لا إلغاء للامتحانات الرسمية… ومناشدة مستعجلة للحلبي بشأن مساعدات “اليونيسف”

راما الجراح

التوترات الأمنية التي تشهدها المناطق الجنوبية كانت ضربة غير متوقعة للعام الدراسي في لبنان. فبعد اشتداد الضربات الاسرائيلية واشتعال الجبهة الجنوبية، اضطرت نسبة كبيرة من الأهالي إلى ترك منازلها والنزوح إلى مناطق أكثر أماناً، وأقفلت المدارس أبوابها، وهجر الطلاب مقاعدهم الدراسية.

عرقلت حالة الحرب هذه المسيرة التعليمية لأكثر من ٦٠ في المئة من طلاب الجنوب الذين لم يتمكنوا من الاندماج في المدارس التي خصصتها لهم وزارة التربية، الأمر الذي دفع الوزير عباس الحلبي إلى الاعلان عن تجهيزات للبدء بآلية التعليم عن بُعد، حتى يتمكن الطلاب من متابعة دروسهم أسوة بزملائهم في كل المناطق اللبنانية.

وأكد الحلبي أن التدريب لتحصيل الخبرة متاح في الوزارة وهناك عدد من القدرات والتجهيزات مؤمنة لهذا الغرض، وتم توزيع حوالي ١٥٦٠ “تابلت”، و٥٥٠ كمبيوتر لنجاح عملية التعلم، وتواصل مع وزير الاتصالات جوني القرم للمساعدة في تأمين شبكة انترنت للمدرسين لانجاح عملية التعليم.

في هذا الاطار، تواصل “لبنان الكبير” مع مستشار وزير التربية لشؤون التعليم نادر حديفي للاستفسار عن آلية التعليم، فأكد أن العمل جارٍ على تنظيمها، وستنطلق قريباً في كل المدارس الحدودية التي أقفلت أبوابها. وقال: “صحيح أننا اتبعنا في لبنان آلية التعليم عن بُعد في ظل انتشار فيروس كورونا ولم تكن هناك نتائج مرضية كالتعليم الحضوري، ولكن لا يمكن أن نترك طلاب الجنوب من دون تعليم، ولا يمكن فتح المدارس تحت القصف، وحاولنا دمجهم في مدارس قريبة ولكن النسبة الأكبر لم تتمكن من الحضور”.

التعليم عن بعد ليس الطريقة الافضل، بحسب حديفي “ولكننا مجبرون على المُضي به في الوقت الحاضر، ولا إلغاء للامتحانات الرسمية، وكل ما يتم تداوله غير صحيح، ففي أحداث معركة نهر البارد عام ٢٠٠٧، قامت وزارة التربية بإجراءات استثنائية تناسب الطلاب في الشمال، ولم يُحرم أحد من إجراء الامتحانات، كذلك الأمر بالنسبة الى ما يحصل في جنوب لبنان، ولا نزال نملك بعض الوقت للتفكير في إستراتيجية معينة بالنسبة الى الامتحانات الرسمية وسنجد حلاً يناسب الجميع”.

لا استقرار في أماكن السكن، ولا يمستلزمات تمكن الأهالي والطلاب من متابعة التعليم عن بُعد بشكل فاعل كما في أيام كورونا، بحسب أحد الأساتذة في منطقة الخيام الحدودية تمنى عدم ذكر اسمه، وأوضح أن “العائلات كانت في منازلها والوسائل متوافرة، أما اليوم فنحن نعيش حالة حرب، والنسبة الأكبر من الأهالي نزحت من منازلها، وأخشى عدم تمكننا من تحقيق الأهداف المطلوبة تجاه الطلاب”.

وأشار إلى أن “غالبية الأهالي لا تستطيع متابعة التعليم عن بُعد بعد انقطاعها عن أشغالها منذ ٣ أشهر، ولا إمكانات لتشريج انترنت، حتى الكهرباء مقطوعة في معظم الأحيان، والتعليم المتزامن الذي يعتبر أفضل طريقة للتعليم عن بُعد غير متاح للأهالي، فلا استقرار، ولا يستطيع كل تلميذ نازح الجلوس في غرفة وحده، حتى أنهم يفتقرون الى وجود حواسيب كافية لاتمام عملية التعليم، والكلام نفسه ينطبق على التلامذة الصامدين مع أهاليهم في القرى الحدودية ويعيشون في حالة خوف وقلق كبيرة”.

الأساتذة في المناطق الحدودية يجهدون بكل إمكاناتهم لمساعدة الأهل والطلاب، ولكنهم حتى اليوم لم يستطيعوا التوفيق في عملية التعليم، ونسبة الطلاب التي تتابع معهم التعليم عن بعد لا تتعدى الـ ٥٠٪ وهذا لا يُبشر بالخير.

وذكر أن “اليونيسف بدأت بتقديم مساعدات للطلاب من خلال تأمين حواسيب ومبلغ ٢٠ دولاراً للطالب فقط، وجميعنا يعلم أن هذا المبلغ غير كافٍ لتشريج إنترنت للدراسة”، لافتاً إلى أن “اليونيسف تستهدف الطلاب النازحين فقط في مساعداتها مع استثناء الطلاب الصامدين وهذا غير عادل، ونتمنى من معالي الوزير عباس الحلبي الذي ينسق مع اليونيسف معالجة هذا الموضوع بصورة فورية”.

في المقلب الآخر، هناك مدارس حدودية لا تزال أبوابها مفتوحة وتستقبل الطلاب بصورة طبيعية. وأكد مدير “مدرسة المنصوري الرسمية” محمد شويخ أنهم يتابعون التدريس الحضوري بدوام ٧ ساعات يومياً، وهناك نسبة ١٠٪ من طلابهم فقط نزحت من المنطقة، مشيراً إلى أن هذا لا يلغي حالة عدم الاستقرار في المنطقة، وأن هناك مناطق حدودية كثيرة أقفلت أبوابها مثل الناقورة، يارين، علما الشعب وغيرها.

واعتبر شويخ أن “لا شيء يغني عن التعليم الحضوري، والتعليم عن بُعد يحتاج إلى دراسة أوضاع الطلاب والامكانات التي تخولهم الاشتراك بباقات الانترنت، أو امتلاكهم حواسيب”، متمنياً “أن تنتهي الحرب قبل موعد الامتحانات الرسمية حتى تسهل الأمور على طلاب الجنوب”.

شارك المقال