الالتحاق بقطار “الحزب” يعمّق التباين بين قيادات “الجماعة”

حسين زياد منصور

لم يتخلف سنة لبنان يوماً عن الوقوف الى جانب الأشقاء العرب في القضايا كافة التي عاصروها، ولم تحد بوصلتهم عن القضية الأساسية فلسطين، بل على العكس لطالما كانوا مقاومين ضد العدو الاسرائيلي، ومن ثم مبادرين الى إيجاد الحلول لهذه القضية.

مع بداية “طوفان الأقصى” انخرطت “الجماعة الاسلامية” في لبنان (إخوان لبنان) في المعارك عند الحدود الجنوبية، جنباً الى جنب مع “حزب الله”، عن طريق جناحها العسكري “قوات الفجر”، هذا الخيار الذي اتخذته “الجماعة”، وصفته مصادرها في حديث مع “لبنان الكبير” بأنه “واجب وطني وأخلاقي وديني، ودفاعاً عن الأرض والشعب والقرار الفلسطيني”.

قرار المشاركة، والغوص أكثر في المعارك عند الحدود، نتج عنه لغاية الآن سقوط ما يقارب 20 من كوادر “الجماعة”، وآخرهم المسعفون الذين استهدفهوا في بلدة الهبارية.

هذا “التورط” بحسب ما تشير مصادر متابعة في حديثها لموقع “لبنان الكبير”، لن يكون في صالح “الجماعة” كما ترجح قيادتها، أو بصورة أدق “المشاركة، وخسارة المزيد من عناصرها وشبانها المتعلمين والمثقفين والمتفوقين، لن تكونا في صالح القيادة الحالية للجماعة، وسنشهد على مفارقات عدة بين عدد من القيادات الموجودة الآن، والمقربة من إيران وحزب الله، وبين قيادات سابقة كانت أكثر اعتدالاً، وتعارض الانجرار الى صف الحزب”.

في متابعة للمقابلات والمداخلات التي يجريها قادة “الجماعة” اليوم، نرى التباين الواضح في بعضها مع القيادات السابقة. وهذا ما تؤكده مصادر متابعة، وتعزو ذلك الى الاختلاف بين فكر القيادات السابقة التي توصف بالاعتدال، والقيادات الحالية التي خرجت من هذه العباءة، والتحقت بقطار “حزب الله” والنظام السوري، والمصالحة التي حصلت بين الطرفين برعاية الحزب وحركة “حماس”.

وتقول المصادر في حديثها مع “لبنان الكبير”: “الصراع الآن بين فريقين بآراء مضادة، الأول وهو الحاكم الآن، وصل بعد الانتخابات الأخيرة التي قادتها حماس وأشرف عليها يحيى السنوار، بحيث أرسلت حماس أحد قيادييها حينها للإشراف والمتابعة الشخصية وضمان نجاح فريقها، المقرب من إيران والحزب. اما الفريق الثاني المقرب من تركيا وبعض العرب، فهو من تم اقصاؤه”.

وتوضح أن الخلاف ليس على الموقف من القضية الفلسطينية، بل على العكس فهذه القضية أساسية ولا جدال في ذلك، وهي ضمن العقيدة، فضلاً عن أن “الجماعة” و”حماس” هما وجهان لعملة واحدة.

الخلاف هو بحسب المصادر في الانفتاح على “حزب الله” ونظام الأسد، وتوريط السنة في أعمال يبتدعها “الحزب”، لافتة الى “الدعم الحمساوي بعد الانتخابات الأخيرة، المادي أيضاً وليس المعنوي فقط، وهذا المال في غالبيته ايراني قطري، بعد وقف تركيا دعمها للجماعة منذ فترة، واقصائها من الحياة السياسية بصورة واضحة في مصر، فجفت ينابيعها ومصادرها.”

استمرار “الجماعة” في انعطافاتها هذه تجاه المحور الايراني والانخراط في محور الممانعة سيسببان لها مشكلة كبيرة مع الشارع السني ككل وجمهورها وقاعدتها الشعبيّة خصوصاً والتي ترفض ممارسات “حزب الله”.

الى الآن انخرطت “الجماعة” في ذلك، والأمور واضحة، وهذا باعتراف قيادييها الحاليين في مواقفهم وتصاريحهم، ولعل أبرزهم الشيخ محمد طقوش. في المقابل، نسمع كلام الأمين العام السابق عزام الأيوبي، المعاكس، والذي يوضح فيه أو “يجبر” ما كسرته القيادات الحالية، بأن “الجماعة” لم تنخرط في محور الممانعة، بل تقاطعت معه في هذه الأوقات.

وتستنتج أوساط متابعة في حديث مع “لبنان الكبير”، أن “الجماعة” تغامر، وقد ينفجر الشارع السني في وجهها في حال تطور علاقتها بـ “حزب الله” الذي لا يهتم لها ولجمهورها، بل على العكس يريد من أطراف أخرى أن تشاركه المعارك في الجنوب، خصوصاً السنة، كي لا يحمل وحده ما سيترتب من نتائج الحرب الاسرائيلية على لبنان.

شارك المقال