هل تورّط إيران لبنان بتفويض “الحزب” الرد على إسرائيل؟

زياد سامي عيتاني

الهجوم الاسرائيلي على القنصلية الايرانية في دمشق يمثل تصعيداً إستراتيجياً، يهدف إلى تقويض دفاع إيران وكسر ظهر أجهزتها المخابراتية، ليظهر للعالم أن إيران “نمر من ورق”، علماً أن إسرائيل نفذت بين العام 2013 وتشرين الأول 2023 مئات من الضربات ضد أهداف مرتبطة بإيران في سوريا، ولكن كانت تستهدف آنذاك شحنات الأسلحة والمسلحين التابعين لها فقط.

وطوال هذا العقد، إكتفت القيادات العسكرية والأمنية الاسرائيلية بسياسة “قص العشب”، ولكن بعد 7 أكتوبر 2023، تبدلت الوقائع الميدانية، بحيث إعتمدت إسرائيل إستراتيجية أكثر عدوانية بضربها المصالح الايرانية على الأراضي السورية، في ضوء التوترات المتزايدة. ومنذ ذلك التاريخ، شنت إسرائيل أكثر من 55 غارة في سوريا، بينها أكثر من 30 غارة بعد الأول من كانون الثاني الماضي، وقد وسعت الضربات الأخيرة نطاق أهدافها لتشمل قادة الحرس الثوري وقيادات لتنظيمات مسلحة تدور في فلكه، لا سيما “حزب الله”، كما إتسع أيضاً النطاق الجغرافي للهجمات بصورة كبيرة. وكانت ردود الفعل الايرانية، لا ترقى الى مستوى الانتقام لاغتيال قيادات أمنية رفيعة في الحرس الثوري و”حزب الله”، بحيث اقتصرت على قصف صاروخي أو بالمسيرات تقوم به أذرعها في العراق ولبنان على أهداف إسرائيلية، نادراً ما تسفر عن قتلى أو مصابين إسرائيليين.

ولكن السؤال الذي يفرض نفسه في هذا الاطار: هل ستكلف إيران “حزب الله” بالرد على الضربة النوعية الاسرائيلية، ما قد يتسبب بتحميل لبنان التبعات الكارثية لما يمكن أن ينتج عن تفويض الحزب بالرد، لتنأى طهران بنفسها عن المواجهة المباشرة مع إسرائيل، خصوصاً وأنها تاريخياً، كانت تستخدم وكلاءها للرد على الضربات الاسرائيلية؟

يرى المتابعون أن من غير المُرجح أن يقوم “حزب الله” بتصعيد كبير ضد إسرائيل، لأنه لا يريد الوقوع في فخها فهو يدرك أن بنيامين نتنياهو وحكومة الحرب يحاولان توسيع الحرب، وبالتالي المستقبل السياسي لنتنياهو يعتمد على استمرار الحرب في غزة وتصعيدها على الجبهات الشمالية مع “حزب الله” وحتى مع إيران نفسها. مع ضرورة الاشارة هنا، الى أن توازن الرعب القائم على الجانبين هو الشيء الوحيد الذي نجح في تجنب حرب شاملة في الأشهر الأخيرة، على الرغم من أكثر من 800 هجوم شنه “حزب الله” و1500 ضربة إسرائيلية مضادة منذ تشرين الأول الماضي، ما يشير إلى أن كلاً من الحزب، وبصورة غير مباشرة إيران، لا يريدان تدمير مصالحهما الكبيرة في لبنان، ما يثنيهما عن بدء مواجهة مباشرة على هذه الجبهة.

بانتظار التطورات المتلاحقة، يبقى القادم من الأيام طي المجهول، وإزاء مسار التوترات الذي يشير إلى أنه في ارتفاع مطّرد، ولكن المكان والطريقة اللذين ستختارهما إيران للرد سيحددان ما إذا كانت الحدود اللبنانية الاسرائيلية المنصة التي ستعتمدها للرد على ضربة دمشق.

شارك المقال