خطوات مرتقبة للسلطة ضد المستوطنين

زاهر أبو حمدة

تدرس السلطة الفلسطينية عدداً من الخطوات لحماية القرى والبلدات الفلسطينية من هجمات المستوطنين بحماية جيش الاحتلال. ومن هذه الخطوات تسليح لجان الحراسة الشعبية، ونقل الملف الى المحاكم الدولية. يأتي هذا التطور بعد اقتحامات المستوطنين للريف الفلسطيني في الضفة الغربية وقتل الفلسطينيين واحراق البيوت والمركبات. ووثق مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (OCHA)؛ منذ 7 تشرين الأول وحتى 1 نيسان 2024، 704 اعتداءات للمستوطنين ضد الفلسطينيين (بمعدل يومي قدره 4 اعتداءات)؛ أسفرت عن قتل 13 فلسطينياً، واصابة 400، واقتلاع 9000 شجرة، وتخريب 40 منزلاً.

وكان آخر الاعتداءات ما حصل في قرية المغير قضاء رام الله واللبن الشرقية قضاء نابلس ليستشهد أربعة فلسطينيين بينهم أطفال. وأتت الهجمات هذه المرة بعد الاعلان عن فقدان مستوطن يعمل راعياً في المنطقة، وبعد ذلك وجدت جثته من دون الكشف عن سبب الوفاة. وهكذا من دون تقرير طبي ساعد جيش الاحتلال المستوطنين في العدوان، وهنا السؤال: هل يمكن أن يكون المستوطن قتل بلسعة أفعى مثلاً من دون تدخل بشري؟ يبقى الأمر لغزاً طالما لم يُنشر أي تقرير مفصل. وهذا يثبت أن حكومة الاحتلال تريد هذا الصراع بين المستوطنين والمواطنين مع الاستمرار في سرقة الأرض وتهجير أهلها.

وصادر الاحتلال 27 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية؛ وأكدت الحكومة الاسرائيلية بناء 1895 وحدة سكنية للمستوطنين مع إقامة 11 بؤرة استيطانية، وإنشاء 5 طرق مخصصة لليهود. وأظهرت وثائق التخطيط أن الحكومة الاسرائيلية سرّعت بناء المستوطنات في أنحاء شرق القدس المحتلة، حيث تمت الموافقة على أو المضي قدماً في أكثر من 20 مشروعاً يبلغ مجموعها آلاف الوحدات السكنية منذ بدء العدوان على غزة، حسب ما تقول صحيفة “الغارديان” البريطانية.

يضاف هذا إلى أن الضفة أصبحت مليئة بنقاط التفتيش والحواجز التي تحد من حركة السكان الفلسطينيين (عددها 840 نقطة تفتيش). ونفذ الاحتلال ما معدله 690 غارة شهرية على التجمعات الفلسطينية، ما أدى إلى تدمير المنازل والبنية التحتية ومراكز التسوق؛ ونتيجة لذلك فقد 900 فلسطيني منازلهم (اعتباراً من 1 نيسان)؛ وخلال 6 أشهر تم تهجير 280 فلسطينياً بمعدل شهري (مقارنة بـ 128 قبل 7 أكتوبر)؛ وطرد 206 عائلات مؤلفة من 1,244 فلسطينياً (من بينهم 609 قاصرين)، و22 مجتمعاً، من بيوتهم بسبب عدوان المستوطنين أو القيود العسكرية.

وما يثبت خطط الحكومة والجيش والمستوطنين في الاقتلاع والتهجير، ما ذكره تقرير “هيومن رايتس ووتش” أن جيش الاحتلال إما “شارك أو لم يقم بحماية الفلسطينيين من عنف المستوطنين” في الضفة الغربية المحتلة. ويشير التقرير إلى أن “المستوطنين المسلحين، بمشاركة نشطة من وحدات الجيش، قطعوا الطرق بصورة متكررة وداهموا التجمعات الفلسطينية”. وأضاف أن “المستوطنين قاموا باحتجاز السكان والاعتداء عليهم وتعذيبهم، وطردهم من منازلهم تحت تهديد السلاح، بناء على مقابلات مع أكثر من 20 شاهداً وتحليل مقاطع فيديو”.

وأمام كل هذا العدوان المتواصل، تجد السلطة الفلسطينية نفسها أمام اختبار صعب، لا سيما وأن حماية المواطنين أولوية قصوى. لذلك أرسلت العديد من الرسائل إلى العواصم والمنظمات الدولية كبداية لتحرك أكبر. وكانت الرسالة الأهم الى الولايات المتحدة، وتضمنت عتباً كبيراً حول ما يحصل في الضفة الغربية وأن العقوبات الأميركية الأخيرة على بعض المستوطنين غير كافية. فهذه العقوبات محدودة وتشمل عقوبات مالية ومنع منح تأشيرات سفر الى الولايات المتحدة لعدد قليل من المستوطنين لن يوقف عنفهم.

وبالتالي، إذا لم يتوقف عدوان الاستيطان والمستوطنين وكذلك الخطط الخاصة بالمسجد الأقصى يعني أن انفجار الضفة أصبح حتمياً، وهنا يأتي دور السلطة الفعلي.

شارك المقال