“كلوب هاوس” ينجح حيث فشل السياسيون

غيدا كنيعو
غيدا كنيعو

برز في الآونة الأخيرة تطبيق هاتفي جديد استقطب شريحة واسعة من الأشخاص من مختلف الفئات العمرية وتحديداً الشباب. “كلوب هاوس” وسيلة تواصل جديدة تعتمد على التواصل الصّوتي بعيداً عن الكتابة والمحادثات النصّية. واستطاع بفترة زمنية قصيرة أن يدخل على المجتمع اللّبناني ليصبح جزءاً من حياتهم اليومية.

طريقة استعمال هذا التّطبيق بسيطة جداً، فمجرّد إدخال رقم هاتفك يمكنك أن تصنع لك حساباً ومنه تبدأ رحلتك من غرفة إلى غرفة.

غرف الأحاديث متنوّعة. سياسة، اقتصاد، فن، مجتمع، دردشات لا غاية منها والكثير من المواضيع. تبدأ بجولة سريعة على جميع الغرف وتستقر بغرفة تمضي ساعات داخلها مستمتعاً بالحديث. يمكنك المشاركة بالحديث والتّكلم في الغرفة ويمكنك الاكتفاء فقط بالإصغاء إلى المتحدّثين.

خلق هذا التّطبيق مساحة حوارية في السياسة، خصوصاً عند الشباب الّذين يتقاتلون وراء شاشات الهاتف بالعادة على المنصات الرقمية وخصوصاً “تويتر”. فلا حوار هناك. مجردّ تغريدات تتبعها ردود منها المؤيّدة اللّطيفة ومنها المعاكسة العدائية. الأمر الّذي يخلق احتقاناً عند الطّرفين والغاء مفهوم الحوار.

بلا شك التواصل الصّوتي يسهّل عملية التحاور. ومن هنا نبدأ.

اللاّفت في الأمر، أنّك تدخل إلى غرفة نقاش سياسة محتدمة من أطراف مختلفين في وجهات النّظر، لكّن طريقة الحوار مهذّبة ومحترمة. الانفعال موجود لكنّه مضبوط. الجميع يستمع للآخر. كل مشارك يأخذ وقتاً معيّناً للكلام، ومن بعدها يبدأ واحد تلو الأخر بالرّد. لا يخلو الأمر من بعض المداخلات غير اللائقة وغير المرحّب بها من الطّرفين، فهم دائماً يسعون للحفاظ على لباقة الحوار. وهنا نرى أن الشباب اللّبناني تحديداً لا يشبه غالبية طبقته الحاكمة. يرغمونه على التشبّه بهم، عبر إرساله كذباب الكترونيّ ليشتم الرأي المعاكس، لكنّه في الواقع لا يريد أن يشتم الآخر المختلف بالسياسة، بل يريد التّحاور معه، وهذا ما أوضحه بشدة ” كلوب هاوس”، حتّى إن التواصل الصّوتي تحوّل عند الكثيرين إلى فنجان قهوة وجلسة حقيقيّة.

تطبيق هاتفي واحد كان كفيلاً بتقريب وجهات النّظر، وإن لم يقرّبها فهو لم يبعّدها ويعادِها. بضع ساعات كانت كفيلة لإنهاء حروب ما وراء شاشات الهاتف، والّـتي في بعض الأحيان تتحوّل لحروب وتهديدات على المستوى الشّخصيّ. والأمر ليس فقط بمجال السياسة، بل حتّى في مجالات أخرى حسّاسة إن كانت دينيّة أو اجتماعية. فالنّتيجة في معظم الأحيان واحدة، جوّ غير محتدم، وسلاسة في التّعبير. وإن نجح ” كلوب هاوس” في جمع ما فرقّه السياسيّون، لن ينجح في تجميعهم، هم، ولو بغرفة واحدة. وبالطبّع سيلقون اللّوم على “كلوب هاوس”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً