منذ بدء احتجاجات تشرين الأول 2019، التي شكلت فيها فئة الشباب الغالبية الساحقة من المحتجين، وبعد استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، لم ترضخ الدولة لبقية مطالب المتظاهرين باستقالة جميع من في السلطة بدءاً من “رئيس الجمهورية” حتى آخر مسؤول فيها، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة.
واليوم قبل أشهر قليلة من انتخابات 2022، يتخوف كثير من الشباب من عدم إجراء الانتخابات في موعدها، وان كان الشباب سيشاركون فيها خصوصاً بعد ارتفاع نسب الهجرة في صفوفهم، فأصوات الناخبين والناخبات المقترعين للمرة الأولى سيكون لها تأثير كبير، ومقاطعة العملية الانتخابية سيصبّ لمصلحة الأحزاب الحاكمة منذ عشرات السنين. في ظل وجود مرشحين للسلطة الحاكمة ومستقلين أصحاب خلفية حزبية يسعون لتقديم أنفسهم بعيداً من فساد أحزابهم وإخفاقاتهم في إدارة البلاد، يسعى الزعماء السياسيون إلى الفوز بأكبر عدد من المقاعد في المجلس النيابي في ظل التنافس الشرس والحاد بين الأطراف السياسيين مع تراجع شعبية بعضهم.
وهنا نسأل ماذا تعني الانتخابات للشباب؟
ويرى إبراهيم نجم الدين، الطالب في كلية الحقوق والعلوم السياسية والناشط السياسي، في تصريح لـ”لبنان الكبير”، أن التغيير قد يحصل من طريق المشاركة في الاستحقاق الانتخابي.
ويقول نجم الدين: “الانتخاب حق طبيعي من حقوق الإنسان وقد كفلته المواثيق الدولية. ويعطي الدستور اللبناني المواطن الحق بالانتخاب في حال توافرت فيه شروط معينة فهو حق متاح لكل فرد اتم ٢١ من عمره متمتعا بجميع حقوقه المدنية”.
نحن في لبنان نشهد أزمة في النظام، واتفاق الطائف لم يحل المشكلة بل ساهم في تأجيج الطائفية بدلاً من توحيد اللبنانيين، فالمشاركة في الانتخابات مهمة وضرورية إضافة الى حسن الاختيار وعدم انتخاب الطبقة السياسية الحاكمة التي اوصلتنا الى الانهيار. منذ عام 1990 حتى يومنا هذا، من ترشحوا للانتخابات من فئة الشباب يمكن عدّهم على أصابع اليد الواحدة، والموجودون هم نتاج التوريث السياسي.
وحدّدت الأمم المتحدة فئة الشباب من تراوح أعمارهم ما بين ١٨ و٣٥ عاما، وهي وسعت هذه الفئة من اجل اتاحة فرصة الوجود لهم أكثر في الحياة الاجتماعية والسياسية، فعلى سبيل المثال من أصل ١٢٨ نائبا في البرلمان اللبناني ٣ أو ٤ منهم من فئة الشباب وهم نتاج وراثة سياسية ولا يمثلون تطلعات باقي الشباب اللبناني.
ويضيف نجم الدين: “بالنسبة إلي كشاب في سنّ الـ21 هذه تجربة جديدة، خصوصا ان هذه المرة الأولى التي أمارس فيها حقي بالانتخاب، الحق الذي كفله الدستور بالتعبير عن رأيي بحرية واختيار شخص يمثلني في مجلس النواب يتخذ القرارات التي تسعى لتحسين أوضاع البلاد. لذلك امر مهم ان يمارس الشباب حقهم في الاقتراع من اجل العمل على احداث تغيير، إضافة الى ترشحهم للبرلمان”.
العديد من الدول الغربية المتطورة ألزمت وجود نسبة معينة في أي حزب من الشباب والنساء وتشدّد على أهمية وجودهم ضمن البرلمان لما لهم من طاقات وأفكار وحماسة واندفاع. للأسف في لبنان، وبدلا من تشجيع الشباب على ممارسة حقهم في الترشح للانتخابات البلدية او النيابية يتم تدمير آمالهم.
ان مشاركة الشباب في الانتخابات ضرورية ومهمة من خلال اتخاذ القرارات والبرامج المناسبة لأنهم الوجه المقبل للبلاد بعد الدمار الذي حل في مختلف القطاعات والذي كان نتاج الاختيارات والممارسات السيئة والخاطئة في السنوات الماضية.
على الرغم من أهمية مشاركة الشباب في الانتخابات ترشحاً أو اقتراعاً، كيف سيكون إقبالهم على هذا الاستحقاق؟!