روحُ “الشباب” تحتضر…

فراس خدّاج
فراس خدّاج

منذ انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية في مستهل التسعينيات، تعيش البلاد تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية جمّة وخصوصاً لجهة توّلي الأحزاب مسؤولية إدارة البلاد، عبر قيام نظام تقسيم طائفي يخدم مصالحه بالمجمل على حساب أفكار الشباب وطموحاتهم مما خلق أزمة “مواطنة ” لدى هذا الجيل.

لذلك، يعتبر القسم الأكبر من الشباب اللبناني نفسه مهمشاً، غير منظور بأمره، وغير قادر على تحقيق متطلباته من خلال السياسات العامة للبلاد، وأن قيمته وفاعليته مهدورة في المجتمع. في المقابل، نجد البعض الآخر يُحمّل الشباب اللبناني مسؤولية تفعيل دورهم وقدرتهم على التأثير في القرارات العامة.

لقد ضاق شباب لبنان، تراب لبنان، ذرعاً من الأوضاع الصعبة التي يعيشونها يومياً بحيث يفتقدون جميعاً أبسط مقومات العيش الكريم… فماذا يفتقد الشاب اللبناني مقارنةً بغيره من الشباب في بلاد المهجر؟!

في البداية، تداعيات أزمتي الدولار وكورونا أرخت بثقلها على الاقتصاد اللبناني، وخلقت وضعاً اقتصادياً واجتماعياً قاسٍ جداً، أجبر الشاب اللبناني على الجلوس في المنزل، مصروفاً من العمل أو منتظراً فرصة جديدة، وفي كلتا الحالتين لا تتوافر فرص عمل. ولا تعير الدولة ومؤسساتها أي اهتمام للشباب، إن كان سياسياً من خلال المشاركة في الحياة السياسية واتخاذ القرارات، واقتصادياً من خلال إعطاء فرص للشباب لطرح أفكارهم ومشاريعهم لبناء اقتصاد عصريّ وقطاعات منتجة، واجتماعياً عبر تأمين أبسط “حقوق اللبناني” الذي يكفله الدستور مما يجعله في المقابل يلتزم بواجباته أمام الدولة.

وفي الحديث عن الحقوق، قطاع الصحة يمر بأزمة غير مسبوقة إذ يقفل عدد من المستشفيات الحكومية والخاصة أبوابه بسبب فقدان الأدوية والمستلزمات الطبية مما يشكل خطراً كبيراً على صحة اللبناني… وليس فقط على الشاب منا.

أما التعليم والدراسة فأصبحا حكراً على الميسورين فقط، بسبب الأقساط المرتفعة، إذ تراجع مستوى القطاع التربوي بشكل ملحوظ وأقفلت مدارس وجامعات ومؤسسات تربوية عدة أبوابها نتيجة الأزمة. فأين الحق في التعليم؟! وحتى أصحاب الشهادات العليا لا يجدون لأنفسهم مكاناً فاعلاً في لبنان!

وفي حال قرّر الشاب اللبناني الزواج، فهو سيغرق بين إعالة أسرته في هذه الظروف من جهة والزواج وتكوين أسرة من جهة أخرى، وسيجد نفسه محبطاً وغير قادر على فعل شيء، إذا ما بقيت الأمور في البلاد على ما هي عليه…

وينسحب ذلك على هواياته المفضلة التي تعتبر جزءاً من شخصية الشاب فيمارسها يومياً ليموّه عن نفسه ويتخلّص من تعبه وأفكاره السلبية. وكل ذلك من دون التطرق الى التفاصيل، فلم نذكر الكثير مما يفتقده الشاب اللبناني في مجتمعه ولعل الظروف الآتية أفضل .

حلم كل شاب أن يتسع وطنه لأفكاره وطموحاته، لكن في لبنان أصبح الأمر صعباً جداً نتيجة دخوله في صراعات الإقليم الذي لا يزال حتى يومنا هذا ينزلق فيها أو يُجبر عليها، مراعياً المصالح الضيّقة لبعض الأطراف الفاعلين والضاغطين في البلاد… فهل تحوّل المجتمع اللبناني الى مجتمعٍ مسنٍ خالٍ من حيوية الشباب؟!

شارك المقال