بين الدولرة والفساد… الحلول ممكنة

عماد عبدو
عماد عبدو

بعد الأزمة الاقتصادية التي وقع فيها لبنان، ومع كامل المشهد السياسي الذي لا يبشر بالخير أو بحل قريب في المدى المنظور، يقع الطّالب اللبناني ضحيةً في ساحات التعليم الخاص والرسمي، بين دولرة الأقساط وارتفاعها في غالبية الجامعات الخاصة، وبين فساد وتلاشي الجامعة اللبنانية من جهة أخرى.

خرّجت جامعات لبنان من صنعوا وشاركوا في نهضة الدّول العربية المجاورة، ولبنان كان السبّاق في العالم والمتصدر على كل أشقائه العرب، وهذا مفخرة للبنان والعرب. لكن، هل يجوز أن تصبح جامعات لبنان العريقة حكرًا على الأغنياء والأجانب؟!. هل يجوز أن تقف دولتنا العجوز مكتوفة الأيدي أمام تلك النكسة؟!، إذا احتلّت الأرض، فالتّحرير سيأتي! وإذا دُمّر الاقتصاد فالإصلاح آتٍ والتقدم آتٍ. لكن إذا تراجعت نسبة العلم والمتعلمين في جيل كامل وهو مستقبل هذا البلد، لا حل للمشكلة بل ستكون سبباً لعدم قيامة لبنان.

دخلنا مرحلة دولرة الأقساط دون جدل ودون خطة واضحة لتفادي تفريغ الجامعات من الطلاب. والحلول عديدة وعلى إدارة الجامعات والطلاب العمل على تحقيقها.

أولاً: إعادة النظر بوضع الطلاب الذين قد بدأوا علمهم في الجامعات وإتاحة فرصة المتابعة لهم، فالطّالب الذي دخل الجامعة الخاصة قبل عام ٢٠٢٠ لم يكن على علم مسبق بتلك التدابير، ولم تكن ضمن حساباته وتوقّعاته. جريمة بحق الطّالب أن يوضعَ أمام خيارين، ترك الدّراسة أو المتابعة ضمن شروط الأقساط الجديدة، وهو قد أمضى مرحلة لا بأس بها من علمه.

ثانيًا: أكثرية الجامعات الخاصة على ارتباط صريح وعلني مع العديد من الدول وتتّبع مناهجَ وأنظمة تلك الدول، ومن المعروف أن هذه الدول لا تثق بمنظومة الحكم في الدولة اللبنانية، وتقدم هباتها ومساعداتها إلى الجمعيات والمنظّمات غير الحكومية، باعتبار أن أموالها تذهب هدرًا. لمَ لا تقوم الإدارات الجامعية بعقد بروتوكول دعم مالي للطالب وقسط الطالب اللبناني المسجل لديها، بشروط واضحة وآلية شفافة مشتركة بين الدول المانحة وسفاراتها في لبنان وبين الجامعة من جهة أخرى؟ فالمجتمع الدولي الذي يريد مساعدة شعب لبنان دون مساعدة حكامه، من المستبعد أن يتجاهل هذه المسألة الإنسانية والمصيرية لجيل وشعب كامل.

ثالثًا: تمكين الجامعة اللبنانية لتكون السد العالي أمام النزوح، ودخول العديد من الطلاب إليها ضمن ٤ نقاط وهي:

أ ـــــ إعادة النظر بقانون تعديل مواد الطلب الذي ينوي الانتقال من الجامعة الخاصة إلى اللبنانية لمتابعة تعليمه.

ب ـــــ فتح المجال لقبول عدد أكبر من الطلاب، وهذا يتطلب زيادة في العمران والجسم الأكاديمي وهو شيء شبه مستحيل في هذا الظرف في ظل تخبّط الدولة بأزماتها.

ت ـــــ مكافحة الفساد والمحسوبيات في الجامعة، تمهيدًا لإعادة هيكلة نظام الجامعة ومعالجة مشكلاتها.

ج ـــــ إعتماد اللّامركزية في الجامعة اللبنانية، ليصبح في لبنان أكثر من جامعة لبنانية كما هو المثل في العديد من الدول المتقدمة، عندها تحل مشكلة الطائفية والمناطق الجغرافية ويفتح الباب أمام التنافس الإيجابي بين الإدارات.

يصبح لبنان في خطر دائمٍ، يومَ يصبح فيه العلم شيئاً مستحيلاً وصعباً أمام شبابه وأمام من يعولهم ببناء مجتمعه ودولته. كل خسارة في الدولة تُعوّض وتُعالج إلا خسارة الفكر والعلم والثقافة… عندها يسود الجهل الّذي ينقلنا من أرض الحرف والفكر إلى أرض التّخلف والتّراجع إلى أدنى المستويات، وقد أصبح للدول العربية المجاورة مركبات فضائية.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً