“خط بارليف” على حدود لبنان… هل يصدّ “الحزب”؟

محمد شمس الدين

مع ارتفاع منسوب التصعيد بين لبنان واسرائيل، وانخفاض العمليات العسكرية في قطاع غزة المحاصر، بل وسحب ألوية عدة منه، يبدو أن الجيش الاسرائيلي أنشأ ما يشبه “خط بارليف” على الحدود مع لبنان، فما هو هذا الخط، وهل يفيد اسرائيل فعلياً في حرب مقبلة؟

“خط بارليف”، الذي سمّي نسبة إلى القائد العسكري الاسرائيلي حاييم بارليف، هو سلسلة من التحصينات الدفاعية التي كانت تمتد على طول الساحل الشرقي لقناة السويس، تم بناؤه بعد احتلال اسرائيل لسيناء عقب حرب 1967، بهدف تأمين الضفة الغربية لقناة السويس ومنع عبور أي قوات مصرية إليها، وقد كلف بناؤه ٥٠٠ مليون دولار.

وضمّ الخط 22 موقعاً دفاعياً، 26 نقطة حصينة، تم تحصين مبانيها بالاسمنت المسلح والكتل الخرسانية وقضبان السكك الحديدية للوقاية ضد كل أعمال القصف. كما كانت كل نقطة تضم 26 دشمة للرشاشات، و24 ملجأ للأفراد بالاضافة إلى مجموعة من الدشم الخاصة بالأسلحة المضادة للدبابات ومرابض للدبابات والهاونات، و15 نطاقاً من الأسلاك الشائكة ومناطق الألغام، وكل نقطة حصينة عبارة عن منشأة هندسية معقدة وتتكون من عدة طوابق وتغوص في باطن الأرض ومساحتها تبلغ 4000 متر مربع، وزودت كل نقطة بعدد من الملاجئ والدشم التي تتحمل القصف الجوي وضرب المدفعية الثقيلة، وكل دشمة لها عدة فتحات لأسلحة المدفعية والدبابات، وتتصل الدشم ببعضها البعض عن طريق خنادق عميقة، وكل نقطة مجهزة بما يمكنها من تحقيق الدفاع الدائري إذا ما سقط أي جزء من الأجزاء المجاورة. ويتصل كل موقع بالمواقع الأخرى سلكياً ولاسلكياً بالاضافة إلى اتصاله بالقيادات المحلية مع ربط الخطوط الهاتفية بشبكة الخطوط المدنية في إسرائيل ليستطيع الجندي في “خط بارليف” محادثة منزله. فضلاً عن ذلك، كانت في قاعدته أنابيب تصب في قناة السويس لإشعال سطح القناة بالنابالم في حال محاولة القوات المصرية العبور.

وروّجت إسرائيل طويلاً لهذا الخط على أنه مستحيل العبور ويستطيع إبادة الجيش المصري إذا ما حاول عبور قناة السويس، كما ادّعت أنه أقوى من “خط ماجينو” الذي بناه الفرنسيون بعد الحرب العالمية الأولى.

للمفارقة التاريخية سقط “خط بارليف” في السادس من تشرين الأول عام ١٩٧٣، حين تمكن الجيش المصري من اجتياحه وأفقد العدو توازنه في أقل من ست ساعات.

وفي مشهد شبيه بـ ٧ تشرين الأول بدأ الهجوم جويًا، وباستغلال عنصري المفاجأة والتمويه العسكريين الهائلين اللذين سبقا تلك الفترة، بالاضافة إلى استغلال المد والجزر واتجاه أشعة الشمس، تم اختراق الساتر الترابي في 81 موقعاً مختلفاً وإزالة 3 ملايين متر مكعب من التراب عن طريق استخدام مضخات مياه ذات ضغط عال، قامت بشرائها وزارة الزراعة للتمويه السياسي ومن ثم تم الاستيلاء على غالبية نقاطه الحصينة بخسائر محدودة، وقتل نحو 126 وأسر 161 من أصل 441 عسكرياً إسرائيلياً، ولم تصمد إلا نقطة واحدة هي نقطة بودابست في أقصى الشمال في مواجهة بورسعيد.

أما من جهة لبنان، فاستبدل الجيش الاسرائيلي الكثبان الرملية بتلال صخرية، وتم تعزيز الجدار العازل المصنوع من الاسمنت على طول الحدود مع لبنان.

وكذلك تم إعلان نحو 30 بلدة في الشمال مناطق عسكرية يحظر التواجد أو العمل فيها، إلا بتصريح خاص من الجبهة الداخلية.

ومددت المنحة المعطاة لنحو 80 ألف مواطن تم إخلاؤهم من بيوتهم في تلك البلدات وتمويل سكناهم في فنادق في مركز البلاد. بالاضافة إلى ذلك، أجرى الجيش الاسرائيلي تدريبات خاصة لقوات لواء جولاني، بحيث تستفيد من الأخطاء التي ارتكبت خلال حرب اجتياح قطاع غزة الحالية.

وعن فاعلية هذه التحصينات، قال الخبير العسكري والاستراتيجي عمر معربوني في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “ليس خافياً على أحد أن الجيش الاسرائيلي أعاد تنظيم قواته في الجبهة الشمالية، حيث هناك الآن الفرقة ٣٦، الفرقة ٩١ جليل، والفرقة ٢١٠، وهناك تموضع طبيعي في حالة الحرب، ولكن لا يمكننا القول إن الاسرائيليين أنشأوا خطاً شبيهاً بخط بارليف، لا سيما أن المواقع على الخط الأمامي باتت شبه محطمة بسبب الهجمات التي يشنها حزب الله”.

وأكد معربوني أن “هناك استعداداً عالياً جداً، ومناورات تجري في القطاع الغربي، في المنطقة السهلية، نهاريا، وهذه المسائل متعلقة بالحذر من حزب الله وامكان أن ينفذ عبوراً باتجاه الجليل، ولكن التجربة أثبتت فشل الجدار العازل، فمؤخراً سقط صاروخ بركان في مستعمرة شلومي أدى الى تدمير الجدار كاملاً، وبالتالي التجربة لم تنجح لا في غزة ولا في لبنان”.

شارك المقال