الأمن السيبراني… خروق بالجملة تستبيح سيادة الوطن

فاطمة البسام

شهد لبنان في الآونة الأخيرة سلسلة من الخروق التي مسّت هيبته وهيبة الدولة وأمنها، وتمثّل ذلك في إختراق أمن مطار رفيق الحريري الدولي وبث رسائل “تحريضية” عبر اللوحة المخصصة لمواعيد الذهاب والاياب، ما أدى إلى توقف نظامه الالكتروني لعدّة أيام. وتزامناً مع الخرق الذي حصل في المطار، حصلت عدة خروق للمواقع الرسمية لبعض الوزارات وآخرها كانت محاولة إختراق شبكة “أوجيرو”، بالاضافة إلى الاتصالات المشبوهة التي كانت ترد إلى اللبنانيين بهدف “سحب” المعلومات، خصوصاً الذين يسكنون في المناطق الجنوبية.

وأثارت الهجمات الالكترونية التي استهدفت الهواتف الشخصية للمواطنين مخاوف من قيام إسرائيل باستخدامها لتحديد مواقع الأشخاص المستهدفين، وشن عمليات قصف ضدهم.

وفي إطار مواكبة المجريات، عقدت لجنة الاعلام والاتصالات النيابية جلسة برئاسة النائب ابراهيم الموسوي، تناولت موضوعين أساسيين، “الاختراقات التي حصلت لشبكة خط الهاتف الثابت والاختراقات في المطار للوحة الذهاب والاياب ولمجلس النواب”.

اثر الجلسة، قال الموسوي: “عندما نتحدث عن موضوع الاختراقات نحن نتحدث عن موضوع سيادة وطنية بامتياز، نحن نتحدث عن الأمن القومي”.

أضاف: “هناك جزء يتعلق بإختراقات موجودة، فبعض اللبنانيين يدخل الى بعض البرامج أو الالعاب ويكون بذلك يخدم العدو. وعرفنا أنه كان هناك هجوم على شبكة أوجيرو والقوى الأمنية ألقت القبض على أحد الأشخاص الذي كان موجوداً في الحازمية، لا أريد أن أسمي إسماً حرصاً على سلامة التحقيق معه، وبالتالي هذا الموضوع مكشوف، لبنان في حالة انكشاف كاملة امام العدو الاسرائيلي، كان همنا الأساسي ألا نكون مكشوفين لا أمام العدو ولا أمام صديق. الموضوع له علاقة بالسيادة الوطنية، من هنا يجب على كل الأجهزة والوزارات ورئاسة الحكومة أن تقوم بكل الاجراءات الآيلة الى الحفاظ على سيادتنا”.

وفي اتصال لموقع “لبنان الكبير” مع منسقة اللجنة الوطنية للأمن السيبراني، لينا عويدات، أشارت الى “أننا نعيش في وضع أمني صعب، نسبة الى كل الخروق التي حصلت في فترة قصيرة”، موضحة أن العمل في المجال السيبراني يخضع لسرية تامة، ولا يمكن كشف الخطوات التي نقوم بها للاعلام.

وأكدت عويدات، أن “التحقيقات في اختراق المطار تتطلب وقتاً، والأهم هو فهم أسباب الاختراق وكيفيته بدلاً من معرفة الجهة التي نفذته، وبالنسبة الى العمل الذي قامت به الأجهزة الأمنية فترفع له القبعة من ناحية الدقة والاحترافية”.

وعن جهود الدولة في حماية أمنها السيبراني، ذكرت عويدات بأن مجلس الوزراء أقرّ في آب 2019 استراتيجية وطنية للأمن السيبراني بدعم من بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان، لافتة إلى أن العمل يجري بسرعة لإقرار قانون ينفذ استراتيجية الأمن السيبراني، وسيكون جاهزاً قريباً من دون عراقيل سياسية.

وتم تدريب موظفي 15 إدارة حكومية في لبنان لضمان جاهزيتهم لتطبيق القانون عند اعتماده. وعندما قوّمت اللجنة وضع المؤسسات، تبيّن أن 165 مؤسسة حيوية معرضة للخطر وقابلة للاختراق.

وبالنسبة الى الجهة المسؤولة عن الأمن السيبراني في لبنان، أكدت عويدات أن “الجميع مسؤول، إذ يمكن له المساهمة في الحماية وكذلك التسبب في الضرر، لذلك فإن هذه المسؤولية مشتركة، ويجب أن يتعاون الجميع لتحقيق الأمن السيبراني”.

ومنذ سنوات، يشهد لبنان اختراقات مستمرة لمواقع حكومية وخاصة، بما في ذلك اختراق موقع الوكالة الرسمية للاعلام.

وفي دراسة أجراها مركز بحوث تعزيز الحماية السيبرانية في لبنان (CERT) عام 2022، تبين أن الأنظمة المعلوماتية في القطاعات المختلفة تعرضت لأكثر من مليونين و500 ألف محاولة اختراق خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة من شهر كانون الثاني 2022. وهذه الاختراقات تعرض بيانات الأنظمة المتأثرة للخسارة إذا لم يتم تحديثها وحمايتها.

وفي العام 2012، تعرض 16 موقعاً إلكترونياً تابعاً للإدارات الرسمية والوزارات اللبنانية للقرصنة على يد جماعة تعرف بـ”ارفع صوتك”.

شارك المقال