نقليات القرى الحدودية… “لا حياة لمن تنادي”

فاطمة البسام

“صيدا، صور، النبطية”، عبارات يصيح بها سائقو الفانات من المواقف المحددة لهم في بيروت من أجل نقل الركاب الى هذه المناطق، وتعاد الكرّة أكثر من مرّة في اليوم الواحد.

21 راكباً وينطلق بالطلاب، الموظفين وبعض عناصر الجيش المسرّحين من الخدمة، وتعاد الكرّة أيضاً وبالعكس، من القرى الجنوبية إلى أماكن العمل والجامعات.

أبو علي هو السائق الذي كان ينقلنا من بلدة مجدل زون، إلى بيروت بفانه الرمادي، تقول سحر سلمان، لموقع “لبنان الكبير”، أمّا اليوم وبعدما استعرت نار الحرب وغادر معظم السكان، نزح أبو علي وعائلته إلى بلدة الخرايب كونها آمنة إلى حد ما. أمّا ركّابه، فلم يعودوا يقصدون الضيعة، مثل الكثير من أهل القرى التي تعرضت لاستهدافات عسكرية على مدار الأشهر السبعة الماضية.

أبو علي أب لطفلين، توقف شغله مثل الكثيرين ممن تأثرت أعمالهم بالاشباكات المستمرة بين “حزب الله” والجيش الاسرائيلي وأصبح معطلاً عن العمل يعيش على مدخراته والمساعدات الاجتماعية، أمّا السؤال الذي يراود أفكارنا، لماذا لا يتسلم أبو علي خطاً آخر لنقل الركاب؟ ببساطة لأن كل موقف تابع لحزب معين، “آكلين البيضة والتقشيرة”.

“من شهر 4 وطالع بتكثر نقليات المطار، هلّق ما في”، في إشارة إلى المغتربين الذين يتوافدون بكثرة في فصلي الربيع والصيف حتى أواخره.

ويشير زياد مهدي وهو سائق يقل الركاب من بيروت إلى عيترون وبالعكس، لموقع “لبنان الكبير”، الى أن نقلة الاثنين إلى بيروت في السابق تكون “مفوّلة”، ونقلة الجمعة والسبت إلى الضيعة كاملة. أمّا اليوم، “إذا لقيت 3 ركاب بيتي بالقلعة”.

عيترون تعد من القرى الحدودية الخطرة التي لم ينزح منها زياد من أجل الحفاظ على عمله الذي لا يملك غيره لتأمين قوت يومه، إلاّ أن سعر التعرفة زاد 100 ألف ليرة على الراكب بسبب إرتفاع الرسوم المتعلقة بالنقل العام على السائق، فأصبح الراكب إلى عيترون بـ600 ألف، عوضاً عن 500 ألف في السابق.

يعدد محمد حمود قرى الشريط الحدودي لموقع “لبنان الكبير”، ويقول: “إن شاء الله ينزل معنا راكبين”، إشارة إلى الوضع التعيس الذي حلّ بالمهنة بسبب الحرب.

يملك محمود شركة للنقل، ومن أصل عشرة فانات يعمل إثنان فقط في ظل الأوضاع لأن لا وجود للركاب إلاّ في حالات نادرة.

ويؤكد محمد، أن الحرب أثّرت على كلّ الأشغال إلاّ أنها قضت عليهم، حتى ولو لم يستسلموا للظروف، فهم يجازفون بحياتهم كل يوم أكثر من مرّة.

رئيس اتحاد النقل البري في لبنان بسام طليس يقول لموقع “لبنان الكبير”: “بعيداً عن العواطف والمزايدات، قطاع النقل لم يتأثّر كثيراً بالحرب، لأن معظم النازحين نزح من قرى الجنوب إلى الجنوب، وهم لم ينقطعوا بتاتاً عن هذه المناطق”.

وبحسب تصريحات طليس سيكون هناك اجتماع قريب مع وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حمية من أجل وضع تعرفة جديدة للنقل.

مرّة أخرى نتيقن أن الحرب لم تستهدف البشر بصواريخها وحسب، بل طالت حياتنا من كل جوانبها.

شارك المقال