لماذا رسموها بيضاء؟

وليد طوغان
وليد طوغان

العام الماضي عثر عالم الآثار النمسوي هيلك ثيور على هيكل عظمي قديم قال إنه سيغير الدنيا ويقلب التاريخ، ويعيد النظر في معادلات كثيرة في نظريات الآثار الفرعونية، وحكايات الملكات الفرعونية.

سكت العالم النمسوي من العام الماضي حتى أيام قليلة مضت، ثم أعاد الحديث عن اكتشافه معلناً أن الهيكل العظمي الذي اكتشفه كان لـ”ارسينوي”، الأخت الصغرى للملكة كليوباترا السابعة.

ما المثير في هذا؟

المثير أن العالم النمسوي قال إن فحص الهيكل العظمى يؤكد أن الملكة كليوباترا لم تكن بيضاء، ولا ممشوقة القوام، ولا جميلة المحيا، كما تقول الأساطير وكما ظهرت في الصور وعلى جدران المعابد.

السبب، أن أختها التي عثروا على رفاتها في أطراف الحدود الباكستانية، كانت قصيرة مفطوسة الأنف سوداء البشرة.

الملكة كليوباترا نفسها للآن لم يعثروا على قبرها، وكل صورها المتداولة ربما تكون محض خيال، أو تصورات منقولة عن رسوم على جدران المعابد المصرية لملكة شديدة الحسن رسموها وقالوا إنها كليوباترا، ابنة ابنة بطليموس.

لكن العالم النمسوي قال إن علينا إعادة النظر في وجهات نظرنا عن الملكة التي أحبت البطل التاريخي انطونيو وحيرت يوليوس قيصر… ثم حيرت التاريخ.

قال العجوز النمسوي أن الأرجح لديه، بعد فحص هيكله العظمي الجديد، إن كليوباترا ورثت مع أختها ملامح أمهما الأفريقية، معتبراً أن اكتشافه هذا لن يفتح الباب أمام رؤية جديدة لأسرة كليوباترا وشكل أسرة كليوباترا، وملامح أسرة كليوباترا فقط، إنما سيضيف للتكهنات تأكيداً على سوء العلاقة بين كليوباترا وشقيقتها الصغرى ارسينوي التي ماتت في مكان بعيد عن مصر، حيث عثر على هيكلها في مقبرة بسيطة ضئيلة، بملابس متواضعة فقيرة، بينما كانت أختها تحكم وتتحكم في مكان آخر.

لا أحد يعرف لماذا فضل المصريون القدماء التأكيد على ملامح البشرة البيضاء لما رسموا ملكاتهم، حتى وإن لم يكن كذلك؟

مثلاً، رسم المصري القديم الملكة حتشبسوت بوجه ناصع البياض في ملابس الرجال، مع أن حشسبسوت لم تكن بيضاء. ثم صنع المصري القديم تماثيل كثيرة للملكة نفرتيتي من دون أن يبرزوا لونها الحقيقي، أو ربما عن تعمد عدم إظهار لون بشرتها الحقيقي.

” نفر – تي – تي” بالفرعونية تعني “الجميلة القادمة”. والمعنى الذي استنتجه علماء المصريات أن نفرتيتي لم تكن مصرية، بل كانت أجنبية، أو كانت قادمة من أرض أخرى، لذلك قال بعض الآثاريين: نوبية أو سودانية.

عالم الاجتماع الديني منباور يرى أن نفي السواد عن العظماء تراث في الديانات الشرقية… من مصر للصين… وصولاً إلى الهند حتى الأباطرة الصينيين ظهروا في النقوش القديمة بخدود كستها مساحيق بيضاء تخفى الوانهم القمحية.

وفي فارس القديمة رسموا الإمام علي (رض) عريض الوجه جميل الانف، أبيض اللون، مع أن رجال الجزيرة العربية لم يكونوا كذلك.

منباور قال إن التراث نفسه اكتسح اليهود، فلما آمن بعضهم بالسيد المسيح رسموه ابيض البشرة هو الآخر، مع أن أغلب علماء الأجناس لا يعتقدون أن ذلك اللون صحيح.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً