مدينة العلم والعلماء تقهر أزماتها بالثقافة

إسراء ديب
إسراء ديب

تحت وطأة القنابل، أزيز الرصاص، قطع الطرقات والأجواء المتوترة، فتحت مدينة طرابلس ذراعيها لتحتضن أهم الفعاليات الثقافية التي تشهدها المدينة سنويًا وهي معرض الكتاب السابع والأربعين.

ولم تمنع الظروف الأمنية والاقتصادية مدينة طرابلس من افتتاح معرضها السنوي للكتاب، إذ لم تتخلّ المدينة عن هذه الاحتفالية الثقافية على الرّغم من الاضطراب الأمني الذي شهدته مؤخرًا، وهي دائمًا ما تخلق الأمل والتفاؤل مهما كانت التحدّيات صعبة وقاسية.

المعرض الذي تُنظمه الرابطة الثقافية للعام الثاني على التوالي وتستقبله بكلّ فعالياته بدءًا من عرض الكتب وصولًا إلى عقد المؤتمرات، وتنظيم الأمسيات الشعرية وتوقيعات الكتب الحديثة، تمكّن من استقطاب المئات من الأشخاص الذين أرادوا كسر الصورة النمطية والسلبية التي انتهجها البعض للمدينة، وعلى الرّغم من الغضب الذي شهدته شوارع طرابلس، إلا أنّهم أصرّوا بعزيمة شديدة على افتتاح المعرض والاحتفال بحلوله، كاسرين كعادتهم كلّ العراقيل التي قد تُواجههم اقتصاديًا، صحيًا أو أمنيًا.

إصرار رغم الظروف

منذ سنتين، اتخذ قرار بتغيير مكان انعقاد المعرض، فبدلًا من إقامته في معرض رشيد كرامي الدولي كما جرت العادة خلال الأعوام السابقة، انتقل العرض إلى مبنى الرابطة الثقافية لأسباب وظروف عديدة دفعت إلى اتخاذ هذا القرار الذي يراه البعض منصفًا وجديرًا بالاهتمام في ظلّ الظروف الاقتصادية القاهرة التي تمرّ على المدينة وتمسك أهلها والرابطة بهذه التظاهرة الثقافية، أمّا البعض الآخر فيعتبر أنّ معرض رشيد كرامي كان جاذبًا بشكلٍ كبير بسبب موقعه ومساحته الكبيرة، ما يسمح بحضور الآلاف لمتابعة الفعاليات من البداية حتّى النهاية.

من هنا، يُؤكّد رئيس الرابطة رامز الفري أنّ تغيير مكان عقد المعرض جاء لأسباب عدّة أبرزها:

أوّلًا: الواقع الصحي مع انتشار وباء كورونا في البلاد، ونظرًا لاستقطاب معرض كرامي الآلاف من الأشخاص، سيكون من الخطير جدًا الاستمرار في متابعة الفعاليات فيه، بسبب القلق من حصول عدوى.

ثانيًا: صعوبة الأحوال الاقتصادية وغلاء الكثير من التجهيزات لا سيما التقنية منها بخاصّة بعد ارتفاع سعر صرف الدولار بشكلٍ كبير.

ثالثًا: الخوف من الانفلات الأمني، فالمنطقة الجغرافية التي يقع معرض رشيد كرامي فيها تبقى مفتوحة وقد تكون معرّضة لأيّ تجاوزات أكثر.

وعن افتتاح المعرض يقول الفرّي لـ “لبنان الكبير”:  بسبب الجمود المسيطر على المدينة، أصررنا على إطلاق معرض الكتاب هذا العام، وللأسف الوضع الأمني كان متوترًا للغاية، وبعد أخذ ورد اتخذنا القرار بمتابعة عملية الافتتاح إذ ينبغي مقاومة الظروف السلبية، وعلى الرّغم من هذه التوترات كان الإقبال جيدًا كذلك الافتتاح، لأنّ الناس فعليًا أرادت الحضور للتأكيد على تمسكها بالثقافة من جهة، ولتُثبت أمام الجميع أنّ المعرض وفعالياته الثقافية هو الصورة الحقيقية للمدينة وأهلها من جهة ثانية”، مشيرًا إلى تحسّن الحضور بشكلٍ لافت في الأيّام التي تلت يوم الافتتاح وأنّ النشاطات لا تزال قائمة حتّى الأسبوع المقبل، إذ يستمر المعرض بعمله يوميًا حتّى يوم الأحد (11 تموز)، وذلك بدءًا من الثالثة وصولًا إلى الثامنة مساءً في قاعات الرابطة في شارع الثقافة، آملًا تحرّك العجلة الاقتصادية بسبب هذا المعرض الذي ينعكس بشكلٍ أو بآخر على صورة المدينة إيجابًا، كما يُتيح القدرة على تنشيط العديد من القطاعات الاقتصادية حتّى لو موقتًا.

وفي ظلّ ارتفاع أسعار الكتب بشكلٍ عام مع ارتفاع سعر صرف الدولار، يُؤكّد فرّي وجود دور نشر عدّة تُقدّم تخفيضات مختلفة وبأسعار جاذبة للناس قد تبدأ من 5000 ليرة ويرتفع هذا السعر بحسب دار النشر، وأخرى تعتمد بيع الكتب على سعر الصرف، ما يرفع من سعر الكتاب.

الوقاية ضرورية  

ومع خطر انتشار وباء كورونا، ومع إعلان وصول حالات مصابة بالمتحوّر الهندي الذي بات يُشكّل خطرًا عالميًا، يُشدّد الفرّي على اتخاذ الرابطة إجراءات وقائية مختلفة لمواجهة هذا الواقع الصحي الذي يُواجهه العالم أجمع.

ويقول: “حتى قبل إعلان وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن وصول حالات إيجابية مصابة بالوباء الخطير، تقوم الرابطة بواجباتها التي تكمن في اتخاذ الإجراءات الوقائية الكافية التي قد تحدّ من انتشار الوباء الذي نأمل التخلص منه قريبًا وعدم انتشاره بين الحاضرين، ولكن يوجد رجل أمن عند بوابة الرابطة يقوم بفحص حرارة كلّ شخص، فضلًا عن تأمينه كمامات لكلّ من لا يملك واحدة، أمّا المسرح الذي يستقطب حوالي 400 شخص، يدخله حوالي 100 شخص مثلًا مع تتبع الإجراءات والاحتياطات اللازمة”.

شارك المقال