انتفاضة اللحامين في بعلبك

آية المصري
آية المصري

خطر إقفال الملاحم الصغيرة في بعلبك، يزداد يوماً بعد يوم، إذ لم يعد باستطاعة أصحابها الاستمرار بانتظار كبار تجار الماشية، الذين يتحكمون بالسوق ولا يؤمنون لهم اللحوم لمحلاتهم، كما كان عليه الوضع سابقاً، ما يهدد العديد من محلات بيع اللحم بالإقفال، بعد أن صاروا شبه عاطلين عن العمل، ولهذا قرروا التحرك لعل وعسى يتم الالتفات إلى حل مشكلتهم، مهددين بمواجهة الجهات المعنية ومطالبين بإعطائهم حقوقهم، حتى لو تطلب الأمر فضح أسماء كبار التجار.

انتفاضة اللحامين في بعلبك، جاءت إثر عدم فقدان اللحم المدعوم، بينما يروّج التجار الكبار لحوماتهم بأسعار ليس بإمكان المواطن البعلبكي أو غيره دفعها، في غياب للمسؤولين عن معالجة هذه المشكلة أو تقصّد الإغفال عن متابعتها واتخاذ القرارات التي تحمي حقوق أصحاب الملاحم والأهالي.

جولة لـ”لبنان الكبير” في السوق

خلال جولة لنا في سوق بعلبك، عند وصولنا شاهدنا وفداً من جزّاري بعلبك متوجهاً نحو البلدية للاجتماع مع رئيسها فؤاد بلوق، وإثر انتهاء اجتماعهم، كانت الوجوه متجهمة ومشاعر الإحباط تظهر في أعينهم، ما يشير إلى أن الاجتماع لم يسفر عن نتائج إيجابية، وأن الأمور “مكانك راوح”، إذ لم يتوصل المجتمعون إلى حلول عملية. وقد ورد على لسان بلوق أنه “سيحاسب كل لحام لا يضع ورقة بتسعيرة اللحمة المدعومة على واجهة محله”.

ردة فعل أصحاب الملاحم كانت في طرح تساؤلات هل رئيس البلدية يمازحنا؟ وكيف نضع أسعار اللحم المدعوم وهو غير متوفر؟ أليس هذا استخفافاً بعقولنا؟!

أثناء جولتنا داخل سوق اللحامين، شاهدنا تهافتاً كبيراً جداً على ثلاث ملاحم فقط يملكها كبار التجار، والأهالي يقفون في صف طويل بانتظار دورهم لشراء اللحم المدعوم الذي يسلم للبعض ويحرم الآخرون منه. والسؤال الذي يتردد لماذا هؤلاء يحتكرون سوق اللحم المدعوم ومن وراءهم؟ وأصحاب تلك المحال هم: محمد قانصو، حسين المنيني وحسن عثمان. واذا ما أردنا تحليل هذا الأمر سيكون الاستنتاج واحداً، ألا وهو تأييد هذه العائلات لـ 8 آذار، ما يعني أن هذه الجهة هي الحامية والداعمة لهم.

إستمعنا للعديد من القصص والروايات على ألسن “الجزارين”، وتردد على مسامعنا العديد من أسماء التجار المحتكرة للحوم المدعومة منها “أحمد توفيق سليمان، ديب نخلة، زاهر عقيل، مهدي الرمح وفاروق العشي”. وما تم تأكيده من كثيرين أن كل هذه الأسماء تتلاعب بمصير حياة عائلات تعيش من وراء محلات بيع اللحم.

وأوضحت لنا مصادر خاصة لموقع “لبنان الكبير” أن “الحصول على لحمة مدعومة يوجب تقديم ورقة من وزارة الزراعة وأخرى من البلدية والموضوع لا ينتهي هنا، فالتجار المحتكرون يقومون بعمليات تزوير واحتيال، إذ يبيعون عجلين ويسجلون على الأوراق أعداداً خيالية، كما يبيعونها بـ 18 ألفاً ويسجلون المبيع بـ 12 ألفاً. وهذا دليل على السرقة والنهب. كما أن هذه الورقة لا يحصل عليها اللحام بل تبقى عند التجار”.

اللحم المدعوم يهرّب إلى سوريا والعراق

ومن المعلومات التي حصلنا عليها أيضاً هي أن “اللحمة المدعومة تهرب إلى خارج لبنان كسوريا مثلا والعراق. إذاً لماذا تهرّب تلك اللحوم إلى الخارج؟ وما الهدف والغرض وراء ذلك؟ أسئلة لا أجوبة عنها حتى الآن.

ويقول اللحام حيدر يعقوب: “الله يخليلنا معالي وزير الزراعة الذي يرخص إجازات تسفير الغنم (غنم النعيّم) إلى خارج البلاد ويحرم اللبنانيين تناول اللحمة، ودائماً نسمع عبارة رياض سلامة أكل الأخضر واليابس”.

وكان رئيس البلدية وعدد من تجار المدينة جالوا يوم الجمعة الماضي برفقة كاميرا بث مباشر على السوق، ووعدوا الناس بمتابعة همومهم، وأكد بلوق أنه سيرفع الصوت عالياً لمساعدة اللحامين. رافضاً الواقع المسيطر على المنطقة. وأصدر بياناً باسم البلدية، أشار فيه إلى أن “معظم ملاحم بعلبك مقفلة نتيجة عدم تسليم أصحابها أبقاراً وأغناماً مدعومة، وإذا تلقى البعض خلال فترات متقطعة بعض الأبقار فيكون ذلك بصورة استنسابية وغير عادلة، لذا نناشد وزير الزراعة الصديق الدكتور عباس مرتضى ووزير الاقتصاد راوول نعمة والمدير العام للوزارة محمد أبو حيدر، إنصاف بعلبك باللحوم والمواد المدعومة، بخاصة في شهر رمضان المبارك، وتزويد البلدية بأسماء المحلات والسوبرماركت والملاحم التي تتلقى المواد المدعومة مع تحديد الكميات، لنستطيع المواكبة والمراقبة”.

لكن أهالي بعلبك استفاقوا في اليوم التالي على وقع الخبر الآتي: “بعد قرار نقابة اللحامين في بعلبك الإقفال بسبب عدم تسلّمها الأبقار والأغنام المدعومة باستثناء عدد قليل يبيع لحم الغنم بمئة وعشرين ألفاً والبقر بسبعين ألف ليرة.

وأفيد في بيان صادر عن البلدية على الأثر، أن رئيس البلدية تواصل مع وزير الزراعة والسيدين أحمد وعباس سليمان وبجهود من “معاليه”، تقرر تسليم اللحامين بمدينة بعلبك لحم البقر المدعوم اعتباراً من تاريخ 18/4/2021 لأصحاب الملاحم مباشرة على أن يصطحبوا معهم الأوراق التي تم تدقيقها من قبل بلدية بعلبك ووزارة الزراعة. وإنها سترسل أسماء المستفيدين يومياً إلى البلدية ليتم مراقبة سعر بيع كيلو لحم البقر والذي لا يتجاوز خمساً وأربعين ليرة. وفي حال عدم الالتزام بالسعر سيتم حرمان من يعارض الاتفاق من اللحم المدعوم. كما تم الاتفاق على مناشدة أهالي المدينة بالاتصال بالبلدية أو وزارة الاقتصاد في حال عدم الالتزام بالسعر المحدد. والجدير بالذكر أن لدى البلدية أسماء اصحاب الملاحم الذين استلموا اللحم المدعوم في الفترة السابقة ولم يلتزموا بالسعر، وسوف نعلن عن أسمائهم في حال تكرارهم للمخالفة في بعلبك”.

والسؤال الذي يطرحه المواطن البعلبكي اليوم، لماذا انتظر بلوق حتى اليوم ليتحرك؟ مع العلم أن هذه الأزمة ليست وليدة الساعة وكيف لا يعلم بالواقع المسيطر على سوق اللحامين الذي لا يبعد عن البلدية سوى ثلاث مئة متر، فهل هو بعيد لهذه الدرجة عن واقع بلدته وغير مدرك للأوضاع؟ أم أنه كان يعلم ولم يتجرأ على المواجهة؟ أم أن الوضع أصبح على المحك، ما أجبره على النزول إلى الأرض بأوامر عليا وإطلاق “صرخة إنسان موجوع”، كما ادّعى، لكن معظم الناس يطالبونه اليوم بالكف عن الاستعراضات البهلوانية والقيام بمهامه خدمة للجميع وليس خدمة فئة محددة.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً