات المستمرة بين الحزب والجيش الاسرائيلي في الجنوب منذ ستة أشهر، وهي التي تبعد أكثر من 100 كيلومتر عن الحدود الجنوبية؟

بعلبك رمزياً تشكل مهد إنطلاقة “حزب الله” عام 1982، لكن أهميتها الاستراتيجية له تكمن في أنها صلة الوصل بين الداخل السوري وامتداده إلى العمق الايراني وجبهة جنوب لبنان، حيث أن شاحنات الذخيرة والأسلحة للحزب تمرّ بصورة شبه يومية على الحدود الشرقية مع سوريا آتية من إيران عبر البرّ، وهي شاحنات مدنية تعبر الحدود بحريّة من دون أن يوقفها أحد. كما أن بعلبك تحتضن العديد من مخازن الأسلحة الصاروخية الثقيلة والبعيدة المدى والذخيرة ومصانع المسيّرات للحزب، بالاضافة إلى مراكز التدريب للعناصر المنتشرة في جرودها وجرود الهرمل وعيون السيمان.

لذلك، فإن التركيز الاسرائيلي اليوم على استهداف المراكز اللوجيستية التي تمدّ “حزب الله” بالذخيرة على أنواعها والمنتشرة بأكثريتها في محافظة بعلبك-الهرمل. إلا أن الحزب أخلى معظم مراكزه “المعروفة”، وذلك منذ دخول بعلبك في دائرة الاستهدافات، وبالتالي لجأ كبار قادته الميدانيين إلى الاقامة في شقق ومنازل في مناطق غير محسوبة عليه لا طائفياً ولا سياسياً، تجنّباً للاستهداف الاسرائيلي.

تعتبر الغارات على بعلبك، بسبب موقعها في العمق اللبناني، هي الأهم والأخطر في مندرجاتها العسكرية المتصاعدة وتيرتها، منذ الغارة الجوية التي استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت في أوائل كانون الثاني، وأسفرت عن إغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لـ “حماس” صالح العاروري مع ستة من مرافقيه، بحيث تبدو إسرائيل عازمة على ضرب أهداف “حزب الله” وخطوط الامداد العسكري له خارج الجنوب.

لكن هل الغارات العسكرية في العمق اللبناني، تقتصر على وضع خط الامداد العسكري لـ “حزب الله” خارج الخدمة، أم أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بحاجة للهروب إلى الأمام وتحقيق إنجازات تقيه شرّ المحاكمة بعد انتهاء الحرب؟ لذلك من الممكن توسيع دائرة الحرب على لبنان لتشمل مناطق أخرى غير الجنوب وتبعد مئات الكيلومترات عن الحدود.

شارك المقال