ليس للحكاية نهاية

الراجح
الراجح

الفلسطيني، صغيراً كان أم كبيراً، فهُو المؤتمن على سرد حكاية فلسطين وشعبها من دير ياسين إلى غزة إلى الضفة، مروراً بسوريا والأردن ولبنان. حكاية لا تنتهي…

المؤلم أن هذا الفلسطيني بمثله الآن واهم ومغامر. فترى الواهم يسعى وراء أوهامه والمغامر مؤمن بأن “التنظيم” أهم بكثير من بقاء الشعب!

إنّ النظام الاجتماعي الفلسطيني لم يُكسر من الداخل بل من مجموعة من التدخلات الخارجية، وخصوصاً في السنوات الثلاثين الأخيرة. ومع ذلك، بقيت سيادة لنوع من الاتصال حافظ هذا المجتمع من خلاله على طابعه الوطني والفلسطيني على الرغم من خلع النعال في طهران… بقي كذلك بمقوماته كلها وعلى رأسها موقع منظمة التحرير التي ضعفت سلطتها أحياناً وقويت أحياناً أخرى. لكن لم يحدث قبل هذه المرحلة التي نمر بها الآن أن جاء طرف لا يمثل حكمه إلا مغامرته الخاصة وهو يعلم سلفاً أنها غير قابلة للاستمرار. إننا أمام ترسيخ ثقافة قائمة على لونين لا ثالث لهما، الأبيض والأسود. وليس هناك ظلال. بل إننا أصبحنا أمام هيئة الأمر بالتأييد والنهي عن النقد… إنه الفكر نفسه الذي صنع محاكم التفتيش في إسبانيا منذ عشرات السنين، وهذا الفكر هو خلاصة الايديولوجية السائدة لكل محور المقاومة.

بعد ما يقارب المئة ألف ساعة من الحوار بين الفصائل، وتحديداً بين “فتح” و”حماس”، انتهت جميعها بالإعلان عن إيجابية الحوار واللقاء والاتفاق على المواصلة. وكان آخرها في موسكو على وقع حرب الإبادة للشعب الفلسطيني في غزة وحرب الإخضاع في الضفة الغربية. وانتهت كسابقاتها من الاجتماعات التي بدأت في الجزائر ومرت على مكة والقاهرة.

بعيداً عن آلاف القتلى وعشرات آلاف الجرحى والدمار، بقي موقف “حماس” على حاله: ما هو دورنا وحصتنا في السلطة بعد وقف إطلاق النار ووقف الحرب؟

إن استمرار نهج المحاصصة واقتسام النفوذ يأخذني إلى إحدى روايات الأديب موسى عباس القصيرة وعنوانها “قسمة الخراب”. و”بجهود خيّرة اتفق أميرنا وأميرهم على وقف مؤقت ومشروط لإطلاق النار. الشرط الأساسي اقتسام كل شيء. جمعت الأشلاء تحت شجرة لوز عتيقة تشقق ساقها، وحفرت فيه الأيام أخاديد عميقة. هذا الرأس لكم وذاك لنا، وهذه الأصابع العشرة لكم ومثلها لنا، والأقدام والأضلاع أيضاً، وهذا الشارع المدمر لكم والذي يليه لنا، والأشجار المحترقة – تلك الأجمة – لنا ولكم التي خلفها، بدأ الرصاص يثقب جلد الغيمة العابرة، احتفالاً بقسمة الخراب.

حمل كلٌّ منهما سهمه وركز في الأرض مناراً يشير إلى حدوده ويحذر من الاقتراب منها، وكتب لوحة بكل اللغات – هذه حدود مملكتنا، مواطنوها الموتى والعابرون”.

شارك المقال