“النقطة” الخليجية على لبنان!

فراس خدّاج
فراس خدّاج

يبدو أن اللبنانيين قد اعتادوا النكسات المتوالية في الآونة الأخيرة، فهذه المرة نكسةٌ تختلف عن سابقاتها تُصيب البلاد في الصميم كنا في غنى عنها حالياً، هي الأزمة الديبلوماسية التي طالت العلاقات اللبنانية – السعودية. لمن لا يعلم شيئاً عن عمق العلاقة التاريخية مع المملكة، علينا أن نخبره بطريقة مختصرة عن العلاقة اللبنانية – السعودية، وما بلغته في أحسن أحوالها؟! وماذا حل بالعلاقة اليوم؟

تعود العلاقات اللبنانية – السعودية إلى ما قبل استقلال لبنان، عندما استعانت دولة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود بالخبراء والمستشارين وأصحاب الفكر والإدارة اللبنانيين الذين وصلوا الى مراكز متقدمة في الديوان الملكي وكان أبرزهم ابن بلدة عبيه اللبنانية فؤاد حمزة، أحد مستشاري الملك الذي أمضى عقودا في العمل السياسي السعودي. كما زار المملكة الكثير من الشخصيات السياسية اللبنانية الكبيرة، كمال جنبلاط وكميل شمعون، وشددوا على ضرورة التعاون والتعاضد بين البلدين. ومع مرور السنين، ترسخت العلاقة الثنائية شيئاً فشيئاً، وأصبح اللبنانيون يعملون ويعيشون في السعودية كأنها بلدهم الثاني، ووجد السعوديون أيضاً في لبنان وطنهم الثاني حيث يعيشون ويستثمرون مثلهم مثل أي لبناني.

ولا يمكن أن ننسى الدور السعودي في إبرام اتفاقية وقف الحرب اللبنانية وإنهاء جميع فصول الاقتتال الداخلي، وصولاً الى إقرار الوثيقة الوطنية اللبنانية المعروفة باسم “الطائف” وأكدت عروبة لبنان. وقد بلغت العلاقة ذروتها من الازدهار، وكان عراب المرحلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، نشّط فيها كافة القطاعات الاقتصادية أبرزها السياحة والخدمات، وحركة الاستثمار، وحركات التصدير والاستيراد منها المنتجات الزراعية وغيرها…

لكن في ظل الصراعات الإقليمية وتطوراتها وانعكاساتها على علاقات البلدين، برز الخطاب السياسي المعادي للسعودية في الكثير من القضايا، وخلقت أزمة ديبلوماسية “غير مسبوقة” بين البلدين على خلفية تصريحات وزير الاعلام جورج قرداحي.

وفي هذا الإطار، قال شادي، الشاب اللبناني المقيم في السعودية: “بدايةً، المملكة العربية السعودية هي الملاذ الآمن لكل اللبنانيين ولكافة الشعوب العربية التي تعكس الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وتمنح فرصة لكل طالب عمل بحسب خبرته وكفاءته”. وعن تصريحات وزير الإعلام وموقف الجالية اللبنانية هناك؟ أجاب شادي: “تسبّب وزير الإعلام جورج قرداحي بتصريحاته الموالية للمشروع الإيراني، بإحراج كبير للجالية اللبنانية تجاه مجتمعٍ لم نرَ منه إلا الخير والمحبة والاحتضان. وأكّد ذلك الموقف الكبير لحكومة المملكة التي عبرت عن تقديرها واحترامها لأفراد الجالية ومصالحهم بغض النظر عن موقف الحكومة اللبنانية وتصريحات أعضائها المسيء”.

وختم شادي: “اناشد الحكومة اللبنانية اعتبار مصالح اللبنانيين ضمن أولوياتها، وعدم ربط لبنان بالمحور الإيراني، لأنه حيث يحل هذا المشروع تحلّ المشاكل والحروب”.

وعلى أمل عودة المياه إلى مجاريها بين البلدين، سؤالٌ برسم المسؤولين الحكوميين، هل خرج لبنان وحكومته الحالية بعيداً من الحضن العربي؟! وماذا ستكون تداعيات هذا الخروج على البلاد في المستقبل القريب؟!

شارك المقال