اليوم العالمي للتوحد… 1% موازنة “الشؤون” من الدولة والمئات ينتظرون

فاطمة البسام

إضطراب التوحد أو طيف التوحد هو من الأمراض التي تكثر حولها الصور النمطية والاشاعات مثل الأمراض العصبية والنفسية كافة، بسبب غياب الثقافة والوعي عند الأفراد أو حتى المجتمعات، كون هذه الأمراض كانت توضع دائماً في خانة “الجنون” الممنوع التحدث عنه تفادياً للوصمة الاجتماعية.

فإذا سألنا أشخاصاً عما يعرفونه عن مرض التوحد، أوّل ما يتبادر إلى ذهنهم أن الشخص المصاب به لا يحب الاختلاط بالناس ويفضّل البقاء وحده وكأنه يعاني من حالة إكتئاب!

في 2 نيسان من العام 2007، كرّست الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا اليوم، يوماً عالمياً للتوعية بمرض التوحد حول العالم. وشعار احتفال اليوم العالمي للتوحد 2024 هو “الانتقال من البقاء إلى الازدهار: وجهات نظر إقليمية من حياة وتجارب الأشخاص المصابين بالتوحد”.

تعرّف مديرة الجمعية الوطنية للتوحد، سابين سعد هذا المرض، بأنه اضطراب في التطوّر النفسي والعصبي، يظهر عادة خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل.

وتوضح سعد لموقع “لبنان الكبير”، أن الجمعية اختارت هذا العام “بحر لبنان الأزرق” رمزاً لحملتها، “كدليل على خوض التحديّات والصعوبات بفرح وتقبّل وحبّ. فالتوحّد كالبحر، لاكتشافه بكل تفاصيله علينا الغوص في أعماقه”.

أمّا عدد الجمعيات التي تعنى في لبنان بموضوع ذوي الاحتياجات الخاصة فهي حوالي 100 جمعية، تقول سعد، وعدد منها أقفل ولم يتمكن من الصمود في وجه الأزمات المتعددة، والبعض الآخر يناضل من أجل البقاء، أمّا عدد المراكز التي تعنى بالتوحد فعددها لا يتجاوز الـ30 مركزاً على صعيد لبنان.

ويبلغ عدد المستفيدين من هذه المؤسسات حوالي 8000 شخص، وطبعاً المئات لا يزالون على لوائح الانتظار بسبب عدم إمكان إستقبالهم لقلّة التمويل، في حين عدد بطاقات الاعاقة في لبنان حوالي 103 آلاف بطاقة، بحسب سعد.

وتضيف: “رحلتنا مع اضطراب طيف التوحّد بدأت مع 10 أولاد واليوم، وبعد 14 سنة، تحتضن الجمعية حوالي 400 شخص، يتوزّعون بين المركز المتخصّص وبرامج الدمج الأخرى”.

وتشير سعد إلى أن موازنة وزارة الشؤون الاجتماعية هي 1% من الدولة، فكيف ستتحمل كل هذه الأعباء؟

مصدر من الوزارة يؤكد لموقع “لبنان الكبير”، أن النفقات على الخدمات الاجتماعية معدومة في لبنان، فليست هناك سيولة وإعتمادات كافية لتغطية كل البرامج، إلا أن هناك استراتيجيات جديدة سيتم إعتمادها في وقت قريب في ظل غياب السياسات الاجتماعية التنموية في البلد.

ويلفت المصدر إلى أن لبنان غنّي بأصحاب الكفاءات والاختصاصات التي توازي خبرات الدول المتقدّمة، وهذه حجّة على الدولة من أجل الاهتمام بالقطاع الاجتماعي وتطويره، خصوصاً أن نسبة الوعي إرتفعت حول هذه الأمراض والاضطرابات.

وبحسب الدراسات، يظهر التوحد في جميع أنحاء العالم ويصيب الطبقات الاجتماعية كافة، ويقدّر إنتشاره بنسبة 1%، كما تظهر حالات الاصابة به لدى الذكور بمعدّل 4 أضعاف معدّله لدى الإناث عموماً.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يحتاج المصابون بالتوحد إلى خدمات صحية ميسّرة لتلبية احتياجات الرعاية الصحية العامة، بما في ذلك خدمات تعزيز الصحة والوقاية وعلاج الأمراض الحادة والمزمنة غير أن معدلات عدم تلبية احتياجات الرعاية الصحية لدى المصابين بالتوحد أعلى من المعدلات المسجلة لدى عامة السكان.

وبمناسبة اليوم العالمي للتوعية بمرض التوحد، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى “أن نتحد لإعمال حقوق الأشخاص المصابين بهذا المرض ولضمان عالم شامل للجميع لا يُهمش فيه أحد”.

وقال الأمين العام في رسالته: “إن اليوم العالمي لحظة للاعتراف بما للأشخاص المصابين بالتوحد من إسهامات مهمة في كل بلد وفي كل مجتمع، وللاحتفال بتلك الاسهامات”. لكنه أشار الى أن هؤلاء الأشخاص لا يزالون يواجهون في جميع أنحاء العالم حواجز تحول دون تمتعهم بحقوقهم الأساسية في التعليم والعمل والإدماج الاجتماعي – على النحو الذي نودِيَ به في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة وفي خطة التنمية المستدامة لعام 2030.

وشدد على وجوب “أن تستثمر على الحكومات في تقوية أنظمة الدعم المجتمعي، وفي برامج التعليم والتدريب الشاملين، والحلول الميسَّرة والقائمة على التكنولوجيا لتمكين المصابين بالتوحد من التمتع بالحقوق نفسها التي يتمتع بها غيرهم”.

شارك المقال