الدكتور جعجع والجنّاز

الراجح
الراجح

منذ اللحظة الّتي شاع فيها خبر اختطاف مسؤول “القوّات اللّبنانيّة” في جبيل ومعرفة هويّة الخاطفين السوريّة وأنا أردّد في داخلي ما قاله يوماً الشّاعر الفلسطيني معين بسيسو: “نار الموقد تطقطق بين يدي صيّاد لاجئ” (أو سوري لاجئ) “والنّجوم تتوارى خلف الدخان الدّاكن، وثمة طائر يزور القمر، يبدو أن هناك عرسا للماء والنّار”.

وبعد معرفة مصير المغدور باسكال سليمان المأساوي، أطلّ علينا الدكتور سمير جعجع أثناء المأتم ليقول: “من الممكن يا باسكال أنك تسأل اليوم، مع العلم أنني لا أعتقد ذلك لأنك من عليائك أصبحت ترى وتدرك كل الأمور وتعرف ما الذي سيحصل”.

فهل المطلوب أن نصبح جميعنا في العلياء لنعرف ما الذي سيحصل؟ وإلا سنبقى كما قال “الحكيم”: “ان كثراً يسألون: طيب وهلق شو؟”. 

والجواب بحسب رأي “الحكيم”، “بسيط وواضح جدّاً: وقت الخطر قوات”.

الحقيقة أن إطلالات قائد “القوّات اللبنانية” أو تصريحاته وحزب “القوّات” تأخذك ومباشرة إلى المفكّر الإجتماعي الأميركي روبرت ميرتون، وهو مؤسّس علم اجتماع العلوم، كما يعتبر أباً مؤسّساً لعلم الاجتماع الحديث وواضعاً لقانون النتائج غير المقصودة – وهو حال “القوّات”.

المقصود أنه عملاً بهذا القانون (النتائج غير المقصودة) أو العواقب غير المقصودة و”حصر الدّور”، وربما ما اشتهر به المفكّر ميرتون مصطلح “القدوة” و”النبوءة ذاتيّة التحقّق”، وهي أحد أنواع العمليّات الّتي يؤثِّر الاعتقاد أو التّوقع من خلالها على نتيجة الموقف أو الطريقة الّتي يتصرّف فيها الشّخص أو المجموعة. (لا لزوم لذكر الأعمال التي قامت بها جماعة “الحكيم”).

النبوءة ذاتية التحقّق هي في البداية تعريف خاطئ لوضع يستدعي سلوكاً جديداً، وفي حال عدم السلوك الجديد يصبح المفهوم الزائف الأصلي حقيقة وهو الحاصل مع “القوات”، ونرى أنها كانت ولا تزال في خدمة مشروع الحرب الأهلية… لماذا هذا القول؟

  1. العودة الدائمة إلى التغنّي ببطولات الحرب الأهليّة وشعاراتها.
  2. الإصرار على أن قانون الانتخابات اللّعين والذي يمكن تسميته بقانون جورج عدوان هو الطريق إلى الجمهوريّة القويّة.
  3. امتلاك أكبر كتلة نيابيّة والإصرار الدائم على أنهم ليسوا جزءاً من السلطة.
  4. السعي الدائم الى تطوير اتفاق الطائف أو إحداث تغيير فيه من دون أي إشارة للمصيبة الكبرى – اتفاق الدوحة، والّتي تُعْتَبر “القوات” جزءاً أساسياً منه.

وأخيراً الدعوة الى المواجهة المستمرة من دون تحديد الأسس والأهداف وتركها للوقت وللصبر. هذا في السياسة، أما في التعبئة والاستهلاك فـ”المواجهة”، على حد قول الحكيم، “ليست طائفيّة أو مناطقيّة أو عرقيّة، بل هي من أجل الانتقال من الواقع المرير، المؤلم، المجرم، الفاشل الذي نعيش فيه منذ سنوات” ألخ… السؤال ليس ماذا فعلتم طيلة تلك السنوات، بل وبعيداً عن الطائفية والمناطقية والعرقية، ماذا ستفعلون؟

شارك المقال