“ما لذ وطاب” من الأدوية في مستودعات طرابلس

إسراء ديب
إسراء ديب

بعد استفحال قضية فقدان الأدوية وغياب الأدوية البديلة، اتخذ عدد من المحتجين في طرابلس، قرارًا يقضي باقتحام عدد من مستودعات الأدوية، ليكتشفوا تخزين كمّيات كبيرة من الأدوية التي فقدت بشكلٍ مفاجئ من الأسواق، كأدوية الضغط، الالتهابات، خافض الحرارة والسعال، وغيرها. وهي أدوية بحث عنها المواطنون لأشهر، متنقلين من مدينة إلى أخرى.

وما إن انتشر خبر قيام المحتجين باقتحام مستودعات أدوية مقابل محطة مكية في طرابلس، كذلك في ضهر العين وغيرها، حتّى انهالت التعليقات المختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي التي تُطالب الثوار بتأمين أدويتهم المختفية منذ فترة، وتعليقات أخرى كانت تُشدّد على ضرورة معرفة الأماكن التي اقتحمها المحتجون كي يُشاركوا في عملية الاقتحام، التي أشار القائمون عليها إلى رغبتهم في الحدّ من “الاحتكار الذي يُديره فاسدون ومتاجرون بالإنسان وحقوقه في لبنان”، وفق ما يقول محتجون.

وتأتي عملية الاقتحام كخطوة جديدة رفضتها نقابة صيادلة لبنان رفضًا تامًا، معتبرة أنّها تعدّ واضح وعملية سطو بقوّة السلاح للنيل من الصيدليات ومستودعات الأدوية، وهذا ما ينفيه المحتجون الذين صوروا ما قاموا به منذ لحظة دخولهم إلى هذه المستودعات التي وجدوا فيها “ما لذ وطاب” من الأدوية المفقودة والتي “يشحذها” اللبنانيون من سوريا وتركيا أو ينتقلون من محافظة إلى أخرى سعيًا لإيجاد حبة منها.

يُمكن القول، إنّ أزمة فقدان الأدوية، كارثة صحية ضربت لبنان، وهدّدت الكثير من الصيدليات بالإقفال، والمواطنون يشكون من آلامهم وحاجتهم إلى الأدوية لا سيما تلك الخاصة بعلاج الأمراض المزمنة والمستعصية. كما أن الكثير من الأطفال يُواجهون خطر الموت المحدق بهم في كلّ لحظة، لأنهم هم أيضاً ضحية أزمة دوائية. كل ذلك وسط تعاظم العديد من الأزمات والملفات التي أظهرت جملة من فضائح الإهمال الموقعة باسم دولة رفعت يدها، واستسلمت لكلّ ريح ضربت عماد هذه الدولة وجهاتها، وهي اليوم تُطلق العنان لفساد بعض التجار الذين يُهينون البشر.

الحدّ من الاحتكار 

يُظهر الثوار الذين اقتحموا المستودعات، رغبة شديدة في الحدّ من احتكار بعض التجار للأدوية، مؤكّدين أنّهم لن يملوا أبدًا من هذا الملف إلى حين الوصول إلى خاتمة تُرضي المواطن الذي أنهكه غياب الأدوية.

ويقول الناشط خالد الديك لـ” لبنان الكبير”: “بعد هذه الخطوة التي قمت بها مع أكثر من 100 ثائر آخر، تمكنّا من تأمين أدوية لأكثر من 200 عائلة دفعت ثمن كلّ دواء، وأكثر من 50 شاباً تمكّنوا من شراء الحليب وفق السعر المدعوم، وهي خطوة ستكون إيجابية وستُيسر عمل الصيدليات فيما بعد. لم نقتحم هذه المستودعات إلّا دفاعًا عن المواطن الذي لم يعد يتحمّل كلّ الأزمات، وفي الحقيقة بعد وفاة امرأة منذ أيّام بسبب عدم إيجادها دواءً للضغط، لم نتمكّن من تمالك أعصابنا ومشاعرنا كانت مليئة بالغضب”.

وإذ ينفي الديك ما قاله نقيب الصيادلة في بيانه مؤخرًا والذي أشار فيه إلى حصول عمليات اعتداء وتكسير ليُؤكّد أنّ الثوار دخلوا إلى المستودعات بلا أسلحة ولا نيّة لهم لإثارة الفوضى والأذية، مشدّدًا على أنّه تمّ تحذير المستودعات وتنبيهها في وقت سابق للإفراج عن الأدوية، ويقول: “اقتحمنا هذه المستودعات بالصوت والصورة للتأكيد على ما قمنا به خطوة بخطوة، وما صدر عن نقيب الصيادلة كان غريبًا جدًا، فنحن كنّا نقوم بهذه الخطوة حتّى بعد حضور الأجهزة الأمنية من المخابرات والجيش الذين كانوا صبروا علينا أصلًا، لأنّ هذه الأزمة تلمس كلّ المواطنين اللبنانيين، وتنعكس سلبًا على كلّ صغير وكبير في البلاد”، معتبرًا أنّ “الشعب بات فاسدًا أكثر من السياسيين”.

كما يُؤكّد أنّ المحتجين سيقومون أيضًا باقتحام مستودعات جديدة، ويكشف “لقد أجرينا اتصالًا هاتفيًا مع إحدى شركات الأدوية في بيروت لتُؤكّد لنا أنّها تُسلّم الأدوية لمدينة طرابلس دائمًا، ما دفعنا إلى التساؤل عن مصير هذه الأدوية وأسباب تخزينها وعدم توزيعها على المحتاجين والمرضى”، لافتًا إلى “وجود دعم شعبيّ كبير لهذه الخطوات”، متحدثاً عن ملفات جديدة سوف يتمّ التحدّث عنها وكشفها في وقتٍ آخر.

المستشفيات في فضيحة جديدة

في المقابل، يكشف الديك مع عدد من الثوار لـ “لبنان الكبير” عن وجود مستودع في الميناء، كبير مخصّص لتوزيع الأمصال والإبر وغيرها من التجهيزات الطبية على المستشفيات في طرابلس، ولكن عدداً من المستشفيات الطرابلسية لا تعترف بتسليمها هذه المواد، وتُؤكّد دائمًا أنّها تُعاني نقصًا حادًا منها.

ويقول: ” المواطن اللبناني يُعاني والفساد مستشرٍ في كلّ القطاعات والناس لا ترحم بعضها، وبالتالي إنّ أيّ خطوة قد نقوم بها سنتمسك بتفاصيلها لنتمكّن من الخروج من هذه الأزمات شيئًا فشيئًا”.

شارك المقال