الرواتب الشهرية كلفة “تصليحة” سيارة

راما الجراح

“سأدفع الآن نسبة ٩٠٪ من راتبي لتغيير زيت سيارتي، وسأدفع المبلغ نفسه كل ٣ أشهر تقريباً في حال لم يتجاوز سعر صرف الدولار الـ ١٣ ألف ليرة لبنانية في السوق السوداء”، يتمتم أحمد العامل في أحد المعامل في قسم التوضيب بهذه الكلمات بحسرة وقلق، ويقول: “راتبي يساوي ٦٧٥ ألف ليرة لبنانية أي ما يساوي الحد الأدنى للأجور، ٥٢ دولاراً أميركياص حسب سعره اليوم”، متسائلاً: “كيف يمكنني الاستمرار في صيانة سيارتي المرسيدس القديمة أقله لناحية تغيير الزيت في ظل هذا الارتفاع الجنوني للأسعار؟”.

ويوضح: “لدي طفلان ينتظرانني في المنزل لأجلب لهما الحليب والحفاضات، وزوجتي أوصتني بشراء بعض أنواع الخضار، لكن ما تبقى في جيبي ١٧٥ ألف ليرة لبنانية فقط حتى نهاية حزيران الحالي، فهل يمكن لأحدكم توقع كيف سنتمكن أنا وعائلتي من تأمين قوت يومنا لنهاية الشهر؟”.

تأثرت أسعار قطع تبديل السيارات بارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء حيث يصل إلى عتبة الــ ١٣ ألف ليرة لبنانية، وتحولت سيارات معظم اللبنانين إلى عبء مادي كبير جداً يفرض على صاحبه دفع أضعاف التكلفة القديمة والتي لم يعتَد عليها بعد، ولكن إلى متى؟.

السيارة ستصبح للفرجة

يقول أبو سامر لـــ”لبنان الكبير” إنه يضع على سيارته شهرياً ما لا يقل عن ٥٠ دولاراً لتصليح وتغيير بعض القطع البسيطة”، وسيارته التي تعتبر سيارة العيلة له ولأولاده كان من المستحيل أن يأتي يوم ويستغني عنها، ولكن بسبب صعوبة الأوضاع الاقتصادية والارتفاع المستمر في سعر الدولار يؤكد أنه بعد فترة ليست ببعيدة “سيضع سيارته أمام منزله للفُرجة إلى حين حلحلة الأوضاع في لبنان لأنه لم يعد قادراً على هذا الحمل أكثر من ذلك”.

الراتب الجيد لا يغطي كلفة التصليح

“ريتها ما كانت خطبتي” هكذا وصف الشاب “علي” واقع الحال الذي وصل إليه ومن أهم الأسباب التي دفعته لهذا التمني المبالغ التي يضطر لدفعها من أجل تصليح سيارته، فهو موظف في إحدى الشركات الخاصة ويبلغ راتبه الشهري 4 ملايين و500 ألف ليرة لبنانية، وكان يعد هذا الراتب في الماضي جيداً بطبيعة الحال، أما اليوم فأصبح يساوي ٣٥٠ دولاراً، وعند تغيير طقم دواليب بالحد الأدنى على حد تعبيره، يتكلف ١٢٥ دولاراً “وبعد ما أكلنا وما شربنا!”.

وبدوره يؤكد مسؤول أحد متاجر بيع القطع المستعملة أنه “دائماً كان سوق القطع الأوروبية ينافس الصناعة اللبنانية من حيث الأسعار، لأن أغلب القطع مستوردة من الخارج بالدولار، ومع ارتفاع سعر الصرف، من الطبيعي أن نجد هذا الغلاء الفاحش بالأسعار، هذا عدا صعوبة الاستيراد التي نواجهها اليوم وأسبابها متعددة، بالإضافة إلى تراجع كبير في سوق البيع بسبب ارتفاع الأسعار، اذ أصبح الزبائن يلجؤون إلى وسائل بديلة لترميم سياراتهم بدل شراء قطع جديدة أو حتى مستعملة باب أول”، على حد وصفه.

لا حل قريباً يلوح في الأفق، كل هذه التجارب ليست استثناءات، فكم أحمد موجوداً في كل بيت لبناني يتقاضى راتب الحد الأدنى ولا يقوى على إطعام عائلته وتأمين حاجاتها حتى نهاية الشهر، وكم سيارة ستصبح للفرجة كما سيفعل أبو سامر، وكم علي سيؤجل مشروع ارتباطه أو زواجه لأنه لا يستطيع تصليح سيارته وتأمين جهاز عرسه في الوقت نفسه!.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً