تأثيرات كورونا في “قلوب” الرياضيين

لبنان الكبير
تأثيرات كورونا في "قلوب" الرياضيين

فوجئ الأطباء بتأثير غير متوقع لفيروس كورونا في الرياضيين بعدما لاحظوا أن بعضهم أصيب بالتهاب في القلب بعد التعافي من الفيروس.

وفي دراسة نشرت في مجلة “JAMA” المتخصصة في أمراض القلب، تتبع الأطباء مسار لاعبين في ست بطولات في الولايات المتحدة الأميركية لرصد تأثيرات الفيروس في القلب.

ووجد الأطباء أن خمسة من 789 رياضيا محترفا أصيبوا بأمراض القلب الالتهابية في أكبر دراسة من نوعها حتى الآن بين أيار وتشرين الاول الماضيين.

وأخضع الأطباء الرياضيين لثلاثة اختبارات تتبعت ضربات القلب، وأخدوا صورا بالموجات فوق الصوتية لقلوبهم كما قاسوا بروتينا في دمائهم يشير إلى تلف في القلب.

وتوصل الأطباء إلى أن اختبارات 30 رياضيا غير طبيعية وأحيلت الى التصوير بالرنين المغناطسي للقلب، وشُخصت خمس حالات منهم بالتهاب القلب بينها 3 حالات التهاب عضلة القلب واثنتان منها التهاب التامور (وهو الغطاء السميك المحيط بالقلب).

ونقل عن الدكتور دايفيد أنجيل، طبيب القلب في مركز إرفينغ الطبي بجامعة كولومبيا وأحد المؤلفين الرئيسيين للدراسة، أن نتائج الدراسة تتوافق مع التقييمات التي تقول إن إصابة القلب ترتبط بشدة بأعراض الفيروس. والحالات الخمس التي أصيبت بأمراض القلب الالتهابية ارتبطت بأعراض كورونا الشديدة.

وخضع اللاعبون الخمسة الذين تم تشخيص إصابتهم بأمراض القلب، لاختبارات لمدة تتراوح ما بين ثلاثة وستة أشهر. ولم تسلط الدراسة الضوء على ما قد يحدث على المدى الطويل لهؤلاء اللاعبين الذين تم تشخيص إصابتهم بالتهاب القلب.

وسوف تستمر الاختبارات وإن كانت بعض الدراسات بدأت تزيل الغموض قليلا حول هذه الظاهرة، لكن لا يعرف حتى الآن لماذا يعاني بعض المصابين بكوفيد-19 على مدى أشهر من أعراض قد تكون حادة في بعض الأحيان، منها الإعياء وصعوبة التنفس واختلال في الجهاز العصبي ومضاعفات في القلب؟.

وتتحدث منظمة الصحة العالمية عن “متلازمة ما بعد كوفيد-19” أو “كوفيد-19 الطويل الأمد”، في وثيقة عرضت فيها مؤخرا توصياتها الجديدة.

الجهاز التنفسي

يواجه العديد من الأفراد وخاصة كبار السن تحديات صحية محددة خلال أزمة الكورونا العالمية الحالية، من دون الاهتمام بالقدر الكافي بصحة الجهاز التنفسي عند الشباب واصحاب اللياقة البدنية، لكن من المهم للرياضيين والرياضيين ذوي الإعاقة والأطباء المشرفين عليهم إتباع إرشادات محددة لضمان سلامتهم.

ويلعب النشاط البدني المنتظم دورا هاما في جميع أوجه حياتنا حيث يساعد على تنشيط الجهاز المناعي ومن ثم يقلص من إحتمالية الإصابة بالأمراض المعدية، لكن لا يضمن مستوى اللياقة العالي عدم الاصابة بفيروس الكورونا. لقد أصيب الرياضيون المحترفون المشاركون في منافسات رياضية بالفيروس وبعضهم تدهورت حالتهم. ومن المحتمل أيضا أن رياضيين آخرين أصيبوا بالفيروس من دون أن يشعروا بأي أعراض ولم يدركوا أبدا أنهم يحملون الفيروس.

وشارك الدكتور جايمس هال، إستشاري الجهاز التنفسي في مستشفى رويال برومبتون، في كتابة مقالة حديثة في مجلة اللانست يحث فيها على توخي الحذر قائلا: “قد يشعر الآن العديد من هؤلاء الرياضيين بأنهم جاهزون لإستئناف التدريب المكثف لكن معايير العودة للعب المعتاد إتباعها مع الرياضيين المرضى لا تنطبق على شخص أصيب بفيروس الكورونا.”

تاريخيا، إعتمد أطباء الطب الرياضي علي ما يسمي “بفحص الرقبة” لتحديد ما إذا كان يمكن لرياضي قد عانى من مرض بالجهاز التنفسي العودة للتدريب ومتى يمكنه فعل ذلك. بإستخدام هذا القياس، إذا كانت أعراض الرياضي محصورة في الجهاز التنفسي العلوي أو بمنطقة الرقبة، مثل مشاكل الجيوب الأنفية أو إحتقان الأنف فسيتم السماح له بالعودة للتدريب واللعب لكن فيروس الكورونا يدعو للقلق لأن الأعراض قد تكون خفيفة مع بعض الأشخاص ثم تتدهور حالتهم سريعا.

ويعلق الدكتور هال: ” لقد رأينا بعض الأشخاص يشعرون بأعراض خفيفة في البداية ثم تبدأ في التحسن ثم تتدهور حالتهم بشدة بعد سبعة أيام من بداية الأعراض. بسبب هذا التغيير المفاجئ في طبيعة الإصابة بالفيروس من المهم أن لا يستأنف الرياضيون بسرعة التدريبات العنيفة عند الشعور بتحسن وبالأخص في الأيام السبعة الأولى.”

بدلا من ذلك، يوصى الرياضيين -الذين ثبتت إصابتهم بفيروس الكورونا أو اشتبهوا في أنهم قد يكونون إيجابيين- بالإلتزام بالراحة من دون أي اداء، لمدة عشرة أيام على الأقل من بداية الأعراض. ثم بإفتراض ان مرضهم إستمر بأعراض خفيفة، يجب أن يستمروا في الراحة لمدة اسبوع آخر وحتى بعد زوال الأعراض. وبعدها يمكن عودتهم بإستراتيجية تدريجية للعب”.

ويُنصح الرياضيون والمهتمون بممارسة الرياضة الذين ثبت بالفحص إصابتهم بالفيروس وكانت أعراضهم خفيفة او كانوا من دون أعراض، أو هؤلاء القلقين من إحتمال إصابتهم بالفيروس من دون إختبار، بالبقاء بالمنزل والراحة لمدة اسبوعين على الأقل من تاريخ بداية الأعراض أو من تاريخ الفحص الإيجابي.

بعد اسبوعين على الأقل من الراحة في المنزل وبإفتراض تحسن الاعراض، يُنصح الرياضيون بالعودة الى ممارسة التمارين مع الإنتباه للأعراض. كما يعاني العديد من الرياضيين من مشاكل بالجهاز التنفسي أو الربو لذا من المهم الإشراف عليهم جيدا وإجراء الإختبارات التشخيصية قبل العودة الى ممارسة الرياضة.

يقول الدكتور هال:” قد تعاني من سعال خفيف أو ضيق خفيف بالتنفس عند عودتك للرياضة، لكن يجب أن تقل الأعراض يوما بعد يوم، فإن لم يحدث هذا أو إذا شعرت بصفير جديد بالصدر أو بضيق نفس جديد، إذهب إلى طبيبك ليفحص صدرك، أو رتب إستشارة هاتفية. إذا شعر ذاك الرياضي بأعراض تحت مستوى الرقبة مثل ألم بالصدر أو صعوبة بالتنفس، أو صار معه حرارة أو بلغم، يتم التوصية بعدم مواصلة التمارين”.

لقد ظهر في بعض حالات الإصابة بالكورونا خلل غير معتاد بالقلب، حتى بين الرياضيين الأقوياء. لكن بما أن هذا فيروس جديد، فإن الخبراء لا يعرفون كيفية إستجابة كل شخص له.

ويشرح الدكتور هال: “نحن نعلم من البيانات التي تم نشرها أن هذه العدوى قد تحفز جدا على حدوث تجلطات. وقد أصيب عدد كبير من المرضى التي كانت أعراضهم خفيفة بجلطة بالرئة، ولذلك من المهم جدا أن يتنبه أطباء الرياضيين لإمكانية حدوث جلطة بالرئة للرياضي العائد الى التدريب.”

علي الأرجح سيحتاج أي شخص رياضي تم حجزه بالمستشفى أو كان طريح الفراش لعمل فحص شامل للرئة والقلب والتأكد من سلامته قبل منحه ترخيص للعودة للتدريب.

أما بالنسبة للأشخاص اللذين يمارسون الرياضة من وقت الى آخر كهواية ولم تثبت إصابتهم بالفيروس أو لم يشعروا بالمرض أثناء هذا الوباء، فالأنشطة التالية مثل المشي أو الركض أو ركوب الدراجة أو أي أنشطة أخرى هي مرغوبة وآمنة. بالطبع يساهم النشاط البدني بشكل إيجابي في صحة الافراد طالما إلتزموا بالتباعد الإجتماعي وتغطية الوجه.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً