متى نعود الى الحياة الطبيعية؟!

جاد فياض
جاد فياض

ماذا يفتقد الشباب اللبناني؟ حاولت لبرهة من الوقت التفكير بما ينقص جيل الشباب في لبنان في الوقت الحالي، وسألت صديقاً عن الموضوع، كي لا أنسى شيئاً. فكان جواب الصديق بسيطاً، “الأهون عليك أن تسأل شو مش ناقص الشباب”. أعدت ترتيب أفكاري فعرفت أن ما ينقص الشباب كان أكثر مما يؤمن لهم.

تنقصهم الحياة… ببساطة يفتقد شباب “لبنان الكبير” الحياة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. فقدت هذه الفئة الشعور بالانتماء منذ زمن ومعه الاستقرار، في سياق بحثها عن السفر أو الهجرة لتأمين ما يُسمى في دول أخرى “حقوقاً”، وهي كانت قد سُلبت منهم في وطنهم الأم. لا يبحث هؤلاء بالضرورة عن الثروات أو الشهرة او الانجازات العظيمة، بل كل ما يسعون إليه حياة كريمة من دون إذلال.

واقع مرير يُطلّ برأسه وينبئ بزمن سيكون صعباً على فئة الشباب خصوصاً. لا تبعث الاشارات بأي ايجابية قد يلاحظها اللبنانيون في المستقبل القريب. الانهيار الاقتصادي والمالي وخلفه انهيار أركان الدولة والمؤسسات سيخلف أضراراً طويلة الأمد، ولن ينتهي تأثير هذا الانهيار في غضون أشهر.

يضع المتفائلون مهلة خمس سنوات لإعادة لبنان إلى السكة الصحيحة، في حين يتوقع آخرون أن تستغرق العملية أكثر من عشر سنوات. لكن الشباب اللبناني الذي يفتقد مختلف مقومات العيش لن يحتمل فترة اضافية حتى يعود إلى ما يُسمى بـ”الحياة الطبيعية” التي باتت مطلب كل مواطن في لبنان.

يحتاج شباب لبنان اليوم إلى حق التعليم، والقدرة على الاستشفاء، وتأمين فرص العمل، وإلى النقل العام المشترك، والكهرباء، والانترنت، وضمان الشيخوخة لذويهم. يحتاج الشباب إلى الاستقرار والهدوء، والتخلّص من القلق والارهاق، والراحة النفسية، والسعادة. لكنهم قبل كل ذلك يحتاجون إلى الكرامة والاحترام، إذ لا يكفي تأمين كل ما تم ذكره سابقاً، ومصادرة قرارهم وحريتهم في الوقت عينه.

حين عددت هذه الحقوق أمام الصديق المذكور، ابتسم بسخرية، وهو يعلم أن شيئاً منها لن يتحقق، ويعتبر أنها لا تتحقق إلّا في عالم المثاليات. نظرية خاطئة عملت قوى السلطة على ترسيخها في عقول الشباب، نتج منها جيل مستسلم للواقع.

لا يحتاج الأمر إلّا لقرار سياسي صريح يتخذه أهل الحكم لاعادة الوضع في لبنان إلى الطريق الصواب، وتثبيت الشباب في أرضهم، وتحصيل حقوقهم. والشباب أيضا لن ينسوا، وهم سيعملون في بلادهم ضمن اختصاصهم بهدف الارتقاء إلى الأفضل. الطريق صعب، لكنه غير مستحيل، وهذا ما يحتاجه شباب “لبنان الكبير” وشباب كل لبنان.

شارك المقال