يوسف برجاوي… علامة فارقة في الرياضة والصحافة

زياد سامي عيتاني

تسليماً بالرضا والقبول، وبكل إيمان بقضاء الله تعالى، تلقينا بأسى وحسرة لا حدود لهما الخبر الفاجعة المنتظر، الذي كنا نبتهل المولى بأن لا يكون سريعاً. لكن الله قدر وما شاء فعل، ولا إعتراض على قدره.

إنه، خبر رحيل “أبو فراس” يوسف برجاوي، آخر أعمدة الصحافة الرياضية، الذي أرسى عبر سنوات طويلة ومديدة مداميك الصحافة الرياضية في عصرها الذهبي، ودوّن بعرق الجبين قبل حبر القلم تاريخها المجيد، بل صار هو تاريخاً متنقلاً لها طيلة مسيرته المهنية الحافلة.

****

“أبو فراس” كان يختزن في فكره وذاكرته أرشيفاً رياضياً، يوثّق الرياضة اللبنانية في كل مراحلها وتحولاتها، منذ أن إنخرط فيها بكل جوارحه وتفاعلاته حتى صارت حياته كلها، بعدما خطفت منه حياته الخاصة، وصار إسمه مرادف للرياضة،لا يغيب عن أي حدث أو نشاط أو مناسبة كبيرة كانت أو صغيرة.

كم هو محزن ومفجع رحيل “أبو فراس” عن دنيانا، ليلحق بمن سبقوه من رفاق دربه الطويل إلى بارئهم، وكأنه لم يعد قادراً على تحمل ما إنحدرت إليه الرياضة اللبنانية وصحافتها إلى الدرك الأسفل، لتفقد هويتها ودورها ورونقها ومتعتها (!) وهو الشاهد، لابل المساهم بفاعلية، إدارياً وإعلامياً، في نهضتها وتطويرها وتعزيزها.

“أبو فراس”، كان ظاهرة مميزة وفريدة في الملاعب اللبنانية، وفي أروقة “معشوقته” صحيفة “السفير”، وفي أسفاره، وفي جلساته ولقاءاته. شخصيته لا تشبه أحداً سواه، ولايمكن لغيره أن يتمتع بها أو أن يقلدها.

كان صاحب مدرسة خاصة في الصحافة الرياضية، التي تخرّج وخرّج منها العشرات. مهني متفوق. إداري بجدارة. ناسج لعلاقات محلية وخارجية (يعجز عنها وزيرا الداخلية والخارجية). صاحب قدرة فائقة على حل المنازعات وتدوير الزوايا وتقريب المسافات بألمعيته المبسطة. لم يكن يعرف الكراهية ولا الحقد ولا الضغينة، بل كان يملك فائضاً من المحبة والمودة تجاه الجميع. جريء. مقدام. حيوي. نشيط. مبادر. سباق. متعاون. يضج بالحياة. لا يعرف التعب في مهنة المتاعب.

وأجمل ما كان في “أبو فراس” روحه المرحة ونفسيته الطيبة. ظريف. مرح. ممازح. فكاهي. صاحب مقالب… أينما كان يحل، كانت تعلو الضحكات والقهقهات، لما كان يتمتع به من خفة دم وقدرة هائلة على إبتكار المداعبات والطرائف بذكاء وسماح وعذوبة.

فعلاً، كان يوسف برجاوي ضحكة وفاكهة الرياضة اللبنانية وصحافتها، التي مع رحيله، سنفتقدها إلى الأبد، لنزداد حزناً وقلقاً.

شارك المقال