أفادت أحدث استطلاعات الرأي الأميركية أن هيئة المحلفين في نيويورك أدانت الرئيس السابق دونالد ترامب بكل التهم الـ34 الموجهة إليه في قضية دفع أموال بما يخالف القانون، لشراء صمت ممثلة أفلام إباحية، منحت جو بايدن 10% من أصوات ترامب. وعلى الرغم من زئبقية تلك الاستطلاعات التي يمكن أن تتحول في أية لحظة، دفعت نشوة الانتصار المؤقت بايدن الى التصريح بأن ترامب منح فرصة الدفاع عن نفسه ولا أحد فوق القانون. ودعا “حماس” إلى الموافقة على عرض جديد من إسرائيل مفاده: “خلال الأسابيع الستة من المرحلة الأولى، ستتفاوض إسرائيل مع حماس على الوصول الى المرحلة الثانية والتي ستشهد نهاية دائمة للأعمال القتالية. أما المرحلة الثانية فستشهد تبادلاً لكل الرهائن الأحياء المتبقين وستنسحب القوات الاسرائيلية. وفي المرحلة الثالثة، ستكون هناك خطة إعمار كبيرة لغزة”.
بايدن الذي بدا مستجدياً أكثر منه رئيس القوة الأعظم في العالم، توجه في مقترحه المليء بالالتباسات الى خصوم بنيامين نتنياهو في تل أبيب والى الناخبين اليهود في أميركا، بأن يساعدوه في مواجهة اليمين الاسرائيلي بالضغط عليه لقبول المبادرة التي قال عنها انها مقترح اسرائيلي، بمعنى يمكن أن تكون مقدمة من بيني غانتس، فهل يمكن للوسيطين المصري والقطري تقديم موافقة فلسطينية ملتبسة على الاقتراح ربما تعني موافقة سلطة محمود عباس وليس “حماس” على سبيل المثال؟
“حماس” كعادتها وعدت بدرس الاقتراح بمرونة وروح ايجابية عكس تسريبات ديوان نتنياهو التي تشي باستمرار اسرائيل في المراوغة.
هناك من اعتبر العرض الأميركي بمثابة صفارة النهاية من بايدن لنتنياهو، بانتهاء الوقت المستقطع للحرب، لكن نظراً الى المسار الازدواجي الكلي الذي مارسته الادارة الأميركية منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 حتى الآن ونظراً الى إصرار نتنياهو على تحقيق النصر المطلق، من المتوقع أن تستخدم كل من واشنطن وتل أبيب المقترح للمماطلة وكسب المزيد من الوقت لإبادة غزة وتهجير الفلسطينيين، وبالنظر الى النفاق الأميركي المستمر أياً تكن المواقف والممارسات ستحمّل واشنطن “حماس” والفلسطينيين المسؤولية، وفترة الحرب ستستمر للأشهر والسنوات القادمة المعلنة من اسرائيل، وعلى الفلسطينيين وحلفائهم الاستعداد دائماً للسيناريو الاسوأ وعدم الانخداع بالوعود الأميركية الكاذبة.
ربما يجدر الانتباه أكثر الى ما يمكن أن يكون فخاً اسرائيلياً أميركياً يقضي بتوريط “حماس” بالموافقة على مسار المراحل الثلاث، تتوقف فيه اسرائيل عند المرحلة الأولى وتكتفي بتحرير بعض أسراها ولا يضيرها بقاء العسكريين منهم لتعود وتستأنف الحرب على غزة.
هذا السيناريو الأرجح الذي يتيح هدنة وانجازاً يحتاجهما كل من بايدن ونتنياهو حتى تمرير الاستحقاق الرئاسي الأميركي، استعداداً لليوم التالي للحرب، كذلك تريده “حماس”، فمعاناة المدنيين في غزة فاقت كل تصور. وكما أن الوقف الدائم لاطلاق النار يشكل بداية نهاية نتنياهو السياسية، فإن تنازل “حماس” عن أي من شروطها البنيوية مثل الوقف الدائم للحرب والعودة غير المشروطة للغزيين وإعادة الاعمار وإطلاق مسيرة الحل السياسي ستطرح على الحركة المزيد من الأسئلة الجوهرية عن جدوى “طوفان الأقصى” والثمن الذي دفعته غزة، وعلى هذا الأساس تبدو مختلف الأطراف مأزومة، وفي غياب صور النصر المقنعة تبدو الأزمة مستمرة وربما تتطلب التغيير في المنهجية كما في المسميات والأشخاص. الواقع اياه يستدعي الحديث عن البدائل الممكنة، ماذا عن المساعي العربية الأوروبية؟ وماذا عن الاتفاق السعودي الأميركي بحيث تقضي حاجة الاسراع في توقيعه بترحيل بعض بنوده للمستقبل، كما في الاتفاق البحريني الأميركي في ما يتعلق بتطبيع العلاقات بين تل أبيب والرياض، التي تشترط الوقف الدائم والشامل لإطلاق النار وتحقيق حل الدولتين بما يعني انخراط اسرائيل بطريقة “الدومينو” في شراكات اقليمية متعددة في المنطقة ما يستدعي الرد الايراني الذي لن يكون بعيداً عن أية صفقة محتملة؟