الشباب اللبناني يخسر منفذه الأخير!

حسين زياد منصور

ليس التسلح والسياسة وحدهما ساحة للصراع والتنافس بين دول العالم، اذ تعتبر الرياضة ارضا خصبة لهذه الصراعات، وقد ظهر ذلك جليا في الكثير من المواقف خصوصا في مباريات كرة القدم والألعاب الأولمبية، فتنوع هذا التنافس بين توفير الدعم والظروف الملائمة للرياضيين من جهة وتشييد المنشآت والاكاديميات الرياضية من جهة أخرى، فأصبحت الرياضة هي واجهة الدولة امام باقي البلدان.

اما في لبنان ولفترة ليست ببعيدة، كانت الرياضة هي منفذ اللبناني للهروب من واقعه الأليم، وقد تنوعت الرياضات بين كرة القدم وكرة السلة وكمال الاجسام وأنواع مختلفة من فنون المصارعة، وبسبب ظلم القطاع الرياضي وغياب الدعم عنه، غاب اسم بلاد الأرز عن بطولات كبيرة وكثيرة على الرغم من وجود طاقات شبابية قادرة على تقديم أداء مميز ومذهل.

واليوم مع تأزم الوضع الاقتصادي وتفشي فيروس كورونا الذي فرض على الاتحادات والأندية الرياضية سلسلة إجراءات بخصوص المباريات والبطولات نتيجة التعبئة العامة، وانعكس الانهيار الكبير لليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي خسائر مالية لهذه الأندية من ناحية المداخيل والرواتب والتعاقدات مع لاعبين أجانب في ظل احتجاز المصارف لأموال المودعين لديها وخصوصا حسابات العملة الصعبة.

وحول أهمية الرياضة في حياة الشباب وكيف أصبح هذا القطاع بعد كل الكوارث التي عصفت بلبنان في السنوات الماضية، يعلق حمد فتاح مدرب أحد النوادي: “تشير الدراسات إلى ان ٤٠٪ من اعراض الاكتئاب والقلق سببها عدم ممارسة أي نشاط رياضي. فما بالك من شعب بلده يملك تاريخا طويلا من المشاكل والحروب والازمات ولا تزال مستمرة حتى الآن، مقابل تراجع النشاط الرياضي خلال ازمة كورونا وتوقف بعضها بسبب الازمة الاقتصادية الخانقة، فكيف إذا هي نفسية الشباب اللبناني اليوم؟”.

ويضيف: “خلال فترة المراهقة يجب تشجيع الشباب على ممارسة الرياضة، لما لها من فوائد على الصحة البدنية والعقلية، فهي تساعد الفرد على التحكم بمشاعره وسلوكياته، ولكونها مصدر إلهاء فهي تساهم في التخفيف من التوتر وتفريغ طاقات الشباب، والتغلب على نزعة العنف لديهم، فضلا عن التحفيز والتدريب لتحقيق الفوز والمراكز الأولى، إذا فهي عنصر مهم في تكوين الشخصية”.

سوء الإدارة وضعف التمويل

وعلى صعيد الرياضة اللبنانية والازمة التي أثرت فيها، يقول فتاح: “مشاكل القطاع الرياضي ليست وليدة اليوم بل نتيجة تراكمات واهمال وتستند لعدة أسباب. ان غياب المسؤولية والكفاءة يعني غياب التخطيط فيصبح تحقيق النجاحات من الحالات النادرة، كما يؤثر سوء الإدارة سلبا في المستقبل الرياضي لأي ناشئ يسعى لتطوير نفسه لعدم وجود مراكز لتطوير القدرات والمهارات”.

ويوضح: “اما ضعف التمويل فهو يمثل مشكلة كبيرة لأن ميزانيّة وزارة الشباب والرياضة في لبنان لا تتجاوز الخمسة مليارات ليرة، مما يجعل الوزارة عاجزة عن دعم الرياضات على اختلافها اذ تعتبر اقل من ميزانية الكثير من الأندية. وتطور الرياضة مرتبط بالاستثمارات التي هي مرتبطة بالأمن والأمان وهما شبه معدومتين في لبنان، وان توفرت الأموال فهي معرضة للسرقة والهدر في بعض الأحيان”.

ولدى الحديث عن الرياضة اللبنانية يجب التكلم عن الطائفية، ويرى حمد انها تعيق تطورها في الكثير من الأوقات.

الهروب إلى الطبيعة

وفي ظل تراجع القطاع الرياضي واشتداد الأزمة الاقتصادية وانتشار فيروس كورونا الذي أدى الى إجراءات صارمة فرضتها الدولة، نشطت رياضة “الهايكينغ” وانتشرت بشكل كبير بين اللبنانيين وذلك لطبيعة لبنان المميزة وكثرة الجبال والمساحات الخضراء وانتشارها في مختلف المناطق اللبنانية.

ويقول زياد البلوز أحد مؤسسي مجموعة “Mazboud Running Club”: “هذه الرياضة هي رياضة المشي بين الطبيعة ولا تحتاج لتجهيزات او معدات كثيرة لكنها تعتمد على القدمين لأنها تحتاج الى لياقة بدنية. وكثر الاقبال على هذه الرياضة خلال هذه الفترة نظرا لكلفتها المنخفضة مقارنة بالذهاب للمطاعم او المنتجعات، ولعدم القدرة على السفر والسياحة الخارجية لذا شكلت هذه الرياضة بديلا عن ذلك لكونها سياحة داخلية”. ويضيف: “المميز بهذه الرياضة أنها تقوي العلاقات والروابط بين الناس وتقربهم من بعض، إضافة الى ذلك تلعب دورا هاما في التخفيف من الاكتئاب من خلال رؤية المناظر الطبيعية والترويح عن النفس”.

استنادا لما تقدم، تظهر أهمية الرياضة بالنسبة للشباب وواقع هذا القطاع اليوم خلال الازمات التي نعيشها، لذا نتوجه الى المعنيين والمسؤولين بالسؤال: الى متى ستبقى الرياضة اللبنانية مظلومة وفي أسفل سلم الاهتمامات والأولويات؟!.

شارك المقال