استهداف مستشفيات غزة “كابوس لا ينتهي” ومشروع قرار جديد للهدنة

لبنان الكبير

يواصل الجيش الاسرائيلي محاصرة ثلاثة مستشفيات في شمال وجنوب قطاع غزة تحت وابل القصف والغارات الجوية التي لا تهدأ لليوم الواحد والسبعين بعد المئة من حربه مع حركة “حماس”، مخلفة عشرات الضحايا فيما يستعد مجلس الأمن للتصويت على مشروع قرار جديد يدعو لهدنة خلال شهر رمضان.

ومشروع القرار الذي يطرح للتصويت اليوم الاثنين ويدعو لوقف “فوري” لإطلاق النار و”الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن”، هو نتيجة مفاوضات مع الولايات المتحدة لتجنب فشل آخر بعد أن أحبطت روسيا والصين مشروع قرار أميركياً لا يدعو بصورة مباشرة لوقف إطلاق النار.

ويدين مشروع القرار الجديد “كل الأعمال الإرهابية” لكنه لا يأتي على ذكر هجمات “حماس”، ومع ذلك توقع ديبلوماسي الأحد أن “لا تصوت واشنطن ضده”.

وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال الفلسطينية محمد اشتيه اليوم الاثنين: “آمل أن ترتقي جميع الدول إلى مستوى شلال الدم النازف في غزة، وأن يتم التصويت بالإجماع على مشروع القرار، وإلزام اسرائيل بتنفيذه”.

وأكد أن “تصرف إسرائيل الإجرامي كدولة مارقة فوق القانون، وكدولة مجرمة، يجعل من يقف معها شريكاً في الجريمة. مطلوب من الولايات المتحدة والدول الأعضاء الدائمة عدم استخدام الفيتو بحق القرار… مطلوب وقف تزويد اسرائيل بالسلاح والمال، مطلوب وقف ازدواجية المعايير”.

وأعلنت وزارة الصحة التابعة لـ “حماس” اليوم الإثنين ارتفاع حصيلة القتلى إلى 32333 قتيلاً و74694 جريحاً معظمهم من الأطفال والنساء في القطاع بعد خمسة أشهر ونصف من الحرب.

وأكد الجيش شن عشرات الغارات في مناطق متفرقة من القطاع ومواصلة عملياته لليوم الثامن في مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة ولليوم الثاني في مستشفى الأمل ومحيطه في خان يونس جنوباً، مؤكداً أنه قتل عشرين مقاتلاً في اشتباكات وضربات جوية في المنطقة من حيث أجلى مئات السكان الأحد.

وأشار الهلال الأحمر الفلسطيني الى أنّ “قوات الاحتلال تحاصر كلّاً من مستشفى الأمل ومستشفى ناصر” الذي يبعد عنه 1,5 كلم في خان يونس “وسط قصف عنيف جداً وإطلاق نار كثيف”، مؤكداً أن “جميع طواقمنا تحت الخطر الشديد حالياً ولا تستطيع الحركة نهائياً”.

وطالبت الجمعية “بتوفير ممر إنساني آمن لاجلاء الجرحى والطواقم” من مستشفى الأمل الذي أغلق الجنود بوابته بعد أن “أجبرتهم قوات الاحتلال مساء الأحد على إخلائه”.

وقالت إن الطاقم والجرحى لم يتمكنوا من المرور “بسبب عملية التجريف الواسعة وتدمير البنية التحتية”. وأوضحت أن اثنين من أفرد الطاقم أصيبا بجروح “عندما أطلق الجيش النار عليهما لدى محاولتهما إزالة الركام من الطريق”.

وأعلن الاعلام الحكومي التابع لـ “حماس” أن القصف المدفعي المكثف استهدف محيط مستشفى الأمل ومجمع ناصر، أكبر مستشفيات جنوب القطاع، كما استهدف الطوابق العليا في الشفاء والمباني المجاورة، في مدينة غزة.

وقال الجيش الاسرائيلي إنه اعتقل نحو 500 شخص وصفهم بأنهم “على صلة بحماس والجهاد الاسلامي” وعثر على أسلحة في مجمع الشفاء. وذكر في بيانات سابقة أنه قتل 170 مقاتلاً اشتبك معهم داخل المجمع وفي الأحياء المحيطة التي اقتحمها بالدبابات فجر 18 آذار.

وطلب الجيش عبر مكبرات الصوت من الكادر الطبي والمرضى وجميع من يحتمون في مجمع الشفاء إخلاءه فوراً، لكن كثيرين قالوا إنهم “يخافون من إطلاق النار عليهم أو اعتقالهم إذا خرجوا”.

وأفاد شهود عيان في المنطقة وكالة “فرانس برس” عن “احتجاز عشرات المواطنين بينهم أطفال وإجبارهم على خلع ملابسهم وتقييدهم والاعتداء عليهم بالضرب والتنكيل بهم، وإرغام عشرات النساء والأطفال على النزوح سيراً على الأقدام إلى المواصي في جنوب القطاع” لمسافة لا تقل عن 30 كيلومتراً.

وأعلن الاعلام الحكومي أن الجيش “نسف بالمتفجرات أكثر من 19 منزلاً ومبنى سكنياً وتجارياً في حي الرمال”، متحدثاً عن اشتباكات عنيفة في المنطقة تركزت في حي الرمال وتل الهوى ومخيم الشاطئ.

وقالت وزارة الصحة: “وصل خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية إلى المستشفيات 107 شهداء، غالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السن، في مجازر الاحتلال وحرب الإبادة بحق المدنيين العزل، وما زال عشرات المفقودين وبينهم أطفال تحت الأنقاض”.

وتحدثت عن مقتل 26 شخصاً وإصابة العشرات في غارات استهدفت خمسة منازل في رفح، وعن مقتل 18 شخصاً لدى استهداف منزل عائلة سلمان في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة.

وقالت السبعينية هدى عمر التي أصيبت إثر قصف منزل مجاور لمنزلها في رفح: “لم يمر علينا مثل هذه الحرب… هذه إبادة ومسح يريدون التخلص منا”.

وأضافت: “إن قتل المدنيين والأطفال طبيعتهم، هم كذلك، حتى يمسحوا فلسطين وخريطة فلسطين عن وجه الأرض… كل هذا حتى نهاجر، لن نهاجر سنبقى في الخيم. اذا متنا سنموت شهداء واذا عشنا سنعيش بكرامة في بلادنا”.

وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) الأحد أن إسرائيل منعتها نهائياً من توصيل مساعدات إلى شمال قطاع غزة حيث يُقدر أن 300 ألف شخص ما زالوا فيه وهم محرومون من مياه الشرب ولا يجدون ما يأكلونه.

وقال المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني: “على الرغم من المأساة التي تتكشف أمام عيوننا، أبلغت السلطات الاسرائيلية الأمم المتحدة بأنها لن توافق بعد الآن على إرسال أي قوافل غذائية تابعة للأونروا إلى الشمال. هذا شائن ويعني تعمد عرقلة المساعدة المنقذة للحياة في ظل مجاعة من صنع الإنسان”.

وأكدت المتحدثة باسم “الأونروا” جولييت توما لـ “فرانس برس” أن إسرائيل لم تقدم أي تبرير لهذا القرار، موضحة أن “الأونروا” لم تتمكن من إيصال الغذاء إلى الشمال منذ 29 كانون الثاني.

لكن إسرائيل قالت اليوم الاثنين إن الأونروا “تخلت منذ فترة طويلة عن دورها في تسهيل وصول المساعدات إلى شمال غزة. نعمل مع منظمات الإغاثة ووكالات الأمم المتحدة الأخرى لتسهيل تقديم كميات كبيرة من المساعدات إلى الشمال”.

ومع مواصلة الغارات التي تخلف دماراً هائلاً في ما وصفه الأمين العام للأمم المتحدة بأنه “كابوس لا ينتهي”، يقوم وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت بزيارة الى واشنطن تتمحور حول الحفاظ على تفوّق إسرائيل العسكري في الشرق الأوسط و”سبل تحقيق أهدافنا المشتركة: الانتصار على حماس وإعادة الرهائن إلى ديارهم”.

وتقول إسرائيل على الرغم من معارضة دولية بما في ذلك من حليفتها الوثيقة واشطن إن ذلك لن يتحقق سوى بشن هجوم بري على مدينة رفح، حيث يتجمع نحو 1,5 مليون فلسطيني وفقاً للأمم المتحدة، غالبيتهم نازحون جراء الحرب.

وصعّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لهجته الأحد تجاه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، مجدداً معارضته شن هجوم على رفح. وقال إن “النقل القسري للسكان يشكل جريمة حرب”.

شارك المقال