ماكس فيرشتابن يكتب التاريخ بجدارة

محمد فواز
محمد فواز

دخل السائق الهولندي “الطائر” قائد فريق ريد بُل النمساوي، بطل العالم الجديد ​ماكس فيرشتابن،​ صاحب الـ 24 عاماً، التاريخ من اوسع ابوابه عقب إحرازه لقب بطولة العالم للفورمولا واحد 2021 للمرة الاولى في تاريخه… بعد موسم خُرافي، تم حسمه في اللفة الأخيرة في سباق ​أبو ظبي​، ليحرم البريطاني ​لويس هاميلتون​ من تحقيق اللقب الثامن والانفراد بالمركز الاول على قائمة ابطال العالم الطويلة.

ويتربع على عرش المسابقة ​مايكل شوماخر​ ولويس هاميلتون بسبعة القاب لكل منهما، وخلفهما ​خوان مانويل فانجيو​ بخمسة القاب يليه ​سيباستيان فيتيل​ باربعة القاب مناصفة مع ​الان بروست،​ ويليه بثلاثة القاب ​آيرتون سينا​ ونيلسون بيكيه ونيكي لاودا بالاضافة الى جاك برابهام وجاكي ستيوارت، خلفهم بلقبين نجوم كبار ابرزهم فرناندو الونسو وميكا هاكينن وعدد كبير من السائقين معه لقب وحيد ابرزهم جاك فيلنوف ودايمون هيل وكيمي رايكونن وانضم الآن ماكس فيرشتابن إلى القائمة.

هذا اللقب سلّط الضوء على قدرات هذا السائق الشاب الذي يبدو أنه تعب كثيرًا على نفسه سواء على صعيد مؤهلاته الرياضية أو على صعيد مؤهلاته الشخصية كذلك، وهو على السكة الصحيحة. وُلد ماكس فيرشتابن فـي 30 أيلول عام 1997 فـي هاسيلت، بلجيكا، لأبٍ هولندي وأمٍّ بلجيكية. عائلته كان لها تاريخٌ حافل مع رياضة المحركات. والده الهولندي يوس كان سائق فورمولا 1 سابق، فـيما والدته البلجيكية صوفـي كومبين نافست فـي سباقات الكارتينغ، وخاله أنتوني كومبين ينافس فـي النسخة الأوروبية لسباقات الناسكار.

أصغر متسابق

بدأ ماكس التدريب فـي عالم السباقات قبل أن يحصل على شهادة قيادة عادية على الطرقات. إذ دخل عالم هذه الرياضة منذ الرابعة من عمره من خلال مسابقات الكارتينغ للأطفال فـي بلجيكا، وخلال طفولته ومراهقته ربح العديد من البطولات فـي بلجيكا وهولندا بالإضافة إلى بطولاتٍ على نطاقٍ أوروبي وعالمي، قبل أن يبدأ فـي السابعة عشرة من عمره مسيرته فـي عالم الفورمولا 1.

كان ماكس سائقًا لفريق تورو روسو لموسمٍ واحد قبل أن ينتقل إلى ريد بُل حيث حقّق معه فوزه الأول فـي السباقات، ليكون أصغر سائقٍ فـي تاريخ البطولة يفوز بأحد سباقاتها. حقّق بعدها عدة انتصارات، وكان أفضل سائق صاعد فـي البطولة على الرغم من أسلوب قيادته المتهور أحيانًا.

فـي كانون الثاني 2015، بدأ ماكس مسيرته فـي الفورمولا 1 وعمره 17 عامًا و166 يومًا، ليكون أصغر متسابقٍ فـي هذه الرياضة. وفـي سباق ماليزيا بعد أسبوعين من بداية مشاركته فـي البطولة، سجل أول نقطةٍ له فـي المسابقة. شهدت السباقات التالية انسحابه بسبب مشاكل فـي سيارته قبل أن يسجل أفضل نتيجةٍ له فـي سباق المجر عام 2015، وفـي نهاية البطولة نال فيرشتابن ثلاث جوائز هي أفضل سائق صاعد، وشخصية العام، وصاحب أكثر حدثٍ مثير فـي العام.

خلال موسم 2016 بدأ فيرشتابن مع تورو روسو قبل أن ينتقل إلى ريد بل بعد أن أثبت موهبته، وفـي سباق جائزة اسبانيا الكبرى مع ريد بل حقّق ماكس فوزه الأول فـي البطولة ليكون أصغر متسابقٍ فـي تاريخ البطولة يفوز بإحدى سباقاتها. استمر تألّق ماكس فـي السباقات اللاحقة ليصل لمنصات التتويج فـي أربعٍ من ست مناسبات.

هكذا دخل السائق الهولندي الشاب ماكس فيرشتابن تاريخ الفورمولا 1 من أوسع أبوابه بعدما تمكن من الفوز فـي جائزة إسبانيا الكبرى الجولة الخامسة من بطولة العالم. وبهذا الفوز الذي حققه على حلبة “برشلونة” أصبح أصغر سائق فـي التاريخ يفوز بأحد سباقات الفورمولا واحد بعمر 18 عاماً و228 يوما متفوّقا على الألماني سيباستيان فـيتيل الذي فاز بأول سباق فـي مسيرته بعمر 21 عاما و73 يوما. إلاّ أنّ هذا الموسم شهد كذلك انتقاداتٍ عديدة للسائق الشاب بسبب طريقة قيادته المندفعة، والتي كادت تتسبّب فـي حوادث كبيرة وهو ما استدعى إدارة البطولة لتوجيه إنذار له.

أحد أهم سباقات ماكس كان فـي جائزة البرازيل الكبرى فـي جوٍّ ماطر، حيث كان فـي المركز 16 قبل 15 لفة من نهاية السباق، إلاّ أنّ أداءه الاستثنائي قاده لينهي السباق ضمن المراكز الثلاثة الأولى، أداءٌ وصفه مدير فريقه بأحد أفضل ما شاهده فـي البطولة.

اليوم، يزخر سجل فيرشتابن بالانجازات على الرغم من مسيرته الفتيّة، فهو فاز بـ 20 سباقا وصعد إلى منصة التتويج في 60 سباقا، وانطلق 13 مرة من المركز الاول فـي 141 جائزة كبرى خاضها حتى الآن.

ماد ماكس

إضافة الى إنجازاته عُرف ماكس فيرشتابن بطباعه السيئة وسلوكه المشاغب إن لم نقل المتهوّر. ولكن يبدو أن سائق ريد بُل يعمل جاهداً للسيطرة على طباعه خارج وداخل الحلبات.

فالذي يتعرّف اليوم على ماكس لن يصدّق أنه السائق نفسه الذي هدّد الصحافـيين بتوجيه “لكمة” إليهم فـي حال اصروا على توجيه اسئلة إليه تتعلق بالاخطاء التي يرتكبها على الحلبة خلال جائزة كندا الكبرى 2018. كما لن يصدّق أنه دخل بمشادة مع الفرنسي إستيبان أوكون بعدما حمّله مسؤولية الاصطدام به وهو فـي صدارة جائزة البرازيل الكبرى قبل عامين، قبل أن يعمد إلى دفع سائق رايسينغ بوينت فورس إنديا حينها أمام الكاميرات بعد نهاية السباق.

مؤخراً يلاحظ الجميع التبدل الذي حصل مع “ماد ماكس”، فهو بات أكثر لطافة خلال مقابلاته مع الإعلاميين وخلال تبادل الرسائل بينه وبين فريقه أثناء السباقات، وبات يهتم باحتلال المركز الثاني بهدف حصد أكبر عدد من النقاط عندما يدرك أن المركز الأوّل بعيد المنال.

إكتسب فيرشتابن جيناته من والده يوس الذي اشتهر ايضا بكونه من السائقين صعبي المراس فـي “بادوك” الفورمولا واحد. ويقول فيرشتابن عن طباع والده “لكان (يوس) ركلني لو فعلت ذلك” فـي إشارة إلى رفضه السماح لزميله فـي الفريق حينها الاسباني كارلوس ساينز بتجاوزه مع نهاية سباق جائزة سنغافورة الكبرى عام 2015، خلال عامه الاول فـي “الفئة الملكة”.

لكن بعد سبعة أعوام من هذه الحادثة، تخلى “الولد الشقي” عن سمعته السيئة ليتحول إلى القائد الأوحد لفريق ريد بل، فرد الاخير التحية له بدعمه حتى أقصى الحدود.

Red Bull Racing’s Dutch driver Max Verstappen celebrates on the podium after the Austrian Formula One Grand Prix in Spielberg on June 30, 2019. – Max Verstappen won the Austrian Grand Prix after overtaking Charles Leclerc’s Ferrari in the closing laps with the stewards announcing an inquiry into the manoeuvre. (Photo by GEORG HOCHMUTH / APA / AFP) / Austria OUT

95 مليوناً

مالياً، ليست الحال في الفورمولا واحد مثل الألعاب الرياضية الأخرى، حيث غالباً ما تُرصد مكافأة مالية، إذ يقوم الاتحاد الدولي بتوزيع الجوائز بين كل فريق بناءً على متغيرات محددة، مثل موقع كل فريق في ترتيب الصانعين، لكن لا توجد جائزة محددة للسائق البطل، وهو ما يعتمد حصرياً على عقده. وللمزيد من الايضاح، فإن الهولندي ماكس فيرشتابن، سيكسب المال لكونه بطل العالم في الفورمولا واحد، بموجب ما يتضمنه عقده مع ريد بل، وليس من الاتحاد الدوليّ للعبة.

وذكرت وسائل إعلام، أن السائق البريطاني لويس هاميلتون، كان قد وقّع في عقده مع مرسيدس على مكافأة قدرها أربعة ملايين يورو، إذا فاز هذا العام ببطولة العالم، ونال لقبه الثامن، وهو ما لم يحصل، بعد الهزيمة أمام فيرشتابن في اللفة الأخيرة من جائزة أبو ظبي.

في المقابل، كشف موقع “Quote” الهولندي عن المكافأة التي سيحصل عليها فيرشتابن، البالغ من العمر 24 عاماً، وذكرت أن المبلغ لا يقل عن خمسة ملايين دولار، مع أن عدم احراز لقب الصانعين سوف يتسبب في خسارة الفريق للمال، لكن من دون أن يؤدي إلى مشاكل مالية.

وأكد الموقع الهولندي، أن فيرشتابن يتقاضى راتباً سنوياً يتراوح ما بين 30 و35 مليون يورو، وأن عقده يتضمن مكافأة إضافية 1.5 مليون دولار عن كل انتصار في بطولة العالم، وإذا أضفنا ما يجنيه من التسويق، عبر الرعاية، وأبرزها على خوذته، فإن دخله يمكن أن يصل إلى نحو 95 مليون يورو في العام.

شارك المقال