بكركي وبنود وثيقتها

لينا دوغان
لينا دوغان

من المعروف تاريخياً أن علاقة بكركي بلبنان هي علاقة وجودية، فهي تعتبر أن عليها التحرك من منطلق دورها وموقعها، حين يحصل أي شيء يكون مخالفاً للدستور والكيان اللبناني.

والهم الرئيسي لبكركي في هذه المرحلة بالذات هو كيف سيعيش لبنان في ظل المرحلة الخطرة التي يمر بها والتي لم يسبق لها مثيل في تاريخه. من هنا وعلى هذا الأساس ترى المرجعية الكنسية المارونية أنه يجب العمل على بقاء البلد متمايزاً في العالم العربي والمشرقي كما أراده الآباء والأجداد المؤسسون.

قبل ٨ تشرين الأول ٢٠٢٣ تشكلت لجان في بكركي لمتابعة أمور المسيحيين خصوصاً وأمور البلد عموماً، لكن بعد حرب غزة ودخول “حزب الله” جنوباً في المعركة مساندة لغزة، اختلفت محاور النقاش وبحسب المحامي والمحلل السياسي جوزيف أبو فاضل، أصبح العنوان كالتالي: المسيحيون في لبنان الى أين؟ وأهم محاور هذا العنوان هي: لبنان بين الحياة والموت، المسيحيون في لبنان والحاجة الى التلاقي، يتخللها الحديث عن الشراكة المسيحية-المسيحية وأيضاً الشراكة المسيحية مع الفرقاء كافة في الوطن أو الشركاء اذا صح التعبير.

ما سُرّب عن وثيقة بكركي لم يكن نهائياً، إذ إنها ستتضمن المزيد من النقاط حول الأخطار المحدقة بلبنان والوجود المسيحي فيه، من هنا يرى أبو فاضل أن من المتوقع أن تكون الوثيقة مليئة بالبنود ويمكن أن تتطرق الى موضوعي خطورة النزوح السوري وتوطين اللاجئين الفلسطينيين، بالاضافة الى الخلاف المسيحي-المسيحي على صعيد الأحزاب السياسية ومنها يتفرع أمران: الأول فراغ الحضور المسيحي في مؤسسات القطاع العام والثاني التحالفات السياسية خارج الثوابت الوطنية، من هنا تتظهر العناوين العريضة للقاء بكركي وعلى أساسها ستصدر الوثيقة، لأن بكركي كانت ولا تزال تطالب بوجوب انتخاب فوري لرئيس الجمهورية بحيث لا يجوز أن يبقى الموقع المسيحي الماروني الوحيد فارغاً، أيضاً ستتحدث الوثيقة عن قضية السلاح خارج المخيمات وداخلها لتشمل سحب السلاح غير الشرعي من كل لبنان، وعن عملية ضرورة ضبط الحدود وبسط سلطة الدولة فعلاً وليس قولاً على كامل الأراضي اللبنانية.

ويرى أبو فاضل أن هذه الوثيقة ستكون بطبيعة الحال موجهة الى فريق معين من اللبنانيين وهو فريق الممانعة بكل أطرافه والذي يترقب صدور الوثيقة ويعتقد أنها ستكون مشابهة لوثيقة بعبدا مع التركيز أكثر على السلاح والاستراتيجية الدفاعية وتطبيق القرار ١٧٠١ كاملاً من دون مبررات، وسيكون رد الفريق الممانع عليها بأن لجنة خماسية لم تتوصل الى حل موضوع رئيس الجمهورية، فهل اجتماع بكركي سيحل ما عجزت عنه الدول الخمس؟

من هنا نفهم عدم حضور تيار “المردة” لقاء بكركي، خصوصاً وأن هدف الاجتماع سيكون في النهاية الإتيان برئيس جمهورية بالتنسيق مع وثيقة بكركي، وعلى الرغم من الحضور المسيحي بكل فئاته الا أن المسيحيين لا يزالون مختلفين لا سيما وأن “القوات” متمسكة بكل شروط الوثيقة وهذا ما يربك جبران باسيل مع “حزب الله”، فهو اذا خرج من تحالفه مع الحزب، لن يقبله الفريق الآخر إلا خصماً للحزب، وهو لن يستطيع أن يفعل ذلك كما يقول أبو فاضل، لأنه سيضعف أكثر وكل ما يفعله باسيل هو رفع سعره عند “حزب الله” والتخلص نهائياً من ترشيح سليمان فرنجية وهي النقطة الوحيدة التي يتقاطع فيها باسيل مع سمير جعجع وسامي الجميل وأيضاً لحسابات مناطقية.

بكركي التي ترى أن لبنان بلا رئيس جمهورية بلد يتحلل ومؤسساته ويهمها الوجود المسيحي فيه، هي على توافق مع جميع الأطراف ومن بينها تيار “المردة”، وهذا ما يؤكده أبو فاضل بقوله: “إن علاقة بكركي بالوزير فرنجية جيدة جداً وكل التساؤلات حول هذه العلاقة غير موجودة، بل أكثر من ذلك إذ قالها البطريرك بشارة الراعي أمام اللجنة الخماسية، لا يمكن لأحد المزايدة على مارونية سليمان فرنجية ووطنيته”.

البطريرك الراعي لم يكن يوماً ضد وصول فرنجية الى سدة الرئاسة وهو كلام حصل بين الرجلين، لكن فرنجية يرى ضرورة عدم الاستفراد بفريق الممانعة كونه فريقاً كبيراً في لبنان.

وثيقة بكركي ستخرج الى العلن قريباً، وهناك أجواء توحي بأن البطريرك الذي حرص على ترؤس اللقاء وأعطاه الصفة الشرعية الكنسية، سيرفع السقف تماشياً مع الوثيقة التي ستبصر النور قريباً.

شارك المقال