التهريب لا يقل خطورة عن الارهاب

محمد شمس الدين

التهريب بين لبنان وسوريا موجود منذ تأسيس الكيان، فلطالما دخلت البضائع السورية المهربة إلى لبنان عبر المعابر غير الشرعية الحدودية، لا سيما أن هامش الربح فيها أعلى بكثير من استيرادها شرعياً. وكانت الدولة ترى في هذا التهريب مشكلة بسيطة، لا تؤثر بصورة كبيرة على الاقتصاد اللبناني، ولكن مع دخول لبنان في أزمة أًصبح التهريب معاكساً من لبنان إلى سوريا، وخصوصاً في عصر البضائع المدعومة أيام حكومة الرئيس حسان دياب، والتي هدر فيها لبنان نحو 20 مليار دولار على بضائع لم تصل إلى المواطنين. أما اليوم فيبدو أن التهريب من سوريا إلى لبنان عاد بقوة، بحيث تنتشر البضائع السورية في الأسواق اللبنانية مضاربة على تلك اللبنانية لا سيما الزراعية منها.

وفيما تقوم الجهة المختصة أي الجمارك بمحاولة ضبط هذا التهريب، إلا أن المهربين أصبحوا يعرفون آلية عملها، فمثلاً عندما تكشف على بضائع تصادر الصناديق البيض التي عادة ما توضع فيها البضائع السورية، فأقدم المهربون على تبديل الصناديق، وتقليد التوضيب اللبناني كي تمر عبر الجمارك، وفيما تركز الأخيرة على التفاح كما أظهر تعميم نهاية الشهر الماضي، إلا أن العديد من المزروعات والبضائع أصبحت تجتاح السوق اللبنانية، ولعل أكثرها تأثيراً هو زيت الزيتون المهرب من سوريا، الذي تتراوح سعر التنكة منه بين 50 و60 دولاراً، بينما سعر تنكة الزيت اللبناني بين 100 و150 دولاراً، الأمر الذي ضرب سوق الانتاج المحلي من الزيت المرتفعة تكلفته على المزارع اللبناني، بالاضافة إلى ذلك يجري تهريب البطاطا بصورة دورية.

رئيس نقابة مصدري ومستوردي الخضار والفواكه نعيم خليل أشار في حديث لموقع “لبنان الكبير” إلى أنه أرسل مذكرة إلى مديرية الجمارك، تحديداً إلى مديرها العام، تنبه بشأن التفاح السوري الذي يغزو الأسواق اللبنانية، وقد عمّم المدير مذكرة على كل الأقاليم لأخذ الاجراءات بشأن الموضوع، لافتاً إلى أن “تهريب التفاح لا يحصل عبر المعابر غير الشرعية فقط، بل يتم تهريبه أيضاً عبر المعابر الشرعية عبر تغطيته بالخضار المستوردة بصورة شرعية، وعادة ما يصدر لبنان التفاح إلى مصر وعبر البحر الأحمر، إلا أن هذا الأمر أصبح منذ الحرب مكلفاً جداً”.

أما عن كيفية مكافحة هذا التهريب، فقال خليل: “يمكن بكل بساطة للجهات المختصة النزول إلى الأسواق وضبطها، كون تغليفها يختلف عن التغليف اللبناني، ويبدو أن المشكلة هي في الشمال حيث تغزوها بصورة كبيرة كميات التفاح السوري، ولعل ما تقوم به الجهات المختصة على الحدود على معبر المصنع استطاع الحد من التهريب أكثر، بحيث يتم إنزال البضائع على الأرض والكشف عليها، كي لا يتمكن المهربون من تخبئتها بين الخضار”.

وفي جولة ميدانية لـ “لبنان الكبير” على الأسواق والمحال استطعنا بخبرتنا المنزلية المتواضعة أن نفرز البضائع الوطنية عن تلك المهربة، وبالتالي أليس الأجدى بالجمارك اللبنانية ووزارة الاقتصاد أن تباشرا عمليات استقصاء لمصادرة تلك البضائع حفاظاً على الانتاج المحلي من أجل تأمين الحماية للمزارع اللبناني؟ وندعو الأجهزة المختصة الى التدقيق في البضائع الموجودة في الأسواق من الأصناف التالية: الكوسا، البندورة، الخيار، الرمان، الليمون، الحامض، الاجاص، البطاطا، البصل، الحشائش على أنواعها… وغيرها الكثير الكثير من أصناف المنتجات الزراعية المتوافرة من خلال الزراعة الوطنية.

ولمن يقول ان حدودنا غير مضبوطة، فيمكن بقرار حمايتها واقفالها، فمن أخطر الارهاب أم الخس؟ ولكن لدينا بعض التجار والمهربين والمرتشين الذين يقومون بكل هذه العمليات غير القانونية واللاأخلاقية، وهذه العصابات هي نفسها التي تهرب المخدرات والتي أساءت الى علاقتنا مع محيطنا العربي ومع دول شقيقة كانت تستورد أكثر من ٦٠% من حجم الواردات الزراعية اللبنانية.

شارك المقال