طرحه إعدام القتلة يخالف المواثيق الدولية… شرف الدين يسعى للشعبوية

محمد شمس الدين

في آخر جلسة للقاء التشاوري الحكومي، وفي إطار تعليقه على جريمة قتل مسؤول “القوات اللبنانية” باسكال سليمان، قدم وزير المهجرين عصام شرف الدين طرحاً يقضي بأن الوسيلة الوحيدة لردع المجرمين هي تنفيذ حكم الاعدام في كل مجرم تثبت عليه جريمة القتل بالاضافة إلى مصادرة كل ممتلكاته الشخصية ومنحها لأهل الضحية. وقد أثار هذا الطرح مخاوف بعض الوزراء كونه سيخلق مشكلات اضافية للبنان أمام المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان. فماذا تقول المنظمات الحقوقية عن هذا الطرح؟

رئيس “المجلس اللبناني لحقوق الانسان”  وديع الأسمر اعتبر في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن هذا الطرح “غير نافع، أولاً عقوبة الاعدام غير مجدية، ثانياً بأي حق يحرم الوزير أو القضاء ورثة المجرم من حقوقهم؟”، لافتاً إلى أن “الحل الجدي هو أولاً بتوقف الوزير وأمثاله من السياسيين عن التدخل في القضاء وبضمان استقلاليته، بالعمل على محاربة الافلات من العقاب”.

وقال الأسمر: “المجرم عندما يرتكب جريمة لا يحلل القانون قبل ذلك وخصوصاً لا يعتبر أنه سيلقى القبض عليه، وأعتقد للأسف أن بعض الوزراء تنقصه الثقافة الحقوقية والانسانية فيخرج باقتراحات أقل ما يقال عنها انها تأتي من القرون الوسطى. مؤسف الدرك الذي وصل اليه لبنان كي يكون ممثلوه على هذا القدر من الشعبوية”.

أما مدير المكتب الاقليمي للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الانسان محمد المغبط فأشار في حديث لموقع “لبنان الكبير” إلى أن لبنان ينفذ منذ العام ١٩٩٨ “وقفاً اختيارياً لتنفيذ أحكام الإعدام باستثناء ثلاث حالات نُفِّذت في الوقت نفسه في العام ٢٠٠٤. قبل هذا الوقف الاختياري كانت الجهات المعنيَّة تنفذ أحكام الاعدام، إلا أنَّ ذلك لم يمنع الجريمة كما أثبتت التجارب في العديد من دول العالم أيضاً. على سبيل المثال، عدد كبير من الولايات الأميركيَّة تطبق عقوبة الاعدام إلا أنَّ معدل الجريمة في الولايات المتحدة هو من الأعلى عالمياً؛ هذا على الصعيد الاجتماعي”.

أما على الصعيد القانوني، فصادق لبنان على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيَّة والسياسيَّة في العام ١٩٧٢ الذي ينص في مادَّته السادسة (الفقرة السادسة) على إلزام جميع الدول الأعضاء – منها لبنان طبعاً – بإلغاء عقوبة الاعدام، مع التأكيد أنَّ المادَّة ٢ من قانون أصول المحاكمات المدنيَّة تقرّ قاعدة تدرج القوانين وتلزم القاضي بتطبيق أحكام الاتفاقيَّة عند تعارضها مع أحكام القانون اللبناني، وفق ما أكد المغبط.

وبالنسبة الى مصادرة أملاك المجرمين، قال المغبط: “بعيداً عن أنَّ هذا المنطق عشائري بعيد كل البعد عن منطق الدولة ومفهوم سيادة القانون، يُخالف الوزير بذلك ليس التزامات لبنان الدوليَّة المتمثلة بالشرعة الدوليَّة لحقوق الانسان التي تقر الحماية للملكيَّة الخاصَّة وحسب، بل أيضاً المادَّة ١٥ من الدستور اللبناني، التي تقر الحماية الدستوريَّة للأملاك الخاصَّة وتمنع مصادرتها إلَّا في حدود ضيِّفة خاصَّة بالمشاريع التي تبتغي تحقيق المنفعة العامَّة”.

اذاً طرح من القرون الوسطى من وزير تابع لتيار انتهج سياسات أعادت لبنان إلى العصر الحجري، ومن الواضح أن هذا الطرح هو من دون أي دراسة أو ثقافة متعلقة بموضوع الجريمة وكيفية الحد منها، بل هو مجرد كلام شعبوي يدغدغ مشاعر الجمهور.

شارك المقال