الكورنيش… ملاذ الباحثين عن الترفيه والاسترزاق

جنى غلاييني

على طول خط الكورنيش البحري في بيروت تلتقي الغني والفقير، ففي الصباح الباكر لا تجد إلا عدداً من الناس الذين يُعدون من الطبقة الراقية يمارسون الرياضة ولا سيما المشي، وفي وقت الظهر والعصر يزدحم بالأغنياء والفقراء معاً، أمّا في المساء فتنقلب الصورة ليصبح الكورنيش ملجأً للترفيه والاسترزاق لدى الطبقة “المعترة”.

من ناحية الترفيه، تمتد النراجيل مع البزورات أو السندويشات المحضرة أو الصحون الممتلئة بالطعام على طول مقاعد الكورنيش. أمّا من ناحية الاسترزاق، فلا شيء جديد في صورة الباعة الجوالين الذين يبيعون البالونات والألعاب أو يجرون عربات الفول والترمس والذرة، الا رؤية فتيات يبعن القهوة التي يحملنها في “شنط” على ظهورهن.

وفي جولة مسائية لموقع “لبنان الكبير” على كورنيش بيروت البحري، تحدثنا مع عدد من الأشخاص الجالسين وهم يدخنون النرجيلة. يقول محمد ح. شاب ثلاثيني كان يقوم باشعال الفحم على جرة غاز صغيرة عن سبب لجوئه وأصدقائه الى الكورنيش مفترشين النراجيل والى جانبهم “كيس شبرقة”: “هذه الجلسة على الكورنيش أرخص من الذهاب الى أي كافيه في لبنان. كنا سابقاً نذهب كل يوم الى كافيه مختلف والفاتورة لا تتخطى الـ 100 ألف، أما اليوم فتقفز عن المليون بأريحية، وإذا جلسنا في البيت فعلى ضوء لمبة ups لذا، الأنسب أن نأتي ونستمتع بتدخين النرجيلة في الهواء الطلق. وهذه المرة العشرين التي أنزل فيها ورفاقي الى الكورنيش وندخن النرجيلة ولا أحد اقترب منا أو قال إن هذا الأمر غير مسموح به هنا”.

وفي صورة مشابهة، جلسة لثلاث فتيات ووالدتهن والنرجيلة خامستهن، مقابل عمود الجامعة الأميركية، تقول احداهن: “نأتي الى هنا كل خميس، جمعة وسبت مرافقات لأبي الذي يصطاد في هذه الأيام مساءً، فبدلاً من الجلوس في البيت وجدناها فرصة للترفيه عن أنفسنا فلسنا قادرات على الذهاب الى المطاعم والكافيهات ولا التنزه خارج بيروت نظراً الى غلاء البنزين، لذا الكورنيش كان الحل الأخير للتنفيس”.

وعما إذا لاحظت نوعاً جديداً من الباعة على الكورنيش، تشير الى أن “هناك فتيات يقمن ببيع القهوة المعدة في المنزل والموضوعة في ترمس يبقيها ساخنة، وصراحة فوجئت بهذا الأمر، فالأوضاع السيئة أجبرت الفتيات على العمل بأي طريقة ممكنة”.

وفي حديث مع بائعة قهوة تبلغ من العمر 29 عاماً، كانت تقف الى جانب الدرابزين وتنادي “قهوة قهوة”، تشرح سبب اختيارها هذه المهنة بالقول: “كفتاة فقيرة غير متعلمة لا أملك شهادة لن أجد أي وظيفة بسهولة، لذا الوضع المالي والمعيشي أجبرني على تحضير القهوة وصبها في الترمس والنزول الى الكورنيش لبيعها بـ 10 و15 ألفاً وذلك أفضل من الشحادة والتوسل الى الناس، كما أعمل في تنظيف البيوت صباحاً على الساعة، كل هذا كي أعيل أبي المقعد وأمي التي تدير أمور البيت”.

“الفقير يساعد الفقير” هكذا تقول بائعة القهوة عن استرزاقها من هذه المهنة، لافتة الى أن “هناك الكثير من الباعة على الكورنيش والكل يسترزق بطريقته الخاصة، وأنا كل من يشتري مني أراه فقيراً كحالتي”.

شارك المقال