رفح… ورقة التوت الأخيرة لنتنياهو

حسناء بو حرفوش

ما الذي يخفى خلف كل التركيز الاسرائيلي على رفح؟ سؤال يطرح خصوصاً وأنها لا تمثل بأي شكل قاعدة عسكرية وتفتقر الى أي أهمية جيوسياسية. الاجابة في مقال للكاتب الفلسطيني جمال كنج، يحذر فيه من أن “رفح تمثل الفرصة الأخيرة بالنسبة الى نتنياهو وتحديداً في ما يتعلق بإنقاذ حياته السياسية. وتكمن الأهمية الرمزية الوحيدة لرفح في كونها بوابة محتملة لنفي الفلسطينيين قسراً من غزة. وبالتالي، تستلزم رؤية نتنياهو للنصر الكامل الاحتلال الكامل ثم التطهير العرقي المنهجي لأكبر عدد ممكن من الفلسطينيين من خلال المعبر الدولي الوحيد الذي يربط غزة بدولة عربية”.

ووفقاً للمقال الذي نشر في مجلة counterpunch السياسية الأميركية، “تضاعف عدد سكان مدينة رفح خمسة أضعاف خلال الأشهر الخمسة الماضية. وهي زيادة سكانية هندستها إسرائيل تماماً كما فعلت مع المجاعة التي أحدثتها في غزة. في بداية حملة الإبادة الجماعية الاسرائيلية، تم تصنيف رفح، التي تقع على الطرف الجنوبي لقطاع غزة على طول الحدود مع مصر، على نحو مريب باعتبارها منطقة آمنة. وقد أصدرت إسرائيل تعليمات قسرية للمدنيين بالانتقال إلى الجنوب تحت ستار ذرائع واهية.

ويمكن القول إن رفح التي تبلغ مساحتها 25 ميلاً مربعاً هي واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية على وجه الأرض. ويبلغ عدد سكانها حوالي 1.4 مليون نسمة، وهو ما يشمل السكان الأصليين البالغ عددهم 275,000 نسمة قبل التهجير القسري الذي قامت به إسرائيل لأكثر من 50 بالمائة من سكان شمال غزة. هذا يعني أن عدد سكان رفح الحالي مماثل لسكان مدينة سان دييغو، على شرط أن مساحة المنطقة تعادل أقل عن 7 في المائة من مساحة سان دييغو.

وفي عرضها المخادع، زعمت إسرائيل أن المساعدات قد تصل في أسرع وقت ممكن الى الناس من خلال نقلهم إلى الحدود مع مصر، بالقرب من معبر رفح الحدودي. واستغرق الأمر من الغرب أربعة أشهر بعد تأكيدات إسرائيل الكاذبة، ومقتل أو جرح أكثر من 100 ألف فلسطيني، والمجاعة الوشيكة لـ 2.4 مليون شخص، قبل إدراك الوهم. وهذا الواقع هو الذي قد يفسر التخوف المفاجئ لدى المسؤولين الأميركيين والغربيين من النوايا الحقيقية لاسرائيل في مدينة رفح.

وحذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحد 24 مارس/آذار نتنياهو من أن أي تهجير قسري للأشخاص من رفح سيشكل جريمة حرب. وفي الوقت نفسه تقريباً، وفي تحول كبير عن مواقفها السابقة، امتنعت الولايات المتحدة عن استخدام حق النقض (الفيتو) ضد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لوقف فوري لإطلاق النار في غزة. وأعقب ذلك أيضاً تصريحات قوية من وزير الدفاع لويد أوستن يوم الثلاثاء، 26 مارس/آذار، بحيث شدد أمام نظيره الاسرائيلي على أن غزة تعاني كارثة إنسانية والوضع يزداد سوءاً.

وعلى الرغم من التحول في اللهجة الدولية، تحوم الشكوك حول درجة الصدق في تغيير الموقف. فأين كان ماكرون قبل ثلاثة أشهر عندما تم تهجير 1.4 مليون مدني قسراً من منازلهم في شمال غزة، ليتم تدمير مساكنهم؟ وفي ما يتعلق بإدارة بايدن، التي استخدمت في السابق حق النقض ضد كل قرار صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو إلى وقف إطلاق النار، لم تستغرق وقتاً لتهدئة غضب نتنياهو المعلن واسترضائه.

وأتقن نتنياهو، أكثر من أي زعيم إسرائيلي آخر، فن إذلال المسؤولين الأميركيين لتحقيق مراده وممارسة السيطرة عليهم في نهاية المطاف من خلال تصويرهم على أنهم غير أكفاء وضعفاء. وينتقي نتنياهو من المواقف الأميركية ما يناسبه ويرمي بتداعيات تصرفاته على هذه الأخيرة. ومن المؤسف أن بعض السياسيين الأميركيين لا يزال يصر على تغطية تصرفاته”.

شارك المقال