مهمة صعبة للأخوة الأعداء لاستعادة المملكة

حسين زياد منصور

ربما يصح القول ان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ولدت ميتة، فمنذ تشكيلها في أيلول الماضي، واجهت مشاكل صعبة أظهرت عجزها، وظهر وزراؤها المنقذون بصورة الاخوة الأعداء بعد أن عمل بعضهم على تعطيل جلسات مجلس الوزراء بسبب الجدل الحاصل حول التحقيق في انفجار مرفأ بيروت بعد أن تقدم السياسيون المدعى عليهم بدعاوى ضد المحقق العدلي.

أما المشكلة الأخرى أو الضربة القاسية والمؤذية فكانت بسحب السعودية وبعض دول الخليج سفراءهم من بيروت، والطلب من السفراء اللبنانيين هناك مغادرة أراضيهم إضافة الى حظر كل الواردات اللبنانية، جراء تصريح للوزير جورج قرداحي في مقابلة بُثّت منذ أسابيع عبر منصة تابعة لشبكة الجزيرة القطرية كانت قد سجلت قبل تسميته وزيرا للإعلام.

اذ جاءت هذه الأزمة في وقت غير مناسب، فالحكومة كانت تسعى لإعادة ترتيب أوراقها مع دول الخليج العربي بغية الحصول على الدعم المالي للخروج من المحنة الاقتصادية الصعبة، فالعلاقة مع الخليج العربي وخصوصا المملكة العربية السعودية شهدت فتوراً منذ بدء العهد البرتقالي مع تولي العماد عون رئاسة الجمهورية وتعاظم دور حزب الله في الحكم والذي تعتبره المملكة أداة تنفذ سياسة وأهداف إيران.

هذا الخلاف مع دول الخليج العربي يعتبر الأسوأ في تاريخ العلاقة بين لبنان وهذه الدول، ووضع لبنان في عزلة عربية وقطيعة خليجية. وبين من يعتبر هذه العزلة والقطيعة اقصاء وسلخ لبنان عن محيطه وهويته العربية، يرى البعض أن ما يجري هو حفاظ على شرف وسيادة للوطن، ويبرز التباين في مواقف وزراء الإنقاذ أنفسهم، مع تأكيد الحكومة اللبنانية حرصها على الحفاظ على العلاقات مع دول الخليج وابقاء لبنان في الصف العربي. 

وفي حين وصلت السعودية الى خلاصة بصعوبة التعامل مع لبنان في ظل هيمنة حزب الله على القرار السياسي وعدم اجراء تغيير حقيقي وتطبيق الإصلاحات الضرورية، ووصف وزير الخارجية السعودي التعامل مع حكومة بيروت “فاقدا للجدوى”، أشار الرئيس نجيب ميقاتي الى خطة لمعالجة العلاقة مع دول مجلس التعاون الخليجي للخروج من الأزمة وعدم ترك الملف أكثر من ذلك خوفا من تفاقم النتائج، وأكد وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب بقاء الحكومة بدعم دولي وتمسك أميركي وفرنسي. 

حل الأزمة اللبنانية الخليجية قد يكون مفتاحا لوضع حلول للأزمة اللبنانية، وحول الإجراءات التي يجب ان تتخذها حكومة ميقاتي، يقول الكاتب الصحافي “شادي نشابة” لـ”للبنان الكبير”: “إن الأزمة مع الخليج أكبر وأعمق بكثير من تصريح جورج قرداحي، هناك خطوات كثيرة يجب اتخاذها من اجل عودة الحد الأدنى للعلاقات مع دول الخليج العربي، بداية استقالة الوزير قرداحي، وتخفيف حدة الخطاب السياسي ووضع ميثاق داخلي بعدم التصريح او التدخل في الملف اليمني ليس فقط من الحكومة بل من الافرقاء السياسيين كافة، أي الحياد بهذا الملف. ووضع خطة فاعلة لضبط المرفأ والمطار واتخاذ إجراءات جدية وصارمة لوقف تهريب المخدرات. إضافة الى اقفال معسكرات تدريب اليمنيين في البلاد، وهو اجراء جريء على الحكومة القيام به بالتنسيق مع حزب الله”.

ويختم نشابة: “هذه الخطوات والاجراءات تساعد على توفير الحد الأدنى لعودة العلاقات اللبنانية الخليجية على الأقل خلال المرحلة الحالية، وفي مراحل لاحقة هناك خطوات أخرى، لكن لا أعتقد ان الحكومة الحالية قادرة على الوصول لتلك المراحل واتخاذ هذه الخطوات. لكن ان وصلنا لتلك المرحلة، قد تكون الأمور قد أصبحت أكثر وضوحا في الملف الداخلي اللبناني والملف اليمني لأن الأمور معقدة وضائعة بين التسويات السياسية في المنطقة”.

ختاما، ان انكفاء المملكة العربية السعودية عن لبنان يعطي تركيا الضوء الأخضر للعب دور المدافعة والحامية عن السنة، هذا الدور الذي يروج له أنصار انقرة منذ مدة على انه الحل لإعادة التوازن في ظل الهيمنة الإيرانية.

فهل ستجد الحكومة اللبنانية السبيل الآمن للعودة إلى حضن الخليج العربي أم أن “السلطنة التركية” ستكون الحل المقبل؟!

شارك المقال