قصف قنصلية ايران في دمشق إستهداف لسيادة أرضها

زياد سامي عيتاني

إستهداف إسرائيل لمبنى القنصلية الايرانية في دمشق، والذي أدى إلى مقتل قائد “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الايراني في سوريا ولبنان، محمد رضا زاهدي، شكل فصلاً جديداً، من الصراع الطويل بين إسرائيل وإيران، والذي إصطلح على تسميته بـ “حرب الظل” الايرانية الاسرائيلية. فهذه المرة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل منشأة ديبلوماسية إيرانية، ما شكل ضربة موجعة لايران، إن لجهة المكان المستهدف، أو لجهة المستهدفين، إذ كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” أن الغارة إستهدفت إجتماعاً سرياً بين مسؤولي المخابرات الايرانية وقادة من حركة “الجهاد” الفلسطينية في المبنى الملاصق لمبنى السفارة الايرانية في دمشق. ونقلت الصحيفة عن 4 مسؤولين إسرائيليين، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم أن إسرائيل كانت وراء الهجوم في دمشق، لكنهم نفوا أن يكون للمبنى وضع ديبلوماسي. وبحسب مسؤولين إسرائيليين فإن المبنى كان “موقعاً إستيطانياً للحرس الثوري، ما يجعله هدفاً عسكرياً مشروعا”.

يذكر أنه على مدى سنوات ظل الصراع بين “العدوين” في إطار “حرب الظل” عبر الميليشيات المدعومة من طهران في المنطقة من العراق مروراً بسوريا ولبنان وصولاً الى اليمن حيث الحوثيون. فقد إستهدف كل طرف الآخر بطرق ومناسبات مختلفة، إذ نفذت إسرائيل عدة اغتيالات سواء في سوريا أو حتى في الداخل الايراني، فضلاً عن أعمال تشويش وقرصنة أيضاً. كذلك فعلت طهران، إذ نفذت عدة هجمات إلكترونية في الداخل الاسرائيلي، كما حثت “أذرعها” في المنطقة كما يصفها العديد من الخبراء والمحللين، على ضرب مصالح إسرائيلية وقواعد أميركية أيضاً.

ومع إستمرار القتال بين إسرائيل وحركة “حماس” الفلسطينية، وانضمام الجماعات المسلحة الأخرى المدعومة من إيران إلى المعركة، دخلت “حرب الظل” مرحلة جديدة خطيرة، وذلك إثر الهجوم الذي استهدف قنصلية طهران في دمشق، بحيث يرى خبراء أنه يوازي ضرب الأراضي الايرانية مباشرة. وهذا ما أكدته صحيفة “الغارديان” البريطانية، التي أشارت إلى أن “أهمية الحادث على المدى الطويل تكمن في اعتبار إيران الغارة الجوية هجوماً على الأراضي الايرانية، وهو ما قد يمثل تصعيداً”، مشيرة إلى أن “من المرجح أن تراقب طهران عن كثب الرد الأميركي وأي علامات على موافقة الرئيس جو بايدن على الهجوم أو إذا تم إخطاره ببساطة عندما بدأ”.

لا شك في أن هذه ضربة كبيرة لإيران، ومن المرجح أن تؤدي إلى تصعيد “حرب الظل” بين إيران وإسرائيل التي إشتدت في السنوات الأخيرة. إيران التي تجيد “حياكة” مصالحها الاستراتيجية كما تحيك السجاد العجمي، يتعين عليها معايرة ردها بعناية ودقة متناهيتين، في ظل ما يسرّب من معلومات عن تقدم المباحثات (المباشرة أو بالواسطة) بينها وبين الادارة الأميركية حول الملفات الساخنة، ما يجعلها تسعى جاهدة الى مواصلة صراعها مع إسرائيل من خلال وكلائها الاقليميين، من دون الانزلاق إلى حرب شاملة.

شارك المقال