أخلوا الملاعب لشباب لبنان!

سامي كميل طانيوس

لا تكاد تنتهي أزمة في لبنان حتى تحلّ أخرى، هذه هي الحال في وطنٍ يفقد أبناؤه حبّ الحياة يوماً بعد يوم. من أزمة الدواء إلى أزمة المحروقات مروراً بأزمات الرغيف والغاز وغيرها… كلّها أزمات ترخي بثقلها على المواطن الذي لم تعد لديه القدرة على التحمّل. اللبنانيون اليوم، ولا سيما الشباب منهم، مثقلون بهموم معيشية أنهكتهم وجعلتهم يركضون وراء تأمين أبسط مقومات الحياة.

في ظلّ كلّ الأزمات المستفحلة، لجأت الفئات الشابة إلى الهروب من زحمة الحياة اليومية، فوجدت في الرياضة خير وسيلة للترفيه والترفع عن الهموم الكثيرة، ولو قليلاً. “الرياضة جزء هام من حياتي اليومية. أذهب إلى الملعب يومياً كي أمارس هوايتي وأنمي مهاراتي”، يقول سعيد (22 عاماً)، عضو فريق كرة القدم في أحد الاندية الجامعية. وعند سؤالنا عن إيجابية ممارسة الرياضة وسط الأوضاع المعيشية الصعبة، يجيب سعيد: “لو لم أكن أمارس الرياضة يومياً، لكان انتابني اليأس كل ليلة. بالنسبة إلي، الرياضة ضرورة ليس للحفاظ على الصحة البدنية فحسب بل على الصحة النفسية أيضاً، وبالأخص في أيامنا هذه”.

تشكل الرياضة جزءاً هاماً من هوايات الشباب اللبناني الذي يبرع في ممارسة العديد من أنواعها. وفي لبنان هامش واسع للألعاب الرياضية؛ إذ لا تكاد تخلو منطقة لبنانية واحدة من نادٍ رياضي أو ملعب كبير يصلح لممارسة كرة القدم أو كرة السلة، أو طرقات للركوب على الدراجات الهوائية. كما أن التنوع المناخي أتاح تنوع الانشطة الرياضية من الكرة الطائرة الشاطئية والسباحة ورياضة التسلق التي تنشط صيفاً إلى رياضة التزلج على قمم لبنان الناصعة شتاءً، بالإضافة إلى رياضات أخرى. هذا الوفر في النشاطات الرياضية يتيح فرصة لشباب لبنان للتمويه و”تغيير الجو” وأخذ جرعة حماسة وأمل تحدث كوّة في جدار الإحباط واليأس.

علاوة على ممارسة الرياضة، يجد الشباب متنفساً في متابعة الانشطة الرياضية حول العالم وأخبار المنتخبات العالمية كما اللبنانية. “أتابع بشكل متواصل أخبار المنتخب الاولمبي اللبناني لكرة القدم في بطولة غرب آسيا”، يقول الياس (19 سنة). “أستمتع بمشاهدة المباراة مع أصدقائي، إنها تخرجنا من الجو المحبط الذي نعيشه كل يوم”، مضيفاً: “أطمح إلى تمثيل لبنان يوماً في مباراة دولية”. 

ففي وقتٍ يتجنّب فيه اللبنانيون حضور نشرات الأخبار، أصبحت المباريات المحلية والعالمية أنسب ما يمكن مشاهدته على شاشات التلفزة للابتعاد عن الأجواء السلبية. يرى شباب لبنان في الرياضة متنفساً لهم، يمارسونها مع أصدقائهم ويتابعون أخبارها علّ ذلك يخفّف من يومياتهم الحزينة. 

الرياضة ليست فقط للتسلية والترفيه، إنّها تُكسب أيضاً من يمارسها روحاً رياضيةً تمكنه من الاعتراف بالخسارة وتشجيع الآخرين وتقبل ربحهم. أليس هذا ما يحتاجه المسؤولون في وطننا؟! إنّهم عاجزون عن تقبل خساراتهم وفشلهم الفادح في إدارة الدولة على مدى مواسم، ولا يقرّون بهزيمتهم ويرفضون تخلية الملاعب للكفاءات التي ربحت جولات عدّة عليهم. 

لبنان بحاجة إلى الروح الرياضية، هذا ما يفتقده السياسيون إنّما يمتلكه الشباب. فأيها الساسة المحترمون، أخلوا ملاعب الإدارة لمنتخب شباب لبنان!

شارك المقال