الجنوب والعد العكسي

لينا دوغان
لينا دوغان

جنوب لبنان يعود الى الواجهة من عدة بوابات آخرها مجزرة الهبارية ومجزرتا الناقورة وطيرحرفا، مع استمرار القصف الذي لم يهدأ يوماً، حتى بات معظم القرى الحدودية مدمراً دماراً لا يختلف أبداً عن دمار غزة، كما ينقل شهود عيان رأوا بأم العين مشاهد المنازل التي سواها قصف العدو بالأرض، وقرى خالية ونزوحاً كبيراً.

الجنوب سيكون حديث المرحلة المقبلة بعد شهر رمضان المبارك، بحيث تشير التوقعات الى امكان حصول ضربة كبيرة، لكن الرئيس التنفيذي لـ statistics Lebanon ربيع الهبر، يرى أن ما يجري في الجنوب غير طبيعي، لأنه خارج الاطار الوطني الجامع، فـ “حزب الله” اتخذ قراراً بدعم غزة، منفرداً من دون العودة الى أي مكون لبناني رسمي أو غير رسمي، وبالتالي فإن تبعات ما يقوم به سيتحمله الرسمي وغير الرسمي، وهذه التبعات هي على أهل الجنوب أولاً لكنها في الوقت نفسه على موقع لبنان وعلاقاته بالدول الأخرى مروراً بالاقتصاد والنقد والسياحة والأعمال والعلاقات الديبلوماسية والانتظام العام الاداري والدستوري في البلاد.

لكن الكلام عن عدوان إسرائيلي واسع مرتبط بما نسمعه من تصاريح وتهديدات عن استعدادات عسكرية جواً أو براً، ينبئ بحسب الهبر، بامكان حصول عدوان على الأراضي اللبنانية لا يتناسب مع ما قام به “حزب الله” من ضربات محددة ومدروسة ضد الجيش الاسرائيلي. من هنا لا يمكن معرفة التوقيت أو الزمان لاعتداء اسرائيلي أوسع على لبنان، فالاعتداءات طالت حتى الساعة الهرمل وبعلبك والبقاع الغربي وصيدا ناهيك عن الجنوب، ما يؤكد النوايا الخبيثة والمبيتة لاسرائيل، وهنا، مع أن “حزب الله” يملك الحرية كما هو ظاهر لتقويم الوضع واتخاذ القرارات المناسبة عسكرياً، لكن دخوله في حرب واسعة تصل الى العمق الاسرائيلي لا بد من أن تتطلب تشاوراً مع الجانب الايراني، لأن ذلك قد تكون له انعكاسات سلبية تدخل المنطقة في أتون حرب غير معروفة الاتجاه تنزلق اليها ايران، في ظل وجود قوي للدول العظمى في الاقليم.

وعن قرب التوصل الى حل لحرب غزة وتطورات الجنوب، يرى الهبر أن هذه الحرب التي تمتد من الحدود الفلسطينية المصرية وصولاً الى اليمن مروراً بسوريا ولبنان والعراق والأردن، يبدو أنها ستكون طويلة جداً لا بل ستكون بداية لحرب طويلة الأمد ونكون في بداية زمن الحرب الطويلة الذي ربما يكون نهاية السلم الذي خبرناه بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.

يكمل الهبر ليستعرض طريق الحرير وحرب الشرق على الحدود الأوكرانية الروسية التي برأيه من الممكن أن تصبح حرب الغرب والشرق، التي بدأت ملامحها ترتسم مع دعم الاتحاد الأوروبي والولايات لأوكرانيا وصولاً الى محاولة ايران السيطرة على باب المندب والتلويح بإغلاق مضيق جبل طارق من البوليساريو التي تعيد إيران إحياءها وتدعمها.

صحيح أن إيران ومعها “حزب الله” تحكمهما العقيدة، إلا أن عقيدة إسرائيل لا بد من قراءتها بنظر الهبر، لأنها عقيدة متشنجة ومتطرفة لفهم المنطق الصهيوني الآيل الى جعل إسرائيل من الفرات الى النيل، يقابله المنطق الفارسي الباطني القائل باستعادة مجد قوروش الفارسي وايديولوجية “حزب الله” القائلة بمقاتلة إسرائيل حتى النهاية، والتي تشكل ودائماً بحسب الهبر المتشائم ، بدايات المعركة المنتظرة والتي بدأ التحضير لها منذ سنوات عديدة أي منذ بداية الثورة الايرانية في العام 1979.

في الخلاصة يقول الهبر: “سنعلم أننا لا نزال في البدايات والحرب ستستمر ولو هدأت بترتيبات لمدد قصيرة لأسباب إنسانية، فالحرب بدأت ولا شيء سيوقفها”.

ويبقى السؤال الكبير المطروح، هل نحن فعلاً أمام هذه الحرب المفتوحة أم سنكون أمام مقترح حل ستشهده غزة وبالتالي الجنوب حيث يُحكى عن الوصول مع “حزب الله” الى منطقة فاصلة؟

شارك المقال