لبنان في المونديال… بين الحلم والواقع!

رياض عيتاني

بين تصفيات كأس آسيا وتصفيات كأس العالم لكرة القدم، عرف منتخب لبنان محطاتٍ عدة بقيت في الذاكرة من خلال انتصارات اعتُبرت تاريخية، وتركت إرثاً للأجيال اللاحقة، ودافعاً معنوياً لنسخها وايصال منتخبنا الى أبعد مشوارٍ ممكن في كل مناسبة قارية.

بين مطلع السبعينيات مروراً بالتسعينيات ووصولاً الى الألفية الجديدة، تعود مشاهد عدة قبل كل محطة جديدة للتصفيات الخاصة بكأس آسيا أو بكأس العالم كتلك التي سيخوضها لبنان ابتداءً من الخميس المقبل، عندما يواجه نظيره الفلسطيني، ضمن المجموعة التاسعة للتصفيات المزدوجة، والتي تضم أيضاً بنغلادش وأستراليا.

أول انتصار آسيوي

مشوار انتصارات لبنان في تصفيات كأس آسيا بدأ قبل 52 عاماً، وتحديداً في 19 كانون الأول من العام 1971، وذلك على حساب جاره السوري بنتيجة 3-2، في مباراةً أقيمت على ملعب ثانوية شويخ في الكويت.

هذا الفوز كان مهماً بالنسبة الى اللبنانيين عامذاك، وخصوصاً أنهم كانوا قد خسروا المباراة الأولى أمام أصحاب الأرض بهدفٍ وحيد (انسحبوا قبل 10 دقائق على نهايتها اعتراضاً على طرد القائد سهيل رحال)، فانتظر منهم أبناء الجالية اللبنانية فرحةً صنعها الجناح الأيسر داوود منتوفي والهداف يوسف الغول بهدفيه، الأول بكرة رأسية، والثاني بتسديدة من 30 متراً، وذلك على الرغم من تقدّم السوريين مرتين في المباراة. والمشهد الأخير بقي راسخاً بعد صافرة النهاية حين أنشد اللبنانيون المقيمون في الكويت النشيد الوطني اللبناني، وتناقلت وسائل الاعلام صوراً لمشجعين يبكون لشدّة التأثر بهذا الانتصار الأول آسيوياً.

أول انتصار مونديالي

اما أول فوز لبناني في تصفيات كأس العالم فيعود تاريخه إلى 9 حزيران 1993 عندما هزم “رجال الأرز” هونغ كونغ 2-1، في سيول، ضمن مباريات المجموعة الرابعة.

انتصارٌ كاد يكون أكبر بكثير بعد إهدار منتخبنا 24 فرصة متاحة للتسجيل وركلة جزاء حصل عليها عقب تسجيل هونغ كونغ هدف السبق من تسلل واضح في الدقيقة 21.

لكن قبل انتصاف اللقاء بسبع دقائق، عادل يوسف فرحات النتيجة اثر كرة عالية لعبها عبد الفتاح شهاب ناحية اليمين ليقابلها محمد مسلماني برأسه، ومن ثم تصل الى “الكوري” الذي حمل شارة القيادة للمرة الأولى في مسيرته الدولية، فراوغ اثنين من المدافعين داخل منطقة الجزاء مسجلاً في الشباك بذكاء.

أما هدف الفوز، فجاء في الدقيقة 76 بعد كرة من مسلماني حوّلها جمال طه الى وائل نزهة، الذي خطفها بيسراه الى داخل المرمى.

هذا الانتصار حمل الكثير من المعاني للبنانيين، فانتشرت مواكب سيّارة رافعةً الاعلام اللبنانية في مختلف المناطق احتفالاً. 

الانتصارات الأكبر

تاريخ 26 أيار 2001، سجّل أكبر انتصارٍ لبناني في تصفيات المونديال، وجاء على حساب باكستان 8-1، ضمن مباريات المجموعة الخامسة لتصفيات مونديال 2002.

هناك في تايلاند حيث لعب لبنان مع البلد المضيف وسريلانكا أيضاً، ضمّ المنتخب الذي قاده الألماني ثيو بوكير أسماء مميّزة عدة على غرار الحارس علي فقيه، كوركين ينكيباريان، فيصل ورضا عنتر، بدوي فرح، سلماو صالحة، فادي غصن ووارطان غازاريان، ما مكنّه من تنصيب نفسه صاحب أقوى فرق المجموعة هجوماً بـ 19 هدفاً.

ووقّع على الأهداف اللبنانية في الشباك الباكستانية التي تلقت ستة أهداف ذهاباً في بيروت: فيصل عنتر، وارطان (2)، رضا عنتر (2)، جيلبرتو دوس سانتوس (2)، ومارسيلو سيلفا.

أما أكبر انتصار لبناني في التصفيات المزدوجة المؤهلة الى مونديال 2018 وكأس آسيا 2019، فكُتب في 12 تشرين الثاني 2015 أمام لاوس 7-0 في صيدا، ضمن المجموعة السابعة، سجّلها يوسف محمد، رضا عنتر، حسن شعيتو “موني” (2)، علي حمام، حسن معتوق وجوان العمري.

حلمٌ لم يكتمل

الفرصة الأولى والأقرب للبنانيين لتحقيق حلم التأهل الى كأس العالم كانت خلال التصفيات المؤهلة الى مونديال البرازيل 2014، بحيث لم يتوقّع كثيرون أن يظهر المنتخب بهذا الشكل القوي، وخصوصاً بعد الخسارة الافتتاحية أمام كوريا الجنوبية بسداسية نظيفة ضمن المجموعة الثانية.

لكن ردّ الفعل كان رائعاً في 6 أيلول 2011 عندما فاز منتخبنا على ضيفه الاماراتي 3-1 في بيروت، سجلها محمد غدار، أكرم مغربي ورضا عنتر.

بعدها بخمسة أيام خسر لبنان النقاط الكاملة على أرضه بتعادله مع الكويت 2-2، قبل أن يعود بعد شهرٍ تماماً بانتصارٍ من أرض الأخير وبهدفٍ وحيد سجله محمود العلي.

هذا الانتصار رفع معنويات الكل، فاحتشد عشرات الآلاف في مدرجات مدينة كميل شمعون الرياضية تحت الأمطار يوم 15 تشرين الثاني 2011، فكان الفوز على العملاق الكوري الجنوبي 2-1، سجلهما علي السعدي وعباس أحمد عطوي.

وعلى الرغم من الخسارة أمام الامارات 2-4 في الجولة الأخيرة، بلغ منتخبنا الدور النهائي للتصفيات حيث جمع 5 نقاط، محققاً انتصاراً وحيداً ولكن مدوٍّ على ضيفه الايراني 1-0، في 11 أيلول 2012، بهدف قائده رضا عنتر.

شارك المقال