العرب “مع المغرب” بحماسة تتخطى الحدود والخلافات السياسية

لبنان الكبير

لا يتردّد الجزائري عمر بوبكر في المجاهرة بتشجيعه لمنتخب المغرب الذي سيخوض السبت ربع النهائي في بطولة كأس العالم لكرة القدم في الدوحة، قائلا بحماسة “أنا مع المغرب”، منحيا تماما الخلافات السياسية المزمنة بين بلده والبلد المجاور.

ويتمنّى بوبكر (50 عاما) فوز منتخب المغرب بكأس العالم، فيما يخوض “أسود الأطلس” ربع نهائي المونديال كأول فريق عربي يحقّق هذا الانجاز. ويقول التاجر القادم من ولاية وهران، لوكالة فرانس برس، “أنا الآن مع المغرب. المغرب كالجزائر وأتمنى أن يذهب بعيدا”.

والعلاقات الدبلوماسية مقطوعة بين الجزائر والمغرب منذ آب/أغسطس 2021.

وتشهد العلاقات توترا منذ عقود بسبب دعم الجزائر لجبهة البوليساريو المطالبة باستقلال الصحراء الغربية التي يعتبرها المغرب جزءا لا يتجزأ من أرضه ويقترح منحها حكما ذاتيا تحت سيادته.

ويتابع الرجل فيما ابنه يلوّح بعلم الجزائر قرب طاولة جلس عليها مشجعون مغاربة “السياسة للساسة، إنما الشعوب على قلب واحد”.

ويضيف “أتمنى أن يربح المغرب كأس العالم. كلّ شيء ممكن”.

في الجزائر، يتابعون المواطنون مسيرة المنتخب المغربي عن كثب، رغم صمت إعلامي ورسمي حيال تقدّم المنتخب المشارك في أوّل مونديال يُنظَّم في دولة عربية. وقد تجمّعوا خلال المباراة بين إسبانيا والمغرب في المقاهي، واحتفلوا بصخب بانتصار المغرب.

وتلاقي انتصارات المغرب فرحة عارمة ومؤازرة واسعة في كل الدول العربية، من سوريا ولبنان شرقا إلى ليبيا وتونس غربا، حيث تتابع حشود مباريات “الأسود” على شاشات عملاقة في الساحات أو في المقاهي والمراكز التجارية.

في الدوحة حيث الحدث، بات علم المغرب الأحمر بنجمته الخضراء يطغى على المشهد، قبل اللقاء المرتقب بين المغرب والبرتغال السبت.

ويمكن سماع العديد من العرب يطرحون على آخرين السؤال نفسه “معك تذكرة لمباراة المغرب؟”.

وجاء الطالب المغربي أسامة القبلاني (26 عاما) من باريس بمفرده لمتابعة المباريات، ويقول إنّه شعر “بوحدة عربية” أنسته وحدته.

ويضيف الشاب الذي ارتدى قميص بلاده الأحمر اللون واعتمر عقالا خليجيا، “الكمّ الهائل من العرب الذين يشجّعون المغرب يجعلني أشعر بأنني في الدار البيضاء أو الرباط”.

ويتابع بحماسة “الروح التي تجمع العرب هنا فريدة وغير مسبوقة”. وقال أردني كان الى جانبه بحماسة “مربوحة مربوحة”.

وإذا فاز الأسود السبت، سيكون المغرب أول منتخب إفريقي أيضا يبلغ نصف النهائي.

-“حلم عربي”-

في سوق واقف، مقصد المشجعين في الدوحة، باتت أعلام المغرب وأوشحته الأكثر مبيعا، حسب بائعين.

واشترى الطالب المصري محيي خالد (16 سنة) علم المغرب مقابل 25 ريالا (6,8 دولارات) وبدأ وصديقاه البحث عن تذاكر لحضور اللقاء المرتقب.

ويقول بحماسة أمام متجر يبيع قمصانا كتب عليها “أنا دمي عربي”، “المغرب يمثّل حلماً عربياً جميلاً يسعدنا جميعا”.

في إدلب في شمال غرب سوريا، استقبل طبيب الأسنان السوري مصطفى ياسين عشرين مريضا مجانا يومي الأربعاء والخميس في عيادته، احتفالا بفوز المغرب.

وكان ياسين يفي بوعد قطعه على “فيسبوك” قبل مباراة المغرب وإسبانيا في ثمن النهائي قال فيه “إذا تأهل المغرب لربع النهائي، جميع المعالجات مجاناً”. وأعرب عن “سعادته بذلك رغم الضغط”.

وما أن أدخل أشرف حكيمي الكرة في شباك الإسبان مؤكدا فوز بلاده الثلاثاء، انطلقت الاحتفالات والهتافات والموسيقى في إدلب ولبنان واليمن، فيما أطلق ليبيون الألعاب النارية ابتهاجا، رغم ويلات النزاعات والمصاعب الاقتصادية في هذه المناطق.

وتقول المغربية الستينية عائشة بينما تتناول الغداء في مطعم لبناني في الدوحة تدلّى على واجهته علم كبير للمغرب، “نشعر بأنّ الجميع معنا”.

– “فخر العرب” –

وكان لاحتفال لاعبي المغرب بعد المباراة، وهم يحملون العلم الفلسطيني، وقع طيب في الأراضي الفلسطينية وأرجاء الدول العربية. وغصّت وسائل التواصل الاجتماعي بمنشورات تشيد بذلك.

وتتحضّر غزة ورام الله للقاء السبت على أمل تكرار الاحتفال.

في لبنان، نشرت صحيفة “لوريان لوجور” الناطقة بالفرنسية على صفحتها الأولى صورة للمنتخب المغربي مرفقة بعبارة “فخر العرب”. وعنونت صحيفة “الأخبار” صفحتها الرياضية “المغرب يصنع تاريخاً جديداً”.

وودّعت منتخبات قطر والسعودية وتونس البطولة من الدور الأول، لينضمّ مشجعوها الى مشجّعي “الأسود”.

ويقول القطري محمد فخرو (52 عاما) إنّ المغرب “عوّض خسارة خروج قطر مبكرا”، “كلّنا حاليا خلف المغرب”.

واعتبر اللاعب المغربي السابق طلال القرقوري أنّ التواجد الجماهيري لعب دورا حاسما في نتائج المغرب.

وقال المدافع السابق في مقابلة مع فرانس برس “الحضور الكثيف للجماهير أثّر على الخصم ودفع باللاعبين للحصول على النتائج. تواجد الجماهير ساعد كثيرًا”.

وبمواجهة هتافات “ديما (دائماً) مغرب، فيفا (يعيش) مغرب” من حناجر لم تهدأ مساء الخميس في الدوحة، قال المشجع البرتغالي فرناندو لوبو (56 عاما) في الدوحة “إننا نواجه المغرب على أرضه، ما يزيد من صعوبة المباراة”، رغم ثقته بفوز رفاق كريستيانو رونالدو.

لكنّ تاجر الذهب المغربي عبد الرحيم الضحى (50 عاما) قال “بهذا التضافر العربي الكبير … عندنا الحلم والثقة أننا سنكمل المشوار ولم لا نفوز بكأس العالم؟”.

شارك المقال