المراهنات في المونديال بالملايين “لسد الحاجة”… ولا رقابة!

راما الجراح

المراهنات، ظاهرة جديدة تفشت في لبنان تزامناً مع مونديال قطر ٢٠٢٢ حول توقعات الربح والخسارة. سماسرة يديرون هذه العملية من مكاتبهم أو عبر تطبيقات الهاتف ومواقع إلكترونية مخصصة لذلك. الموضوع ليس مزحة أبداً، بل ظاهرة خطيرة يقع في فخها عدد لا بأس به من المواطنين، ويمكن أن تتكرر في كل مناسبة عامة في ظل غياب الرقابة.

داخل أحد المقاهي، ومن باب الصدفة سمعتُ حديثاً بين أشخاص كانوا يجلسون الى يمين طاولتي، وأحدهم يروي لمن معه أنه منذ بداية المونديال حتى اليوم أصبح في جيبه ٣٠٠ دولار بعد رهانات عدة يقوم بها على المباريات ويُخمّن النتيجة لصالح أي فريق و”بتنقش” معه. والشخص نفسه بحسب حديثه عاطل عن العمل، وكانت هذه الرهانات فرصة أمامه ليكسب المال.

الأمر يبدو غريباً نوعاً ما، ففي العادةً كُنا “نُشارط” بعضنا البعض مقابل عشاء أو لعبة معينة، أو حتى قصاص، ولكن نادراً ما كانت هذه الأمور تذهب في مسار مخيف كهذا إذا صح القول. وأكد مصدر موثوق لموقع “لبنان الكبير” أن “هذه الظاهرة ليست جديدة، لكن الفرق أنها من قبل لم تنتشر كالنار في الهشيم مثل هذا العام، حتى أصبحت شريحة كبيرة تنتظر المباريات ليس للمشاهدة والمتعة أو كونه حدثاً رياضياً مهماً، بل لجني الأرباح فقط وكأنها لعبة حظ، وعلى الرغم من ذلك هناك إقبال غير مسبوق عليها في ظل نسب البطالة المرتفعة بين الشباب خصوصاً”.

وروى لنا أحد الأشخاص الذين يدخلون بعض الأحيان في رهانات كهذه أن هناك “أشخاصاً يديرون هذه العملية ويطلق عليهم اسم الـ (Boss) وهم يقومون بإدارة شبكات رهانات عدة في مناطق مختلفة، وليست هناك خسارة في الموضوع، بحيث يتنقل الشباب التابع للشبكة بين المطاعم والمقاهي، ويتواجد في كل مكان شخصان أو أربعة وكل منهم يحاول التقرب من مجموعة شبان وفتح مجال للرهان، على أن يكون (في حال خسروا تعطيني ٥٠ دولاراً)، أو (في حال ربحوا تعطيني كذا)… وهكذا”.

وأوضح أن “الأماكن التي يمكن أن تحصل فيها عملية الرهان بصورة مُريحة وبسيطة هي المقاهي، صالونات الحلاقة، وعبر مواقع إلكترونية غير شرعية طبعاً على الهاتف، وعادة تكون على الربح والخسارة، والبطاقات الصفر والحمر، وعلى الوقت بدل الضائع. والرهانات ليست مقتصرة على جنس واحد، بل هناك شابات يعملن في هذا المجال، وأنا شخصياً لم أغامر حتى اليوم بأرقام كبيرة منذ بداية المونديال، وكسبت قرابة ٥٠ مليوناً فقط، ولكن هناك أشخاص كسبوا آلاف الدولارات، ولا رقابة على ذلك، والأمر سهل جداً، وفعلاً يجني الشخص ربحاً كبيراً (بس أنت وحظك)”.

واعتبرت المرشدة الاجتماعية والنفسية هنادي زعرور عبر موقع “لبنان الكبير” أن “هذا النوع من الرهانات مُرعب لأنه يدل بصورة كبيرة على نسبة اليأس والاحباط في صفوف الشباب اللبناني، وإنقطاع الامل لديه حتى وصوله إلى رهانات غير شرعية كهذه من أجل لقمة العيش فقط. وقد نجح هؤلاء السماسرة (أولاد الحرام) في إيقاع هؤلاء في هذا الفخ، واستغلال نقطة ضعفهم، والوضع النفسي السيء الذي يعانونه لجذبهم إليهم للعمل معهم وللسيطرة على عقولهم”، مشددة على أن “هذه مافيات ويجب ملاحقتها ومنع ظاهرة كهذه من الإنتشار لتدمير مستقبل الشباب، وعلى الدولة الغائبة عن يومياتنا التحرك فوراً قبل فوات الأوان لانقاذهم، لأنه في حال لم يتم توقيفهم اليوم، فسنشهد هذه الظاهرة بعد المونديال في أمور عدة يومية ومختلفة في لبنان”.

شارك المقال