تشلسي على قمة أوروبا

لبنان الكبير

توج تشلسي الإنكليزي بلقب دوري أبطال أوروبا لكرة القدم للمرة الثانية في تاريخه، وذلك بعدما حسم النهائي الإنكليزي البحت الثالث في تاريخ المسابقة بفوزه على مانشستر سيتي 1-0 السبت على ملعب “دراغاو” في بورتو.

 

ويدين تشلسي باللقب الثاني بعد الذي أحرزه في عام 2012 وحرمان سيتي من لقب حَلِمَ به منذ أن انتقلت ملكيته الى الإماراتيين عام 2008، الى الألماني كاي هافيرتس الذي سجل هدف المباراة الوحيد في الدقيقة 42.

 

وكان من المفترض أن تقام المباراة النهائية في اسطنبول لكنها نُقلت الى بورتو بسبب حظر السفر بين إنكلترا وتركيا في إطار قيود فيروس كورونا.

 

وخلافاً لنهائي العام الماضي الذي أقيم في فقاعة لشبونة خلف أبواب موصدة، أقيم نهائي السبت أمام الجماهير التي حدد عددها بـ16500 شخص.

 

وعانى غوارديولا مجدداً في دوري أبطال أوروبا على الرغم من نتائجه المميزة قبل النهائي الحلم.

 

وكان تشلسي الطرف الأفضل خاصة في الشوط الأول إذ أضاع له نجمه الألماني فيرنر فرصة التسجيل في أكثر من مناسبة قبل أن يفك مواطنه هافرتس العقدة ويضع فريقه في المقدمة (42).

 

وفاجأ الإسباني بيب غوارديولا عشاق مانشستر سيتي بعد إقحامه ستيرلينغ في التشكيلة الأساسية وترك البرازيلي فيرناندينيو على الدكة، الأمر الذي أدى لتغيير الشكل التكتيكي لفريقه وسمح لتشلسي بتشكيل الخطورة على مرمى البرازيلي إيدرسون.

 

ولعبت بعض الجزئيات دورها في مصير المباراة إذ اضطر كل من البرازيلي تياغو سيلفا مدافع تشلسي لمغادرة أرضية الملعب (39) حاله كحال البلجيكي دي بروين صانع ألعاب مانشستر سيتي (60).

 

وهذا اللقب الثاني لتشلسي في المسابقة بعد أن توّج في 2012 على حساب بايرن ميونيخ الألماني بركلات الترجيح، فيما استمرت معاناة مانشستر سيتي مع البطولة التي لم يتوّج بلقبها من قبل.

 

ولعب تشلسي مباراة تكتيكية مثالية إذ اعتمد على إغلاق مناطقه والاعتماد على الهجمات المرتدة مستفيداً من سرعة الألماني فيرنر وذكاء مواطنه هافرتس والأدوار المحورية للفرنسي نغولو كانتي.

هالاند الهداف

 

دائماً ما يقترن ترتيب هدافي دوري أبطال أوروبا بمشوار هذا اللاعب أو ذاك مع فريقه وقدراته التهديفية ونوعية المنافسين، لكن هالاند كسر القاعدة وحسم اللقب بفارق هدفين عن أقرب منافسيه.

 

وكانت المنافسة على ترتيب هدافي دوري أبطال أوروبا على أشدها حتى الأمتار الأخيرة نظراً لوجود العديد من الهدافين الذين يواصلون مشوارهم في البطولة مع أنديتهم إلا أنّ اللقب آل لصالح هالاند في النهاية بفضل أهدافه العشرة.

 

وتزّعم النروجي إيرلينغ هالاند ترتيب هدافي دوري أبطال أوروبا مبكراً ولم يتمكن أحد من زعزعة صدارته على الرغم من منافسة وصيفه مبابي مهاجم باريس سان جيرمان الفرنسي.

 

وكان البولندي روبرت ليفاندوفسكي مهاجم بايرن ميونيخ الألماني زعيماً لترتيب هدافي دوري أبطال أوروبا في الموسم المنصرم 2019-2020 برصيد 15 هدفاً وهو ما ساعد الفريق البافاري على الفوز باللقب.

 

ويتصدر رونالدو ترتيب هدافي دوري أبطال أوروبا عبر التاريخ برصيد 134 هدفاً وهو رقم من الصعب كسره في المواسم المقبلة منطقياً، خاصة وأنّ صاروخ ماديرا اعتاد على تسجيل حضوره تهديفياً.

 

كيف كان النهائي؟

 

في كل مرة، كانت الظروف تخونك ربما، حسبة خاطئة مبررة، الحظ يخرج لسانه، قل كما شئت عمّا سلف، أما هذه المرة، فتشلسي كان بطلًا لأن توخيل استحق عن جدارة، ولأنك أخطأت خطأ يستحق العقاب يا بيب يا غوارديولا.

 

التشكيل لم يكن مفاجئًا بالنسبة لتوماس توخيل، لكنه من جهة بيب جوارديولا كان خارج إطار التوقعات من دون لاعب ارتكاز، وبالاعتماد على رحيم ستيرلينغ الذي لازم دكة البدلاء في الأدوار السابقة من دوري أبطال أوروبا.

 

بالنسبة لتشلسي لم يتخلَ توماس توخيل عن الـ 3/4/2/1 المعتادة له في الأشهر الأخيرة، أي منذ وصوله إلى إدارة البلوز بالأحرى، وعلى مستوى الأسماء أيضًا لم يكن هناك مفاجآت وجاء الأمر وفقًا لما هو معتاد.

 

بالنسبة للأسماء جاء إدوارد مندي في حراسة المرمى، ثلاثي في خط الدفاع سيزار أزبيليكويتا وتياغو سيلفا وأنطونيو روديغير الى اليمين ريس جايمس والى اليسار بن تشيلويل، في وسط الملعب يأتي جورجينيو ونغولو كانتي، خلف الثنائي ميسون ماونت وكاي هافيرتس، وأمامهم مهاجم وحيد وهو الألماني تيمو فيرنر.

 

على الجانب الآخر، كان بيب جوارديولا وفيًا أيضًا ولكن لعاداته التي تجعله يلجأ إلى تغييرات خططية في الأوقات الحاسمة وخاصة في دوري أبطال أوروبا، لكن الفارق أن ذلك حدث في هذه المرة وهو يخوض النهائي الأول له منذ 10 سنوات في أعرق الكؤوس الأوروبية.

في حراسة مرمى مانشستر سيتي جاء إيدرسون، أمامهم كايل ووكر وروبن دياش وجون ستونز وزينتشينكو، ثلاثي في الوسط غوندوغان وبيرناردو سيلفا وكيفين دي بروين، خلف ثلاثي الأمام فيل فودين ورياض محرز ورحيم ستيرلينغ.

 

بتلك الخطة لعب غوارديولا بلا ارتكاز دفاعي فتخلى عن فيرناندينيو ورودري، ولجأ إلى غوندوغان ليكون في قلب الوسط، في مغامرة أمام ثنائية كانتي وجورجينيو وأمام توخيل الذي يستطيع إدارة معارك الوسط جيدًا.

 

خلف الدفاع

في الشوط الأول، كانت هناك أكثر من فرصة سانحة للتسجيل لتشلسي، بعضها أضاعها فيرنر وبعضها الآخر أبعده الدفاع، من العمق ومن الأطراف، وبأكثر من طريقة يترجم بها فريق توماس توخيل كراته الهجومية.

 

ولكن سخرية القدر جاءت بالشكل الذي كان يجب أن تأتي به، غوارديولا يترك قلب وسط الملعب فارغًا بلا لاعب ارتكاز، يوسّع الملعب عرضيًا أكثر من اللازم، تُفتح فراغات في العمق ومساحات خلف الدفاع المتقدم يمكن أن تركض فيها الخيل بحرية، فما النتيجة المنتظرة؟

 

أحسنت، كما قلت في سرك للتو، العقاب والهدف كان يجب أن يأتي من خلال ذلك الخلل الذي كان يعرف غوارديولا أنه سيحدث حين يدخل بتلك الخطة واللعب بغوندوغان على الدائرة وحده.

 

توخيل فهم الدرس جيدًا، لعب على التحولات بصورة مميزة، الضغط على مراحل كما يجيد، واصطياد الفرص من خلال التحولات للوصول إلى المرمى بأقل عدد ممكن من اللمسات، وإذا منحك الخصم الفرصة لذلك مفرّغًا قلب الملعب لك، فإن الأمر يكون أكثر سهولة بكل تأكيد.

 

تفطّن بيب ولكن متى؟

في شوط المباراة الثاني أقحم غوارديولا غابريال جيسوس بدلًا من دي بروين المصاب مضطرًا، ولكنه إراديًا تفطّن إلى كارثة الوسط الفارغ، ليدفع بفيرناندينيو بدلًا من بيرناردو سيلفا الذي كان شبحًا في الدقائق التي لعبها.

 

الضغط الذي قام به غوارديولا كان أمام فريق متماسك، عاد للخلف ليؤمن تقدمه ولكنه في الوقت عينه ما زال قادرًا على اللعب على التحولات، التي أحدثت الخطورة حتى اللحظة الأخيرة حتى وإن استحوذ السيتي.

 

كانتي الرهيب.. كلمة السر

 

السؤال هنا، كيف كانت تلك التحولات؟ من أين بدأت؟ ومن أين تحركت؟ ومن أين جاءت كل انطلاقة وانتهت كل انطلاقة مضادة؟ من عند أحدهم الذي يمتلك 3 رئات ويسمى نغولو كانتي!

 

في حال شاهدت مباراة مانشستر سيتي وتشيلسي، فإنه من الطبيعي أنك لاحظت أن نغولو كانتي لا يتوقف، شاهدته في الخلف والأمام، وحسدت توخيل على أنه ربح ماكيليلي ولم يخسر دي بروين من خلال إشراك لاعب واحد.

 

ماكيليلي من قبل تحدث عن أداء كانتي لما يسمى “دور ماكيليلي” قال إنه لا يؤديه بالشكل الجيد فقط، بل إنه يستحق أن يطلق عليه “دور كانتي” لكونه تفوق عليه شخصيًا، فيما يتعلق بأدوار الارتكاز.

 

ومنذ جاء ماوريتسيو سارّي وقرر اللعب بجورجينيو على الدائرة والدفع بنغولو كانتي في الأمام ليلعب دور الـ”box to box” وهو أمر انتُقد عليه المدير الفني الإيطالي كثيرًا في بداية التطبيق.

 

ولكن مع الوقت، تحول كانتي إلى لاعب أكثر شمولًا، ليس اللاعب الشامل الذي يؤدي كل الأدوار في الوسط بنفس الكفاءة، ولكنه صاحب الكفاءة الأعلى في الأدوار الأخرى فيما يتعلق بلاعبي الارتكاز.

 

وهنا، يمكنك إيجاد قاطع الكرات والقادر على التقدم بها وقطع المسافات بلا تعب والركض يمينًا ويسارًا من خلال لاعب واحد، حتى وإن وجد صعوبة في التصرف بالكرة في الأمام، فهو ليس نصف بشر ونصف إله لكي يقوم بكل ذلك.

 

لذا في تلك الحالة نقول إنك ربحت ماكيليلي ولم تخسر دي بروين كليًا، أخذت خليطًا بين الثنائي مع كفاءة دفاعية أعلى من ماكيليلي وفاعلية هجومية أقل من دي بروين، لكن شمولية تتغلب على الثنائي.

 

في النهاية، أكل توخيل الكتف وشبع، وسينام غوارديولا ليلته وهو يتألم جوعًا، من دون أن يتعاطف معه أحد، نظرًا لأنه اختار ذلك المصير بكامل إرادته، واستحق العقاب، بلا أي شفقة ولا حاجة لذلك.

 

 

 

 

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً