الجنوبيون يشتاقون الى “لمّة العيلة” في العيد… “موعودين يرجعوا”

فاطمة البسام

يطل عيد الفطر هذه السنة، والجنوبيون خارج قراهم ومنازلهم، يصلون صلاة العيد وقبلتهم نحو بيوتهم التي تركوها قسراً. لن نشم رائحة البخور من مقابر الضيعة التي يزورها الأحباب مع طلوع الفجر، ولن يشتم كبير السن آباء الأولاد الذين تجمعوا في الساحة لإطلاق المفرقعات، سيكون هناك الكثير من الحنين الى “لمّة العيلة” وذكريات عيد الفطر الماضي الذي عاد على وقع القذائف والصواريخ الاسرائيلية.

في السابق، لو سألت جنوبيّاً ماذا يعني لك العيد؟ سيجيبك بتفاصيل تفرح القلب: المعمول، العيدية، الزيارات وغيرها. أمّا اليوم فربما أصبحت الأُمّنية أبسط من ذلك بكثير وهي، هدوء البال، بعد 7 أشهر “ثقال”.

“بهجة العيد فيها غصّة”، نازحة من مدينة بنت جبيل تخبر موقع “لبنان الكبير”، أنها تنتظر هذا اليوم لتزور بيتها وبلدتها ولو لساعات قليلة، فهذه الفرحة بالنسبة اليها توازي فرحة الطفل بثياب العيد.

وتشير الى أن زيارة الجبانة صباح العيد، هي من الطقوس التي لا يمكن تفويتها على الاطلاق في السلم والحرب، لذلك معظم النازحين سيزور قراه، لافتة إلى أن بعض سكان الضيعة انطلق إلى بيوته قبل ليلة من العيد متحدياً الظروف الأمنية، لأنهم “موعودين يرجعوا”.

وتقول: “هذا العيد جعلنا ندرك قيمة الأشياء ونقدّر النعم التي لم تكن ذات قيمة بنظرنا، أصبحنا نحب بيوتنا أكثر”.

حافظ مصطفى نازح مع بلدة بيت ليف الجنوبية، يسكن في مركز للإيواء في صور منذ بداية الحرب، مع أولاده العشرة، وزوجتيه.

يشكو مصطفى قلّة الحيلة، ويقول لموقع “لبنان الكبير”: “إذا بدنا نعيّد ما في مصاري. اللي لكان معه كم ألف دولار صرفهن من أوّل الأحداث لهلّق”. ويوضح أنه كان صباح العيد يذبح أضحيتين، ويجتمع الأقارب، أمّا اليوم فهو لم يتمكن من شراء ملابس جديدة لأولاده، أو حتى إعطائهم عيدية.

مصطفى كان يمتلك مزرعة للبقر، واضطر الى بيع المواشي بربع ثمنها، لأنه ترك ضيعته ورزقه رغماً عنه.

يضيف بغصّة: “كنّا نتمنى أن لا يأتي العيد ونحن بهذه الأحوال، فالعائلة أصبحت مقسّمة كل واحد في ديرة”.

رائحة السمن وحلويات العيد كانت تفوح في شوارع بنت جبيل العتيقة التي يعدّها أبناء البلدة بمعظمهم في بيوتهم، ويفترشونها في محالهم أو على بسطاتهم.

الحلونجي الشهير رائف العشي يقول لموقع “لبنان الكبير”: “كنّا نبدأ بالتحضيرات قبل شهر من العيد، لنشتري الأغراض اللازمة”.

أمّا اليوم، فرائف أصبح نازحاً في مدينة صور ولم يتمكن من نقل عدّة الشغل، ولن يعيش “عجقة العيد” التي كانت في رمضان الماضي، ولن ينشغل بإعداد صواني المعمول بمختلف أنواعه.

العشي الذي كان يمتلك متجراً للحلويات، يتمنى أن تعود الحياة إلى سابق عهدها.

شارك المقال