قلة الماء تنذر بالطوفان في إيران ومصر وتركيا

حسناء بو حرفوش

يقال أن “من يملك الماء والنور لن يجد مبرراً للضجر”، ولكن يبدو أن النقص في الماء والكهرباء حكماً، يثير الكثير من الأزمات والاحتجاجات، وقد ينذر بالطوفان السياسي والإنساني. اخترنا لكم من الصحافة العالمية بعض القراءات حول آخر التطورات المرتبطة بملف الماء في كل من إيران ومصر وتركيا. ففي إيران، احتجاجات أدت إلى عدد من الوفيات، وفي مصر تصعيد ينذر بتحقق نبوءة بطرس بطرس غالي حول “حرب المياه”، وعلى حدود تركيا، شحّ في المياه يهدد منطقة بأكملها بالعطش.

إيران: ضحايا “انتفاضة المياه”

البداية من إيران حيث نقل موقع “تيليغراف أونلاين” عن سقوط ضحية جديدة في الاحتجاجات التي اندلعت على خلفية نقص المياه، مع مواجهة البلاد “أسوأ موجة جفاف منذ 50 عاماً (…) أثرت على الأسر ودمرت الزراعة وتربية الماشية كما أدت إلى انقطاع التيار الكهربائي. وقتل في الاحتجاجات شاب بالرصاص خلال الليلة الثانية من الاحتجاجات جنوب غرب البلاد، ووجهت أصابع الاتهام لمحتجين مسلحين. كما نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر، بحسب ادعاء النص المرفق، أن متظاهرين يشعلون الإطارات لإغلاق الطرق (…) كما وجّه الناس، خلال بعض الاحتجاجات، غضبهم ضد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.

بدوره، نقل الموقع الرسمي للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية أن ” انتفاضة أهالي خوزستان (…) مستمرة على الرغم من إجراءات النظام القمعية ونيرانه التي أدت لاستشهاد ما لا يقل عن ثلاثة شبان حتى الآن وجرح عدد أكبر”. ونزل الآلاف إلى الشوارع في منطقة كوت عبد الله (…) وأغلق المتظاهرون الطريق الرئيسي للمدينة بإشعال النيران وأضرموا النار في عربات للشرطة وسيارة للباسيج وسيطروا على الشوارع (…) وامتدت الاحتجاجات لتشمل إغلاق الطريق الرئيسي المؤدي إلى الأهواز.

أزمة مضاعفة

وكان موقع “إيران برايمر” قد نقل الأسبوع الماضي عن معاناة “إيران من انقطاع التيار الكهربائي ونقص المياه خلال موجة الحر الشديدة، حيث واجهت العديد من المدن الكبرى، بما فيها طهران من 23 أيار انقطاعاً في التيار الكهربائي هو الأسوأ منذ العام 2010 (…) وواجهت أكثر من 300 مدينة، بحلول تموز نقصاً في المياه بسبب الجفاف الأكثر حدة منذ العام 1971.

مبادرة أوروبية لتجنب “حرب المياه”

أما بخصوص مصر، فقد نقل موقع أوروبي قراءة موقعة باسم ديميتريوس كانتمنيديس، باحث في الأمن البيئي، تقترح “الدور الذي يمكن لأوروبا بذله للمساعدة في تجنب “حرب المياه” على خلفية مشروع سد النيل وتمسك إثيوبيا به. ويذكر المقال بتحذير وزير الخارجية المصري السابق، بطرس بطرس غالي في العام 1985، من أن “الحرب القادمة في الشرق الأوسط ستكون على المياه وليس السياسة”. ويسرد المقال المفصل تكاليف المشروع الاثيوبي والمخاوف المصرية ويدعو “الاتحاد الأوروبي للتعامل بشكل استباقي مع الأزمة، التي قد تؤثر بشكل مباشر على أمن الاتحاد، ما يهدد بكارثة إنسانية أخرى على أعتاب أوروبا”.

ووفقا للمقال، “لم يمنح الاتحاد الأوروبي القضية الاهتمام الذي تستحقه، نظراً لخطر زعزعة استقرار المنطقة بأكملها (…) وقدم البرلمان الأوروبي منذ أيام قليلة فقط، أول تحليل متعمق له حول التهديدات الأمنية للتغير المناخي على أوروبا. ويشير التقرير إلى أن السد الإثيوبي لن يؤثر على الأمن المائي لمصر ما لم يكن هناك جفاف طويل الأمد. ومع ذلك، في حالة حدوث جفاف طويل المدى، لا بد من ضمانات واضحة لضمان تلبية الاحتياجات الأساسية لدول المصب. ويوصي التحليل نفسه بثلاثة إجراءات يتخذها الاتحاد الأوروبي للمضي قدمًا في أجندته الخاصة بالأمن المناخي: أهداف عسكرية قابلة للقياس والتخطيط في ما يتعلق بتغير المناخ؛ توسيع المشاركة المناخية بموجب سياسة الأمن والدفاع المشتركة؛ والقيادة السياسية “للانتقال من الكلام إلى التطبيق في مجال أمن المناخ”.

إقرأ أيضاً: مصر: زخم الأزمات الإقليمية يعيدها إلى صدارة العمل العربي

وترتبط معالجة مشروع سد النهضة بست قضايا تؤدي إلى نتيجة سلمية بين الدول المعنية: الشفافية والمشاركة الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي وحل الخلافات السياسية الأكبر بين الدول الثلاث والمسائل الفنية واتفاقيات الرقابة وآلية التحكيم. وهذا يتطلب أن يكتسب الاتحاد الأوروبي فهماً واضحاً للوضع في المنطقة، ليس فقط كمراقب لعمليات الاتحاد الأفريقي، ولكن كمشارك في المناقشات لضمان تحديد المخاطر والفوائد الحقيقية وتحديدها كمياً (…) أي يعتمد الاتحاد الأوروبي على أصوله الدبلوماسية للتحول من مراقب سلبي إلى وسيط نشط (…) أما في الجانب الفني، يمكن للاتحاد الأوروبي توفير الخبرة العلمية في العمليات واتفاقيات تجارة الطاقة وسلامة السدود الخ. (…) ونظراً لأن تغير المناخ قد يغير تشغيل السد، يجب اعتماد آلية تحكيم خاصة واتفاقية إشراف (…) بالإضافة إلى إشراك المجتمع المدني في عملية الرقابة للمساهمة بالمعرفة التنموية.

تركيا: أزمة على الحدود وفي الداخل

أما في الجانب التركي، فقد نقل موقع “المونيتور” عن أزمة مياه تواجهها المنطقة السورية الخاضعة لسيطرة الأتراك. وبحسب المقال، “تعاني مدينة الباب في ريف حلب الشمالي الشرقي، الواقعة تحت سيطرة المعارضة المدعومة من تركيا، من الجفاف ومن الانخفاض الشديد في مستوى المياه الجوفية في معظم الآبار الارتوازية التي تغذي المدينة بمياه الشرب. وقد جفت بعض هذه الآبار تمامًا مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير، ما ينذر بكارثة إنسانية. وأطلق ناشطون من مدينة الباب حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت شعار “الباب عطشان” لتسليط الضوء على معاناة سكان المدينة في تأمين مياه الشرب والدفع باتجاه الحلول. ويشتري معظم المواطنين المياه التي تأتي من الصهاريج، لكن الارتفاع بالأسعار يصعب الأمور على معظم الأسر الفقيرة (…) الكارثة تلوح في الأفق، ما لم يتم تدارك الوضع”.

“مقبرة الفلامينغو”

وفي سياق  متصل، في الداخل التركي، تحولت بحيرة توز، وهي تعدّ أكبر بحيرة في وسط تركيا والتي كانت تعرف باسم جنة الفلامينغو، الى مقبرة لهذه الطيور مع نفوق نحو 5 آلاف من صغارها تعرضت للجفاف بسبب “الري بالغمر”، بحسب ما نقلت وسائل إعلام تركية.

المصادر:

Telegraph India
NCR Iran
friends Of Europe
Al Monitor

شارك المقال