صورة المرأة المحجبة… تفسد للود قضية

راما الجراح

أثار إعلان لإحدى الجمعيات المعنية بالعنف الأسري جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ ظهرت فيه صورة لفتاة محجبة مع شعار إعلاني يقول “طلعي من العتمة، خدي أول خطوة”.

 

لاقى هذا الإعلان انتقادات حادة وخاصة أنه عُرض في منطقتي طرابلس وعكار واتهم البعض جمعية “عكارنا” بالشراكة مع جمعية “أبعاد” بتشويه صورة الفتاة المحجبة، لأن وضع صورتها على هكذا إعلان دلالة على أن العنف الأسري يحصل عند فئة معينة دون غيرها من فئات المجتمع. ولا يمثل هذا الحدث حالة نادرة في صناعة الإعلان، فبين فترة وأخرى يدور الجدل حول إعلان هنا أو هناك بداعي الإساءة لصورة المرأة بشكل عام أو محاولة تسليعها لتعزيز الإقبال على المنتج وإن كان مستفزاً للبعض في البيئات المحافظة.

ويقول الإعلامي بلال مواس المعترض على الإعلان لـــ”لبنان الكبير”، أن “المرأة المحجبة أغلب الأحيان مطروحة بصورة نمطية سيئة، ونادراً ما نرى إعلاناً يبرز نجاح المراة المحجبة وهي تعمل لصالح شركات محترمة يتخلله بل على العكس، نراها في المواضيع التافهة أو التي تخص العنف والمسيئة للمجتمع، حتى إنهم اختاروا لها دور المضطهدة والمظلومة والفقيرة في أحد المسلسلات الرمضانية، وهذا يثير استفزاز فئة تمثل أغلبية المجتمع ويعتبر تطاولاً على رمز من الرموز الدينية في بلد ندّعي أنه يتغنى بحرية المعتقد واحترام الأديان”.

ويضيف: “لا أنكر أن هناك محجبات معنفات ومضطهدات مثل النساء الأخريات غير المحجبات، ولكن على سبيل المثال الضحايا الخمس الأخيرة للعنف الأسري في لبنان جميعهم غير محجبات، ويؤسفني أنهم أوصلونا للكلام بطريقة شبه عنصرية ولكن الإعلان يستحق النقد ولا بد من الوقوف عنده”.

 

بالنسبة للإعلان وطريقة نشره، يقول: “الإعلان لافت جداً، والشعار عادة يعتبر أول ما يجذب المارّة أو سائقي السيارات، وشعارهم يدل للوهلة الأولى على الدعوة إلى خلع الحجاب في حال لم يستطع أحدهم قراءة الإعلان كاملاً بسبب تخصيصهم أكثر من ٥٠٪ من مساحة الإعلان لصورة المحجبة”.

وبحسب قوله أنه “بعدما أحدث الإعلان ضجة واسعة، قامت الجمعية نفسها بتنزيل إعلان جديد على صفحتها بطريقة مستعجلة ويبدو أنه تم تصميمه على تطبيق الـ (Word) وليس الـ (photoshop) يعرض صورة امرأه غير محجبة وغير واضحة (مغبشة) بمساحة لا تتعدى ٣٪ من الإعلان، ثم أعلنوا ببيان أن سبب اختيارهم للمحجبة، كان بسبب طبيعة البيئة التي تم عرضه فيها، بالطبع هكذا بيان غير مقبول ولا يُبرر خطأهم، فما ضرهم لو كان الإعلان يشمل محجبة وغير محجبة لتفادي أي تعليق”.

ويَذكُر مواس أن جمعية (أبعاد) اتصلت به وأوضحت له موقفها معتذرة عن الإعلان وأكدت أنه تنميط للمحجبة وأنهم رفضوا هذه الصورة ولكن هذه الحملة ليست من إشرافه ولكن القيمين على الحملة من جمعية (عكارنا) أصروا على ذلك”.

بدورها، أوضحت إدارة “جمعية عكارنا” موقفها الرسمي لــ “لبنان الكبير” مما حصل، معتبرة أن البيان الذي نشرته على صفحتها “كافٍ للرد على جميع الانتقادات غير البنّاءة التي صدرت عن أشخاص قرروا الحُكم على النوايا دون التواصل معها للاستفسار والتوضيح”، وأكدت “تفاعل الناس معنا لدى إدراكهم حقيقة الواقعة وتلقفهم الإيجابي للوقائع التي فندت في متن البيان، بينهم رجال الدين وفاعليات المجتمع، كان دليلاً على اقتناعهم بحسن نوايانا وأهداف مشروعنا الحقيقية”.

وقالت: “يكفي الجمعية أن يلحظ زوار ورواد مكاتبها نسبة الموظفات المحجبات فيها الكبيرة حيث تحرص إدارة الجمعية على اختيار الموظفين والموظفات الأكفاء بغض النظر عن الجنسية والجنس والدين”.

أخيراً ركزت الجمعية على “الإضاءة مجدداً على أن التركيز على الإعلان الذي يحتوي صورة الشابة المحجبة وتغييب النسخة الثانية من الإعلان إضافة إلى الفيديو الترويجي اللذين يحتويان شابات غير محجبات واللذين قمنا بعرضهما مع البيان على صفحتنا حيث يحاكيان الواقع الأليم للعنف الأسري بهدف التوعية والحد منها، هو ما أثار هذه البلبلة، والتي كنا بغنىً عنها في ظل أوضاع اجتماعية صعبة وأزمات معيشية ضاغطة تضرب المجتمع نحن بأشد الحاجة فيها للتكاتف والتعاضد ووضع جميع الإمكانات المتاحة في سبيل تخطيها”.

 

 

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً