استحقاقٌ لا بد منه!

فراس خدّاج
فراس خدّاج

عندما نتحدث عن الانتخابات، نتحدث أيضاً عن اللعبة الديموقراطية في الحياة العامة والتي تعد الركيزة الأساسية لأي مجتمعٍ حديث. فعلى الرغم من إصرار بعض القوى السياسية على عدم إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، حدّد المجلس النيابي السابع والعشرين من آذار 2022 موعداً لهذا الاستحقاق. فماذا تمثل الانتخابات النيابية الحالية بالنسبة إلى الشباب اللبناني؟ وفي حال أجريت في موعدها، هل ستُحقق التغيير المنشود الذي طالبوا به؟ أو سيعيد إنتاج الطغمة السياسية الحاكمة، على وقع العوَز؟

وكما هو متوقع، بدأ السباق الانتخابي باكراً وكانت أحداث الطيونة الفصل الأول منه، لتظهر عدم الحماسة الشعبية للمشاركة في الاستحقاق، وتُبرز أيضاً أسباب كثيرة تقف خلف الإحباط والرفض للشاب اللبناني الإدلاء بصوته وممارسة حقه الديموقراطي. وعلى الرغم من وصف الانتخابات بـ”المفصلية” لجهة القضايا المطروحة كالتغيير والإصلاح في الدولة، ووصول وجوه سياسية جديدة، وتفعيل دور الشباب في الحياة السياسية، لكن أصبح من الصعب تحفيز الشباب على المشاركة في الانتخابات ولو كان التغيير أمراً ممكناً حصوله، لكن على الشاب اللبناني المشاركة الفعلية في إحداث التغيير من خلال صوته.

أما في حال حصول الانتخابات ولم يعِقها أي خلافٍ سياسي، فإن الشباب اللبناني بعد أحداث 17 تشرين أصبح واعياً لحقوقه المدنية والسياسية، ومدى أهمية التغيير الوطني للكارثة الحياتية التي ابتُلي بها، لذا يتحتّم عليه المشاركة في المعركة الانتخابية المقبلة. وكل ذلك على الرغم من اقتناع كثيرين أن التغيير صعب في ظل التدخلات السياسية المحلية والدولية، والتي كانت قد أخذت من قضاياهم وأوجاعهم “شمعات” لاستغلالها لمصالحهم الضيقة وأطماعهم اللامتناهية…

وأصبح من المعلوم استخدام الطبقة السياسية “الفاقدة للشرعية” الشباب اللبناني وقوداً لنيران خلافاتها، وهي تعمل جاهدةً على عدم ترك أي فرصة لإخضاع اللبنانيين إلا وتستغلّها. لذلك، نحن أمام صراعٍ فكريّ بين النظام “التقليدي” ونظام “الشباب اللبناني” الذي أُدخل الى البلاد عبر أفكارهم وتطلعاتهم الحديثة، التي تليق بهم للحاضر والمستقبل. لكن حتى الآن، لم نجد أي تجانسٍ حقيقي بين الشباب اللبناني والسلطة، التي ترى فيهم خطراً كبيراً على كراسيهم…

من هنا تبرز أهمية “الانتخابات” لدى اللبناني وبخاصة لجهة إعادة تكوين السلطة الشرعية النابعة من الشعب والى الشعب، وتنقذ ما تبقى من البلاد. فالأرقام الصادمة لهجرة الشباب اللبناني تنذر بخطورة الوضع الذي سيسود لبنان، أي مجتمع قائم على التصلّب، والانغلاق، إلى حد الجاهلية…

وعليه، فأهلاً وسهلاً بكم في لبنانستان الذي يحيط به السواد من كل حدب وصوب!

شارك المقال