“الخبيث” يضرب دير عمار ومحيطها؟

إسراء ديب
إسراء ديب

تمكّنت وسائل إعلامية مع دراسة إحصائية أجريت في دير عمار منذ أيّام، من إعادة فتح ملف معمل دير عمار الكهربائي من جديد، إذْ ذكرت هذه الاحصائية، بأنّ نسبة التلوّث قد ازدادت في الفترة الأخيرة في البلدة وجوارها، وأدّت إلى ارتفاع نسبة الاصابة بمرض السرطان فيها، الأمر الذي ربطه البعض مباشرة بوجود معمل الكهرباء الذي بات يُشكّل عامل قلق بالنسبة الى الكثير من المواطنين الذين يخشون على حياتهم، خصوصاً وأنّ الاصابة بأيّ مرض في الفترة الأخيرة محلياً، أصبحت تُكلّف ثمناً باهظاً مع فقدان الأدوية وعدم تأمينها رسمياً.

وفق أحد المصادر المتابعة لقضايا البلدة، فإنّ هذه الاحصائية “التي لا ندرك القائمين عليها أو دورها الذي كان عليها القيام به، ليست سوى دراسة فردية قام بها البعض ولا يُمكن تعميمها أو زجّ المعمل الكهربائيّ فيها فقط من دون ذكرها لأيّ أسباب ملوّثة أخرى أو أسباب مثبتة علمياً”. ويقول لـ “لبنان الكبير”: “إذا أردنا الحديث عن التلوّث الحقيقي، فهناك أسباب مختلفة، ولا يُمكن تعميم النتيجة والالتزام بها إلّا بوجود قوى معروفة ومتخصّصة استخدمت الأدوات الاحصائية والطرق العلمية للبحث في كلّ المسألة من الألف إلى الياء، لا عبر اللجوء إلى الواتساب للتواصل مع الحالات، بحيث نشرت رسالة عبر هذا التطبيق تحثّ المصابين بمرض السرطان (أو من يعرفهم) على التواصل مع المرسل، واتضح حتّى اللحظة أنّ أكثر المصابين الذين تواصلوا هم من الاناث، لأنّ معظم الاتصالات بات يؤكّد إصابة الأكثرية بمرض سرطان الثدي حسب ما علمت”.

ولا يتوقّع رئيس بلدية دير عمار خالد الدهيبي، أنْ تكون نسبة الأمراض (وتحديداً مرض السرطان) في البلدة أكثر من غيرها كما يُروّج البعض، ويقول لـ “لبنان الكبير”: “لا ندرك من وضع الاحصائيات أو روّج لها، لكن لم تتجاوز نسبة الاصابات في بلدتنا غيرها من الأماكن، وللأسف انّها ليست المرّة الأولى التي تحصل فيها توقّعات وإحصائيات غير دقيقة، فمثلاً نحن مشهورون باللوزيات وأتباعها، ومنذ فترة ضربت هذه المواسم وقيل انّه بسبب المعمل، مع العلم أنّ مواسم في مناطق أخرى ضربت أيضاً، لكن كنّا نؤكّد أنّ ذلك نتيجة وجود مسبّب كجرثومة، ولجأنا حينها إلى الزراعة من جديد وتمكّنا من ذلك بنجاح”.

ويستذكر الدهيبي التعاون المستمرّ بين البلدية ووزارة البيئة للحفاظ على التوازن الصحي والبيئي كلّ فترة في البلدة، موضحاً أنّ جهازاً وضعته وزارة البيئة عام 2016 يقيس كلّ فترة زمنية البيئة المحيطة ونسبة التلوّث إنْ وجدت على مدار الساعة، “وكانت وضعت أجهزة عدّة (اختارها متخصّصون بيئيون) في غرفة كاملة فيها أجهزة كثيرة ومسيّجة في مناطق مرتفعة وبعيدة عن الازدحام كما بعيدة عن المقالع والكسارات والمعمل أيضاً، ولم نجد مشكلة تلوّث بيئي”.

ولا يُخفي البروفيسور مصطفى الدهيبي وهو أستاذ في الجامعة اللبنانية – كليّة العلوم (اختصاص كيمياء صناعية ونووية) أنّ معدّل التلوّث في دير عمار يُعدّ أقلّ من المعدّل العام المسموح به عالمياً، مشيراً الى أنّهم أجروْا عام 2016 وبرعاية من البلدية، بحثاً علمياً دقيقاً عن نسبة التلوّث في البلدة وبلغت 114 أيّ أقلّ من المعدّل العالمي وهو 120، “وكانت الوزارة تُرسل هذه الأرقام كلّ 6 أشهر، لكن بعد كورونا لم يتمّ إرسال هذه الداتا”.

ويؤكد الدهيبي أنّ المرض “الخبيث” موجود حتّى ما قبل إنشاء المعمل، معتبراً أنّه لا يُصيب أهالي البلدة فحسب، بل يُصيب أيّ إنسان لأنّه يتأثر دائماً بعامل معيّن يؤدّي إلى هذه الاصابة التي بدت واضحة أكثر لا سيما بعد ارتفاع الكثافة السكانية أخيراً.

وإذْ يعتبر الدهيبي أنّ المحطّة ليست المسؤولة عن التلوّث، (مؤكّداً أنّ نسبة الاصابة بالسرطان في المنية تُعدّ أكبر من دير عمار)، يُشدّد على أنّ زحمة السير الخانقة عند حاجز البلدة، لا سيما بين الساعة السابعة والثامنة صباحاً وغيرها من الأوقات المعروفة ذهاباً وإياباً وهي ساعات محدّدة، إضافة إلى الزحمة المسجّلة عند الأوتوستراد الجديد المؤدّي إلى دير عمار من البداوي، كلّها عوامل تُؤدّي إلى ارتفاع نسبة التلوّث بسبب عوادم السيارات والمازوت. ويضيف: “لا ننسى القصف الذي نفذته القوى السورية عام 1982 على طرابلس، حينها قُصفت المصفاة التي استمرّ الدخان الأسود بانبعاثه منها لمدّة 6 أشهر، ما من شأنه أنْ يُؤثر سلباً ويُعطي مفعولاً ساماً يستمرّ بعد عشرات السنين على الأرض، وبما أنّنا نأكل أو نشرب من التربة التي لم يتمّ تنظيفها حينها، ربما كانت تفاعلت الأرض مع هذا التلوّث بصورة مباشرة ما انعكس على حياة المواطنين وصحتهم بعدها”.

وينبّه على أن “تصويب الاتهام ضدّ المعمل كلّ مرّة، يُؤكّد فكرة تتحدّث عن رغبة البعض في إقفال منشآت المدينة، لكن بمبررات تُصنّف على أنّها صف حكي وغير منطقية ولا تقوم على أسس علمية واقعية”.

إلى ذلك، وبعد محاولة الاتصال بوزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين (الذي لم يجب على الاتصال) للاستفسار عن سبب عدم إرسال “الداتا” بعد كورونا، أكدت معطيات أنّ انقطاع التيّار الكهربائي باستمرار كان سبباً في عدم تسجيل الداتا بصورة متواصلة، نظراً الى حاجة هذه الأجهزة إلى الدعم الكهربائي بصورة دائمة.

شارك المقال