نكسة جديدة للعهد مع بداية عامه الأخير

حسين زياد منصور

في ٣١ تشرين الأول 2021، طوى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون السنة الخامسة من حكمه لتبدأ السنة الأخيرة بانفجار ديبلوماسي كبير غير مسبوق في العلاقات الديبلوماسية اللبنانية – السعودية.

هذا الانفجار جاء نتيجة عدم اتخاذ لبنان الإجراءات التي طالبت بها المملكة من منع التهريب ومعاقبة ومحاكمة المسؤولين عنه او تسليم المطلوبين للمملكة وهذا يخالف اتفاقية الرياض للتعاون القضائي، إلى مواقف وزير الخارجية السابق شربل وهبة والحالي عبد الله بوحبيب ووزير الاعلام جورج قرداحي. فالعقوبات السعودية والخليجية التي يتعرض لها لبنان يجب النظر اليها من زاوية العلاقة بين الرياض وطهران ومسار مفاوضات الملف النووي، اذ يعتبر الفريقان لبنان ورقة ضغط رابحة في هذا الملف.

إعلان السعودية وقف الواردات اللبنانية، ضربة اقتصادية جديدة تُضاف إلى سجل العهد العوني، وهذا القرار ليس الأول ففي نيسان الماضي اتخذت السعودية قراراً مماثلاً بعد ضبط “شحنة الرمان”، فتم منع دخول الخضار والفواكه اللبنانية إلى المملكة أو العبور من أراضيها، في حين لا بديل من أسواق الخليج لتصدير المنتوجات اللبنانية، وعدم وجود دول حاضرة لاستيراد هذه المنتجات بالمواصفات التي تمتلكها. فالصادرات الزراعية الى دول الخليج تساهم في استمرارية القطاع الزراعي وتنعش الاقتصاد والسوق المحليّة.

ووفق بعض المصادر والإحصائيات، فإن السعودية ودول الخليج تستورد ما يعادل١٧٣.٣ ألف طن، أي ٥٥.٤٪ من إجمالي صادرات لبنان من الخضار والفاكهة، وتقدر الخسارة السنوية جرّاء هذه القرارات 92 مليون دولار أي ما يوازي 250 ألف دولار يومياً.

وحول التطورات الأخيرة بين لبنان والخليج العربي، يأسف ربيع الأمين رئيس مجلس التنفيذيين اللبنانيين “لما آلت اليه العلاقات اللبنانية – السعودية بعد ان كانت في أوجها خلال فترة حكم الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وبدأت التراجع بشكل واضح وكبير منذ اغتياله حتى اليوم، وتدهورت على مختلف الأصعدة، السياحية والإنمائية والاستثمارية ودعم الجيش اللبناني وبرامج إعادة الاعمار، والتي تأثرت بسبب سوء العلاقة بين الطرفين”.

ويضيف: “أصبح اللبناني المقيم في المملكة عرضة لنوع من الاشمئزاز بسبب عدم مراعاة القيادة اللبنانية لأهمية العلاقة بين لبنان والمملكة العربية السعودية وحساسية المواقف. هذه العلاقة التي كانت ممتازة، من الطبيعي أن تتراجع وتصل الى ما نحن عليه الآن، فلا السعوديون ولا اللبنانيون يرضون أن يتم استهداف ومهاجمة بلادهم أمنيا أو سياسيا أو إعلاميا، فاللبنانيون المقيمون هناك في موقف لا يحسدون عليه”.

ويتابع الأمين: “لم تضيّق الحكومة السعودية الخناق على اللبنانيين بل عاملت جميع المقيمين لديها بالتساوي، لهم حقوق وعليهم واجبات. والبيان الذي ابدت فيه المملكة استياءها من التصريحات وما وصلت اليها الأمور والإجراءات الحازمة التي اتخذتها بحق لبنان من سحب سفيرها في بيروت وإبعاد السفير اللبناني من البلاد، كانت حريصة على ايصال رسالة الى المقيمين لتطمينهم على انه لن يطالهم اي شيء وسيظلون بين اخوانهم واهلهم وأنهم جزء من النسيج العربي الموجود في المملكة”.

لكن القلق يكمن لدى المغتربين على وطنهم لبنان وعلى المجريات وتأثيراتها في الاقتصاد اللبناني وفي الفرص التي من الممكن أن تتاح للشباب اللبناني في المستقبل.

مقاربة جدية وجديدة

وأوضح الأمين: “نحن كجالية ومجلس تنفيذيين، تحركنا منذ اللحظة الأولى للأزمة كما في الازمات السابقة ونسعى الى جانب مجالس الاعمال الموجودة في أبو ظبي ودبي والكويت وهيئة تنمية العلاقات الاقتصادية الخليجية للقيام بتحرك جماعي وتنسيق لمواكبة الاحداث لكن امكاناتنا ضعيفة والازمة كبيرة”.

وعن مطالبنا المباشرة، قال: “استقالة الوزير قرداحي لكنها لن تحل المشكلة، فالأزمة أكبر وأعمق وعلى الدولة اللبنانية العمل على مقاربة سياسية جديدة لفتح حوار جديد مع الخليج العربي، مقاربة واحدة يكون الجميع في لبنان تحت سقفها. فهذه المقاربة ان لم تكن موجودة عند الحكومة فلن نحرز اي تقدم بل على العكس سننتقل من مشكلة الى اخرى والوضع من سيئ الى أسوأ”.

لبنان عربي الهوية والانتماء… هذا ما جاء في مقدمة الدستور اللبناني لكن ما يجري من أحداث تدفعنا للتشكيك في ذلك، فما هو الأقرب والأسهل تغيير هذه المقدمة والهوية والتاريخ، أم تغيير السياسة الحالية؟!

شارك المقال