رصاصة سلاح غير شرعي تشل ابنة الـ 8 سنوات

إسراء ديب
إسراء ديب

لم يرحم السلاح غير الشرعي والتفلّت الأمني الذي تشهده البلاد منذ سنوات الطفلة سهيلة الكسار. كلّ ذنبها أنّها أرادت شراء “البوظة” من البقالة القريبة من منزل والديْها في ببنين مع إخوتها، لتتلقى وبشكلٍ مفاجئ رصاصة طائشة في ظهرها.

ولم تكن تشعر سهيلة في البداية بأيّة آلام ولم تنزل منها نقطة دم حتّى، الأمر الذي لم يدفع أهلها وأقرباءها في المنطقة إلى التفكير بخطورة الوضع أو الحادثة التي كانت مجهولة بالنسبة إليهم بشكلٍ تام، وكلّ ما حصل أنّ أختها بعد أن حاولت مساعدتها لتقف على قدميها، عجزت سهيلة عن القيام بأيّ خطوة بعد الضربة التي تلقتها، مؤكّدة أنّها لم تعد تشعر بقدميها، الأمر الذي أثار ريبة وقلق كلّ من رآها أو كان قريبًا منها وقت الحادث.

الخطر الذي واجهته الطفلة الصغيرة، لا يعدّ الأوّل من نوعه ولن يكون الأخير، بل سيكون كلّ الناس في نفس دائرة الخطر، في ظلّ الفوضى الأمنية التي يعيشها لبنان في كلّ مناطقه ومحافظاته، مع وجود أسلحة غير شرعية تضع أيّ إنسان في خانة الضحية، فهذه الظاهرة المميتة لن تنتهي إذا لم تُقرّ القوى الرسمية قانونًا يردع المرتكبين الذين قد تُؤدّي رصاصاتهم العشوائية إلى وفاة أيّ شخص لا علاقة له بالحدث على الإطلاق، أو إصابته بإعاقة مستديمة لن يخرج من انعكاساتها أبدًا.

البحث عن طبيب أعصاب

اليوم يعيش أهل سهيلة في قلق وخوف شديدين بسبب صحة طفلتهم، ويقول والدها محمّد الكسار لـ” لبنان الكبير”: “بعد سقوطها أرضًا وعدم قدرتها على النهوض من جديد حملها عمّها إلى طبيب في المنطقة، وأكّد لنا أنّه من الضروري إدخالها إلى المستشفى، وبالفعل تمّ نقلها إلى مستشفى النيني في طرابلس، وبعد الكشف عليها وتصويرها، تمّ اكتشاف أنّها مصابة بطلقة نارية أيّ أنّ رصاصة دخلت إلى عمودها الفقري وتحديدًا استقرّت بين الفقرتين الرابعة والخامسة وأجريت عملية لها لإزالتها، ولكنّها للأسف لا تشعر بجسدها من الجهة السفلية، ما دفعني إلى التوجه إلى بيروت حاليًا، للبحث عن بروفيسور متخصّص في الأعصاب ليجد حلًا، فابنتي الآن في حالة شلل ولا أريدها أن تصل إلى هذه الحال بل سأفعل كلّ ما بوسعي لإنقاذها سريعًا”.

… ولا طوارئ للأطفال

وبعد عملية بحث متكرّرة من أهل سهيلة للبحث عن طوارئ متخصّصة بالأطفال في الشمال وتحديدًا في طرابلس وصولًا إلى عكار، أكد كلّ من والدها ووالدتها عدم عثورهما على مستشفى حتّى اللحظة فيه طوارئ للأطفال، وأشارا إلى أنّهما وجدا في بيروت هذا النوع من الطوارئ ولكن لا أسرّة شاغرة، على الرّغم من تغطية كلّ من الضمان والتأمين لوالدها صحيًا الذي لم ينكر الدور المهم الذي قام به مستشفى النيني “ولكن طفلتي اليوم في ظلّ وضعها الصعب والعاجل كانت قد دخلت إلى طوارئ البالغين ومعها امرأة مريضة أخرى مصابة بالزهايمر، ونحن نريدها بالفعل مع الأطفال لأنّ وضعها غير مناسب على الإطلاق”.

والد سهيلة رفع دعوى ضدّ مجهول بعد الحادثة، مشدّدًا على “ضرورة تحمّل الأجهزة الأمنية مسؤولياتها كاملة، ونحن نتواصل معها ولن نترك هذه القضية تذهب سدًى، بل نسعى إلى تحويلها إلى قضية رأي عام، لا سيما وأنّنا نبحث عن طبيب يُعيد الحياة لابنتي لتعيش طفولة سوية مثلها مثل أيّ طفل في العالم”.

حادث غير متوقّع

وتعيش والدة سهيلة أسماء عبد الله الكسار حالة من القلق الكبير بسبب وضع ابنتها، وعلى الرّغم من تأكيدها تخطّي ابنتها مرحلة الخطر، إلّا أنّها لن تهنأ إلّا بحصول ابنتها على العناية الكافية لتعود إلى طبيعتها كيّ تلعب وتكبر كباقي الأطفال، وفق ما قالته لنا.

وكانت أسماء قد طرحت قضية ابنتها على صفحتها عبر فيس بوك، مؤكّدة دهشتها وعدم توقعها حصول هذا الحادث لابنتها، وتقول:” لقد نشرت منذ أيّام صورة تتحدّث عن الرصاص الطائش وخطورته، ولكن سبحان الله ما نشرته أصاب ابنتي الحبيبة التي سقطت منذ حوالي الأسبوع عن السلم وكسر كتفها ووضع عليه مشدًا من القماش، وعند سقوطها أرضًا منذ ساعات بسبب الرصاص لم تظهر أيّ علامة تُشير إلى وجود رصاصة ولكن وجد القليل من الدماء على المشد فقط وأصيب نخاعها الشوكي، كما أنّه خلال تصويرها في المستشفى اعتقدوا بوجود حديد في أعضائها واعتقدت أنّها قد ابتعلت 250 أو 500 ليرة لبنانية، ولكن بعد الصورة اكتشفنا الرصاصة التي كانت صدمة كبيرة بالنسبة إلينا”.

وبعد أن أكّدت أنّ وضع سهيلة بات أفضل بكثير، أشارت إلى “ضرورة التفكير 100 مرة قبل القيام بإطلاق الرصاص بشكلٍ طائش، فالبهجة والاحتفال يُمكن أن يكونا بطرق مختلفة ترمز إلى الفرح، ولكن هذه الطريقة تحديدًا تُؤذي الآخرين وقد تُنهي حياتهم وتُؤذي المقرّبين منهم”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً